الفشر في طبيعة البشر – قلم : وليد رباح

أراء حرة  –

الفشر في طبيعة البشر : قلم : وليد رباح

كنا اربعة .. نجلس سويا في مقهى عربي بمدينة باترسون نشرب الشاي بتلذذ ونحكي قصص ايام زمان .. وبرز من بيننا عجوز جاوزالسبعين يحكي عن بطولاته ايام الشباب ويحلف اغلظ الايمان حتى كدنا نصدقه .. فمن قصصه انه صارع ضبعا كان يقض مضاجع القرية ويجعل الناس ينامون عند السادسة مساء .. ولا يجرؤ احدهم على الخروج بعد تلك الساعة .. والا فالضبع بانتظاره .. وكيف انه استدرج الضبع الى مغارة بعيدة بحجة انه ( مضبوع ) وانه سيقدم نفسه طعاما للضبع الجائع .. وعندما دخل الى المغارة قبيل الضبع استل سكينه ووقف بانتظاره وما ان دلف الضبع المغارة حتى غرس الرجل سكينه في رقبة الضبغ .. وأن الضبع توجع .. وصرخ وولول ثم ارتمى على ارض المغارة دون حراك .. وعندما سألناه اكان ذلك ليلا ام نهارا قال : قد كان الوقت عند منتصف الليل .. وسأله احدنا .. اذا ما كانت الدنيا ظلاما وفي منتصف الليل وداخل مغارة تبعد عن البلد ما يقرب الخمسة أميال .. فكيف رأيت الضبع وقد ارتمى على الارض دون حراك .. قال .. الفراسة يا ولد .. الذكاء .. ثم تابع .. لم اكتف بذلك .. بل سلخت جلد الضبع في ظلام الليل بسكيني وذهبت الى بيتي البس جلده تلاشيا للبرد الذي كان ينخر العظام .. وضحكنا جميعا

ومن قصصه ايضا .. انه ركب حصانه يوما وطارد غزالا شاردا كان يجوب القرية في عز الظهيرة .. وظل يطارده حتى غرس رمحه في بطن الغزال .. وعندما قال له احدنا وكان يعرفه جيدا .. ولكنك يا ابا ( .. .. ) لا تمتلك في بيتك غير حمار اعرج .. فمن اين اتيت بالحصان .. قال له : أنت حمار لا تفهم ولا تعرف شيئا
..
ومن روائع ما انتجه عقله ( المتفح) ) قوله : عندما تزوجت الثانية .. تلك التي ما تزال معي .. ( مصعت ) في ليلة الدخله رقبة ذئب ولم امصع رقبة قط كما يفعل الناس في بعض البلاد العربيه .. واضاف : معلوم .. حتى تحسب حسابي وتخافني ولا تجرؤ على محاسبتي .. وقاطعه احدنا .. كيف عثرت على الذئب .. قال : كان في جولة في القرية توطئة لسرقة دجاجاتها .. وديوكها .. فكمنت له في قن الدجاج حتى اذا مد ( بوزه ) لكي يلطش دجاجة اطلقت عليه النار من مسدس عيار (50) .. فقلنا له ليس هناك مسدس من عيار خمسين .. هناك عيار تسعه وماغنوم وسمث وويبلي وغيره .. قال .. هذا المسدس كنت قد اخترعته بنفسي .. فقد قصصت بارودة صواري وركبتها على سبطانة مسدس قديم فاصبح لدي مدفع رصاصته تفتح في جسد الضحية حفرة بعرض خمسين سنتمترا .. وضحكنا .. وضحكنا
..
ثم انتقل الحديث الى آخر وكان موضوعيا فقال : الحقيقه يا جماعه انا كنت اخاف زوجتي .. وما زلت اخافها حتى اليوم .. فهي سليطة اللسان لا يقر لها قرار الا ان تراني منكدا حزينا ولذا فانك تراني اهرب من وجهها الى المقهى ..

الثالث قال : رفقا بنا يا جماعه .. والله العظيم تشقق سقف المقهى من الكذب .. وعندما نظروا الى جميعا حاولت ان افهمهم انني التقط اللحظة فأسويها مقالا يقرؤه الناس .. ولم ازد على ذلك ..
وفي اثناء حديثنا وسكوتنا جاءت زوجة الاول .. ذلك الرجل الذي مصع رقبة الذئب في ليلة دخلته وكانت تصغره بعشرين عاما على الاقل .. ووقفت باب المقهى وقالت : تعال هنا يا مقصوف الرقبه .. منذ ثلاثين عاما وانا اصب على رأسك كأسا من الماء في الصباح لكي تستفيق .. وتغرب عن وجهي .. أما آن لك ان تدرك ان اكداسا من الطناجر والحلل بانتظارك منذ الظهيرة .. لكي تغسلها .. وحفيدك يملآ البيت صراخا ويبدو انه ( عملها ) تحته لكي تعطيه( بامبرز ) جديد .. اين شهامتك يا رجل .. الا تمل من هؤلاء الزعران الذين تجلس معهم ..
انسحب الرجل بهدوء امامها مثل الارنب .. اما نحن فقد تملكنا الضحك .. حتى وقع احدنا عن كرسيه واخذ ( يركل ) الارض بقدميه .. تشفيا .