حوار مع “رُدَيْنَـة آسْيَا ” – اجرى الحوار : : الاستاذ انيس ابراهيم عوض

فن وثقافة ….
بقلم : أنيس ابراهيم عوض ..
إشراف الدكتور : عبد الله عمر الخطيب
المقدمـــة
بين معاناة قلة الكتابات النسوية في عالم الشعر والأدب وعلى خريطة الشعر المحلي بزغت الشاعرة رُدينة آسيا متحدية العقبات الأدبية لتقف شامخة على منصة الإبداع الخاص بهذا النوع من الكتابات النثرية والشعرية، وعلى إثر ما يشغله الأدب الأردنيّ من قلة ناشريه ، وصراع انفتاح تقنيات التواصل الاجتماعي التي أصبحت تؤثر سلبا أو إيجابا على رواج النصوص غثها وسمينها ما أضاف عبئاً على التمييز بين النصوص لتحديد الجنس والنوع والقيمة الجمالية والأدبية الحقّة، فاستطاعت رُدينة أن تثبت قوة ما تحمله من إبداعٍ أدبيّ وترانيم شعريّة مزجت الفن فيه لتنثر لنا ما أفاضت من همّها للقضية الإنسانية والسعادة الروحية.

قمت بعقد مقابلة شخصية مع الأديبة رُدينة لنتعرف عليها أكثر وتقص لنا تجربتها وعلى ذلك ،
وعقباتها خلال مسيرتها الأدبية .
أتمنى أن يثري هذا اللقاء شغف أدبكم وإصرار عزيمتكم لها .

إليكم…
حوار الحديث الذي طرح على الأديبة “ردينة آسيا” :
-السؤال الأول: حدثينا عن حياتك الشخصية .
شاعرة وقاصة وفنانة تشكيلية ردينة آسيا، مواليد الكويت تمتد أصولي وتنحدر من قرية زيتا / عتيل (طولكرم) خريجة الجامعة الأردنية وأعمل في مجال التدريس، أعشق اللون والحرف فيمتزجان ليمثلان قالباً لشخصيتي ومرساةً لفكري، وإناء لمعتقدي الذي أعكسه لوناً وحرفاً.
– عضو اتحاد الكتاب والأدباء العرب .
-عضو رابطة الكتاب الأردنيين .
-أمين سر لجنة فلسطين في رابطة الكتاب الأردنيين.
-عضو جمعية ألوان للفن التشكيلي.

-السؤال الثاني: ما هي أهم أعمالك الأدبية وأفضل المحطات في مسيرتك الأدبية؟
بالنسبة لإصداراتي ربما تأخرتُ في إصدار أعمال الإيمان في أولويات أرتبها في حياتي فلا أحب أن يطغى جانب على آخر، حقيقةً ابتدأتُ بالنثر وشعر التفعيلة والشعر العمودي إلى أن تملكتني القصيدة العمودية لبحورها، فلم أستطع إلا مواكبة جمالها، فكتبت القصائد العمودية التي تنوعت مقاصدها من شعر صوفي ووطني وغزل عذري فكان مولدي الأول (في كفها حناء الشمس) وهو عبارة عن ديوان يتألف من مئة وأربعة وعشرين صفحة لاثنين وأربعين قصيدة عمودية، ابتدأت كل قصيدة بمقولة لمقولات الأدباء والسياسيين والمتصوفيين، ثم بعد هذا الديوان الذي أشهر في المكتبة الوطنية وكان مدعوماً من وزارة الثقافة الأردنية، تلى هذا الديوان مجموعة قصصية طبع الجزء الأول منها بعنوان (أرواح تهوى البنادق) هي قصص توثق مسيرة أبطال النضال في الوطن العربي ضد المحتل الغازي، وثقتُ فيها حياة البطلة المناضلة اللبنانية (سهى بشارة) والشهيد الفلسطيني ابن طولكرم(رائد الكرمي) وغيرها من رموز النضال في كل جزء آثرتُ أن أكتب عن شخصيتين، لم أُشهر هذه المجموعة في الوقت الحالي، لأن ديواني الأول (في كفها حناء الشمس) يستحق الاهتمام الأكثر الآن، ولدي مخطوطات بعنون (عتبات) ومخطوط آخر بعنوان (سخريات).

-السؤال الثالث: ما رؤيتك للمشهد الأدبي الأردني؟
أنت تعلم أخي أن الأدب الأردني مرَّ في مراحل منها ما كان في زمن الإمارة ومنها ما كان بين النكبة والنكسة ومنها ما كان بعد النكسة، التمازج الذي حدث في فترة ما بين النكسة والنكبة وما بعد النكسة خلق تمازجا بين الأدب الأردني والفلسطيني، فشكّل هوية جميلة، هذا الأدب إجمالاً فيه جماليات كثيرة وفيه أعمدة مميزة لكنه حقيقة في حاجة إلى الاهتمام، الأدب الأردني مهمل وسبب إهماله يرجع إلى أمور عديدة على الرغم من فوز العديد من الكتاب والأدباء والشعراء في بعض الجوائز خارج حدود المملكة، إلا أنه بحاجة إلى اهتمام، إذا قارناه بما يحيطه من أدب في الوطن العربي أو الأدب العالمي فالأدب الأردني لم يخرج من محليته، أو لم ينتشر بالشكل المطلوب خارج حدود الوطن، ربما ذلك يعود لأسباب، منها:
١- عدم نضوج الحركة الأدبية في الأردن، ممكن أن يكون سبباً .
٢- وكذلك دور النشر التي تأخذ الكتاب تطبعه لكنها لا تقوم بنشره وتعريف القُرَّاء بالكتَّاب على الرغم أنك تجد أن القارئ الأردني يستطيع أن يعرف الكثير من القراءات والنتاجات الأدبية خارج حدود الأردن، فيطلع على الأدب الروسي والفرنسي أو حتى المصري ولكنه مُقل الاطلاع على الأدب الأردني وذلك لأسباب ربما منها التقصير في النقل والنشر، والوضع المادي والاقتصادي، لذلك نجد عزوفا من القارئ الأردني على حضور الأمسيات الشعرية أو الندوات الثقافية والأدبية، وربما يرجع ذلك لانتشار مواقع الإنترنت، وأظن أن على الأديب أن يلجأ لمواقع التواصل لنشر نتاجه.

-السؤال الرابع: ما توصياتك حول الأدب في الأردن؟

1) على وزارة الثقافة دعم الكاتب الأردني أكثر من طبع كتابه والأهم من الطباعة، تعريف القارئ بما نشر من إصدارات وذلك من أجل أن يكون هناك نقطة اتصال بين القارئ والكاتب وحتى يصل نتاجه إلى القارئ.
2) نقد الحركة النقدية، في الأردن الحركة النقدية تحتاج إلى مزيد من النضوج والدراسة، فالناقد هنا لا ينتقد بالطريقة الصحيحة، ولا يقدم الكتاب الصحيح، وهو يتلقى أي كتاب فيقوم بنقده، أو يتلقى كتاب ولا يقوم بنقده بالطريقة البنائة .
3) يجب أن توضع ضوابط لمن يقدمون أنفسهم كشعراء وأدباء، فأصبحت المنابر مثلاً تتسع لمن هبَّ ودب وحتى آذى مسامع القراء، لذلك نجد أن هناك من يقول كَثُر الشعراء وقلً الشعر، وكثر الأدباء وقلَّ الأدب، فالأديب بحاجة لضوابط، فليس كل من قدم كتابا أديب، وليس كل من كتب قصيدة شاعر، وأنا أشكر هنا في هذا المقام رابطة الكتاب الأردنيين التي لا يصعد على منبرها إلا من كان كاتباً شاعراً وأديباً.
4) انتشار المنتديات الثقافية، هذه المنتديات أصبحت عبارة عن ما يسمى (كوفي شوب) عبارة عن أماكن فقط لقضاء الوقت، وإن قُدم كاتب لا يقدم إلا على سبيل الدعاية له، وانتقاد الأسماء بغير عناية، فأصبح فقط وجود الناس في المنتديات هذه فقط دعاية لهذه المنتديات، بغض النظر ماذا سوف يُقدم، فهذه نقطة تحسب على المنتديات وعلى وزارة الثقافة بالتعاون من وزارة الإعلام، التعاون معاً في سبيل إظهار الأدب الأردني على شاشة التلفاز والإذاعة من أجل الرقي بالمشهد الثقافي وأن يعود للمشهد الثقافي الأردني.

-السؤال الخامس: ما دور رابطة الكتاب الأردنيين في دعم الأدباء ؟
طبعا كما تعلم أن الرابطة تم تأسيسها في منتصف السبعينيات وكانت الرابطة قد أسست مرافقة للعمل السياسي من مثقفين وكتّاب، وتم تأسيسها في فترة الأحكام العرفية، إلا أن التيارات السياسية في الرابطة، حقيقة أرخت ظلالها بطريقة غير مريحة في بعض الأحيان على أجواء الرابطة، مما جعلنا نبتعد عن المربع الأصلي الذي من أجله أنشئت هذه الرابطة، الرابطة أنشئت لهدف ثقافي أدبي، ووجود السياسة في الرابطة جعلنا نهتم بالخلافات السياسة والتيارات السياسية في الرابطة، والابتعاد عن مربع الثقافة، وربما وجود التيارات السياسية في الرابطة ربما لأن فترة السبعينات والثمانينات كانت حاضنة للمثقفين المسيّسين أو السياسيين المثقفين، لكن الآن يوجد قانون أحزاب، الآن توجد أحزاب قانونية تأخذ دورها، لذلك أجد أنه من غير المناسب حقيقة أن تزج الرابطة بخلافات سياسية تفرق ولا توحد، الرابطة حقيقة تدعم قاعاتها بالمحاضرات والندوات لكن أظن أن عليها توسيع قاعدة الشريحة من العامة، يعني يجب أن يحضر هذه المحاضرات ليس فقط النخبة من المثقفين، بل يجب أن توسع دائرة الحضور إلى عامة الشعب وأن تستقطب خاصة الوجود الشبابي، كوننا مجتمع شباب، واستقطابهم بشتى الأساليب التي فيها مرونة، وطبعاً لا ننكر دور الرابطة في عقد الندوات والأُمسيات الشعرية وفي عقد المسابقات وعقد الجوائز، كجائزة حبيب الزيود وغير ذلك من شأنها رفع الذائقة الأدبية بما هو مفيد، الآن الرابطة أصبحت من اللجان الثقافية في مجمع النقابات وتسعى إن شاء الله إلى أن تكون نقابة بشكل رسمي تعطي الأديب والمثقف حقه وغير ذلك من حقوق، خاصة في الوقت الحالي، أتمنى للرابطة مزيداً من التوفيق لأنها تسير على الطريق الصحيح.

-السؤال السادس: قارني لنا بين الإنتاج الأدبي في الساحة الأردنية مع ما ينتج في الساحة العربية:
إذا أردنا أن نقارن الأدب الأردني مع الأدب العربي، أظن أننا بحاجة إلى أن نخطوا الخطوات الأوسع والقفزات الأعلى، فأنا لستُ راضية بما يقدمه الأدب الأردني مقارنة مع الأدب العربي، ولا أحب أن نكون في المصاف الأخيرة أو المتوسطة، أحب كامتزاج الأدب الفلسطيني والأردني أن نكون بمقدمة الأدباء، حقيقة في الآونة الأخيرة بعض الكتاب فازوا بجوائز كثيرة، كجائزة كتارا للرواية والشعر وجائزة الشيخ زايد، وكذلك مهرجان الإبداع الطفولي، وجائزة الدولة التقديرية، حتى أننا هنا نهتم لمهرجان جرش للشعر العربي الذي أظن أنه ينتقي الأسماء انتقاءً، في بعض الجوائز يتم انتقاء الأسماء انتقاءً، اللهم جائزة كتارا تتميز بالشفافية، وحتى يرقى الأدب الأردني لغيره من الأدب الموجود في الوطن العربي أظن أن هناك دورا لوزارة الثقافة كما قلت سابقاً، دور لدور النشر، ودور للحركة النقدية لتقديم الكاتب، أتخيل المسألة فقط مسألة إعلامية، إذا قُدم الكاتب الصحيح ودُعمَ من وزارة الثقافة ودور النشر والحركة النقدية فسوف يقدم لنا كاتب على مستوى عالي على مستوى الوطن العربي، فالمسألة مسألة إعلام، مع رفد الساحة الأدبية بما هو مهم، فالكاتب الذي تتميز موهبته يجب أن يقدم إعلامياً حتى يصل لمصاف الدول التي تُحيطنا.

-السؤال السابع: ما هو المأمول والمطموح لكِ في الثقافة والأدب على الساحة الأردنية والعربية؟
حقيقة أنا لدي رؤية مختلفة عن بعض الشعراء، أريد أن أبين ثلاثة جوانب في قصيدتي والتركيز عليها، فأسعى حقيقة لشعر غزلي راقٍ في مضمونه بعيداً عن الإسفاف، وأريد أن أثبت أن للمرأة مكنونات راقية تعبر عنها في العاطفة وأن لديها عاطفة تمازجها أحاسيس مرهفة في الأدب والأخلاق، وأريد كذلك لقصيدتي الوطنية أن ترسم ملامح الوطن بعيون أنثى ترى الوطن والمعشوق الأقرب إليها، أحاول في قصائدي إظهار قوة المناضل، وإصراره على التحرير، وانتقاد التخاذل العربي في نثر الفوضى، وفك اللِحمة بين أبناء الوطن والتواطؤ الرسمي في بيع فلسطين، حقيقة أسعى لإحياء ديواني بالأمسيات الثقافية والتعريف فيه في فترة أنا أظن حقاً أنني هضمت حق هذا الديوان ولم أعطه الوقت المناسب، وأسعى لنشر مجموعتي القصصية والتعريف برموز النضال العربي ضد المحتل الصهيوني وسرد حياتهم بطريقة أدبية تُعرف القارئ بشتى الأعمار عن هذه الرموز.

-الأنشطة:
-المشاركة في الأمسيات الأدبية والمعارض الفنية داخل وخارج الأردن.
-لها قناة على اليوتيوب ومنشورات على الجوال والمواقع الإلكترونية.

-نموذج شعري للكاتبة بعنوان (يا عاذلي) :

يا عاذلي في الهوى مالي أكابده
صب وخل يذيب القلب مبسمه

يا عاذلي في الهوى نجم يسامرني
بل طارق سابح في الفكر يلهمه

كفكف دموعاً فدمع العشق أغرقنا
كفكف جمانا بريق البعد أنجمه

أخيط حباً بنور البدر أغزله
ويلبس الوجد أشواقاً تتممه

مهلاً علينا فهذا الحسن أرقني
يسري بروحي وفكري بل وأرسمه

مهلاً فإنا سبايا الغشق يملكنا
وصلاً وهجراً وهذا المُلك يعصمه

الخاتمة.
وأنت أيها القارئ الجاد .. أيها الكاتب الخجول .. والناقد المتردد .. أما آن الأوان أن تشد رسغك وتلوح بـــه لتكتب الأدب الذي فيه الجَلل … وتشدّ عزائم فكرك لتنتقد بعلم وإخلاص !
كل منّا لديه الكاتب الصغير يعيش فيه، وما عليك إلا أن تتحرر من ثوب العبودية الفكرية وتنهض بها لوطنك لتضمه ضمة المشتاق لأمه ..!
قم للأدب الجليل ..!
واستمر ..