أسرار نجاح السلسلة “التحريكية” الشيقة!؟ بقلم : مهند النابلسي – الاردن

فجر الحياة والعصر الجليدي:
فن وثقافة ….
بقلم : مهند النابلسي – الاردن ….
يقترب فيلم التحريك القديم هذا أكثر من أي فيلم رسوم متحركة آخر من مثاليات الشرائط التقليدية من طراز “دافي داك وباغز باني”، فهو لا يتعامل مع الأطفال “بتذاكي وهبل واستخفاف”، ولا يمطرهم بوابل من النكات السخيفة الغير مفهومة، بل يقدم عوضا عن ذلك نكتا معبرة ربما تصلح للكبار، كما لا يحوي على ممثلين يغيرون نبرة صوتهم، سعيا وراء الشهرة المزيفة في مجال الكوميديا، ونلاحظ ان باقي أفلام السلسلة اللاحقة تسير على نفس المنوال، مع مراعاة عناصر الابهار والتشويق والشغف والتطور التقني الكبير الذي طرأ على افلام التحريك “الكارتونية” عموما…كما تتميز هذه المجموعة بالاحترافية والذكاء والكوميديا الضاحكة وبشكل متماسك ترفيهي ومشوق (مما أجمع اعجاب النقاد باعطائها تقييما موضوعيا ايجابيا  يتراوح ما بين الستين بالمئة وال77%، كما اعطاها موقع سينمائي مشهور 3 نجوم من أصل اربعة)…  يروي هذا العمل الظريف مغامرات القرد الكسلان سيد (بصوت جون ليغزامو) والماموث المنقرض مانفريد (بصوت راي رومانو)، والنمر المسيف الأسنان دييغو (دينيس ليري) قبل 20 ألف سنة. فنرى الثلاثة يعثرون بالصدفة على طفل بشري ضائع، ويسعون جهدهم لاعادته الى اهله. وتجري احداث الفيلم في اواخر العصر الجليدي، أي حين بدأ الدفء يتسرب لسطح الأرض، بحيث راح الجليد ينحسر تدريجيا، وبدأت الحيوانات بالهجرة الى الأماكن الباردة القليلة المتبقية عل سطح الكوكب. يتميز هذا الفيلم الممتع بتطور الحبكة تدريجيا، فنرى الأبطال الثلاثة يكبرون خلال رحلتهم، كما تتعقد العلاقات فيما بينهم، ونلاحظ أن العمل بقي متماسكا ومتينا ولافتا، وهذا من جملة الأسباب التي ادت لاحقا لنجاح هذا الفيلم وباقي السلسلة الشهيرة…يترك “سيد” عائلته وقطيع الثدييات في رحلة الى الجنوب،حيث يلتقي “مامي”، الماموث المسافر للشمال، ويقرر أن يتبعه، وعندما يتعرض “كامب البشر” للهجوم من قبل النمور المتوحشة، تهرب امرأة فزعة مع طفلها الصغير وتقفز في النهر لتسقط في شلال مائي عارم، قبل ان تختفي، فيما يتم انقاذ الطفل من قبل “سيد وماني”…لكن “ديغو” وهو واحد من النمور الشرسة التي هاجمت البشر يلاحظ ذلك، ويطالب بحقه في ملكية الطفل، حيث يشكل الثلاثي الطريف تحالفا صعبا متناكفا أثناء رحلتهم للبحث عن عائلة الطفل البشرية لاعادته.
*العصر الجليدي(2): الذوبان/2006:
يعيش كل من “ماني وسيد وديغو” حاليا في واد كبير محاط بجدار جليدي هائل وبالغ الارتفاع من جميع الجهات، ويكتشف الثلاثي بأن هذا الجدار يتعرض لضغط مائي هائل من جميع الجهات مما قد يعرضه للانفجار في أية لحظة وانهمار المياه الكاسحة للوادي …حيث يقوم  نسر طيب عملاق  باخبارهم بوجود قارب على الجهة المقابلة للوادي قد ينقذهم اذا ما وصلوا اليه خلال ثلاثة ايام، والا سيموتون جميعا…ويخشى “ماني” الماموث الوحيد المتبقي من كونه قد ينقرض تبعا لذلك، وخلال رحلتهم يلتقون ب”ايلي” وهي انثى ماموث طريفة تعتبر نفسها ملاكا، وتكون برفقة شقيقيها الاثنين: “كراش وايدي”، ويعلم ماني بمساعدة “ديغو وسيد” بأنه يتوجب عليه الخروج من قصص ماضيه لكي يواجه الحاضر والمستقبل، وخلال رحلتهم الشيقة هذه يواجهون “سكرات” السنجاب الظريف الذي يقوم ايضا بمغامرته الخاصة…
*العصر الجليدي (3): فجر الديناصورات(2009):
يتوقع “ماني والي” طفلهما الأول، وفي هذه الأثناء يقع السنجاب الظريف “سكرات” في حب رفيقته “سكراتي”، فيشعر “ديغو” بالقلق من التعايش مع عائلة “ماني” الجديدة…ثم يبدأ “سيد” بالرغبة بتكوين عائلته الخاصة، فيسرق بعض بيض الديناصورات، مما يقوده لعالم غريب “تحت-أرضي”، ويستغيث برفاقه طالبا النجدة، ويلتقي القطيع الراكض بالصدفة مع ابن عرس مجنون بعين والحدة يدعى “بوك”، فيساعدهم بود واخلاص في مسعاهم لانقاذ “سيد” من براثن الديناصورات القاتلة…
*العصر الجليدي(4): الانجراف القاري (2012):
تدور الأحداث الشيقة هنا بعد عدة سنوات مع تحول “بيشيس” لعمر المراهقة، وحدوث تغيرات كبيرة في العالم يواجهها السنجاب “سكرات” لوحده…وتؤدي هذه التحولات لفصل كل من “ماني وسيد وديغو” عن باقي المجموعة، فيما يحاولون جاهدين العودة الى ديارهم، ولكنهم يتورطون هنا في صراع محتدم مع عصابة قراصنة يقودها الكابتن “غوت”…
*العصر الجليدي(5): دورة التصادم (2016):
بعد انتهاء أحداث “الانجراف القاري”، يؤدي سعي السنجاب الظريف “سكرات” في بزته الفضائية لطرده خارج كوكب الأرض على متن مخلوق فضائي غريب، حيث يتم اطلاق سلسلة من الأحداث الكونية الخارقة، التي تهدد كوكب الأرض وقد تحوله عن مجراه…ولانقاذ انفسهم من هذا الخطر الكوني المحدق، يترك كل من “بيرل، ماني، سيد، وديغو” وباقي أفراد القطيع، يتركون منازلهم ليتوحدوا مع ابن عرس “بوك” الشهم المتعاون، والذي يقودهم بدوره لرحلة جريئة، لايجاد طريقة ما لانقاذ الكوكب…
*مستقبل السلسلة:
أدى التقبل الضعيف للفيلم الخامس (دورة التصادم/2016) للتفكير جديا بالعودة لجذور القصة الأصلية والابتعاد عن التشتت والفضاء والخيال العلمي، والتركيز على قصة طفل صغير اسمه “روشان”، واعادة الجمهور لتذكر أسباب حبه لفكرة “العصر الجليدي”، والتركيز ثانية على ثيمة الفيلم الأول…والجدير بالذكر بأن هذه السلسلة التحريكية المدهشة قد حققت لتاريخه ما يزيد عن الستة مليارات دولار، مما يجعلها واحدة من أعلى “الأمتيازات السينمائية” على الاطلاق. وهذا يقودنا تلقائيا لأهمية أفلام التحريك من النواحي “الترفيهية والتوعوية البيئية وصولا للنواحي الانتاجية المالية”، حيث أصبحت تستقطب انتباه الصغار والمراهقين والكبار على حد سواء، ولن نستغرب قريبا اذا ما دخلت مستقبلا مغمار الجوائز السينمائية العالمية بقوة وحماس، وقد بدأت تباشير ذلك مؤخرا بفوز فيلم التحريك المدهش “سبايدرمان فيرس”(2018) بأفضل تحريك في جوائز الجولدن جلوب الجديدة!
مهند النابلسي/كاتب وباحث وناقد سينمائي