الشباب العربي ورحلة الاقامة الدائمة في امريكا – بقلم : وليد رباح

الجالية العربية ……
بقلم : وليد رباح – نيوجرسي ….
وددت أن يكون هذا الموضوع جاداً.. ولكني بعد تفكير قررت أن يكون هزلياً وجاداً في الوقت نفسه.. فجنة أمريكا التي رسمناها في عقولنا منذ الصغر.. تتحول اليوم إلى كابوس يخيفنا.. فورد الشباب الذي ينبع من وجوه شباب العرب الذين يسعفهم الحظ بالحصول على الفيزا لدخول أمريكا ويجابهون عنتا في الحصول على الإقامة.. يضطرون للجوء إلى قوانين ضد الطبيعة.. فماذا نفعل؟
سر بنا يا صديقي القارئ قليلاً لمشاهدة هذا المنظر : امرأة يبلغ وزنها ثلاثمائة باوند على الأقل.. تسير في الشارع متكئة على ذراع شاب في سن أولاد أولادها.. ينقلها من مكان إلى آخر بكل عناية خيفة أن تقع وتنكسر رقبتها.. يسهر معها ليلا في أحسن المطاعم (طبعا على حسابها) تحيطه بعناية فائقة وتطعمه كما تطعم الدجاجة فراخها.. تخاف عليه من الريح إذا هبت.. ومن النسيم إن مر على جبهته.. تغار عليه من نفسه..وتحيطه بكل أنواع العناية خيفة أن يطير من يدها.. ويحتمل الشاب كل ذلك من أجل عيون (الجرين كارد) الذي أصبح هاجس من لا يمتلكه.
وصورة أخرى: أنت شاب يافع تنام قرب عجوز شمطاء ..يعلو شخيرها إلى السماء بفعل وجبة الطعام الدسمة التي زادت وزنها ثلاث باوندات أخرى.. فشخرت ونخرت ووضعت يدها على رقبتك تتحسسها خشية أن تطير إلى عالم آخر .. تتفرس في وجهها باهتمام.. تلعن البلد الذي هاجرت منه والبلد الذي أنت مقيم فيه.. هذا اللحم الذي (يمغط) مثل العلكة على البلاط أيام الصيف المريعة.. وهذه الذراع التي تقيسها فإذا بها أعرض وأتخن من وسطك المياس الذي كنت تباهي به أقرانك.. وذلك الوجه المتهدل الذي حفرت فيه السنون وديانا وغدا متشققا كالأرض العطشى.. هذا (العجز) الذي أن (أخرج ريحا) فسيعم العالم الخراب وتنتشر أسلحة الدمار الشامل عبر البيت.. فلا تملك إلا أن ترضى بالعقوبات التي تفرضها هيئة الأمم المتحدة متدين المظلوم وتعفو عن الظالم .. هاتان العينان التي تنام صاحبتهما بإحداهما أما الأخرى فتظل مفتوحة تنظر إليك وتراقبك.. هذه القدم التي تشبه قدم الحراث في الغيط أو المارس أيام الصيف اللزجة.. وهذا البطن المتهدل طية إثر أخرى مثلما تطوي بدلة عتيقة أكل عليها الدهر وشرب.. وتلك الخدود البارزة التي تعلوها لحوم تخفي لونها المساحيق والحمرة .. هاتان الأذنان اللتان تشبهان أذني عيروط ابن شمهورش ملك الجان.. أصابع اليد اليمنى تشبه منكاشا للزراعة.. أما أصابع اليسرى فيحلو لك أن تتفرس فيها لكي تتخيل مجموعة من الثعابين ذوات الجلد المموج يكفي أن ينقض عليك إحداها لكي تذهب إلى الجحيم.. ومع كل هذا المنظر اللذيذ الذي يخدرك تحلم بأن (تقبض) على الكارت الأخضر لكي تباهي به أمام أصحابك في الوطن وتقول لهم .. ها قد حصلت عليه (بأسهل) الطرق.
أما الصورة الثالثة: تحصل على ذلك الكرت اللعين بعد أشهر أو سنوات.. تفصل لنفسك حلما بأن تزور الوطن وتضع ورقة المائة دولار بارزة في جيب قميصك الصيفي لكي تجلس في مقهى قريتك وتنفش ريشك مثل ديك متعفن.. تنسى ما مر بك من عذاب ومن سهر ومن رؤية تلك الحيزبون التي تلازمك صورتها حتى وأنت في قريتك.. تقضي أياما ثم تعود إلى العذاب ثانية..تعد الأيام والليالي بفارغ الصبر أن تمضي مسرعة.. لكنها تسير بطيئة مملة كأنما هي قطار يسير على سكة حديد مهترئة.. فيصبح اليوم شهرا والشهر عاما والعام قرنا كاملا.. والساعة لا تجري في مخيلتك إلا كل ساعة لدقائق معدودة.. وتجهد أن تنفذ لها رغباتها الجهنمية حتى لو كانت لبن العصفور حتى لا ترفض الذهاب برفقتك إلى دائرة الجوازات والهجرة. فتعلن أنك (خائن) و(منافق) و(متزوج من أخرى في وطنك) وأنها لا تريدك زوجا لها.. فيضيع كل تعب السنين التي كابدتها من أجل تلك الورقة اللعينة.
وفي رحلة العذاب الطويلة تحبل المرأة حملاً كاذباً.. وتلد ألف مرة.. فرغم أن سن اليأس قد أدركها فهي تذهب إلى الأطباء لكي توهمك أنها حامل.. تظن أن ذلك يمكن أن يحميها فلا تهرب مع الريح.. فإن حالفك الحظ وحملت فإن العلم قادر على أن يجعل الماء طحينة.. وبقدرة قادر تلد الأم الحيزبون.. ثم تقضي بقية عمرك تعمل ليلاً ونهاراً لكي تغطي مصاريف (الولد) الذي يكبر وتكبر معه مشاكله.. وبعدها فقط تدرك أنك تسب وتشتم العالم والكرين كارت واليوم الذي ولدت فيه..لأنك وقعت في شر أعمالك.
فاختر عزيزي القارئ بين أن تجلدك المخابرات في بلدك أو أن تجلدك إامرأة سبعينية او ثمانينة في بلد كأمريكا..أيهما أرحم.. واختر ما يمكن أن يفيدك