تهب الرياح من كل اتجاه : هكذا افكر انا – بقلم : ادوارد جرجس

آراء حرة ….
بقلم : إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك …
عندما تحدثت عن الفكر الداعشي في المقال السابق ، كان لا بد من التنويه عن الجريمة الشنعاء التي راح ضحيتها 50 مصليا في مسجدين بنيوزيلندا ، في الحقيقة مجرد التنويه عن جريمة مثل هذه لا يكفي ، فهي جريمة ضد الإنسانية جمعاء ، جريمة ضد ما يدعيه العالم من التقدم والرقي ، بل هي انحدار إلى العالم الحيواني الشرس ، واحدة من أسوأ الحوادث الإرهابية التي مرت على المجتمع الدولي ، الشاب الأسترالي المسلح وهو في ريعان الشباب يتوجه إلى مسجد في مدينة هادئة تماما ويطلق النار على المصلين أثناء صلاة الجمعة ، ثم يتوجه إلى مسجد آخر ويطلق النار لتصل حصيلة القتلي في المسجدين لنحو الخمسين ، شئ أقرب لسيناريو فيلم دموي ، حكاية تعج بالكثير من المفاجآت ، بداية من أن المجرم نشر رسالة يحض فيها على كراهية المهاجرين المسلمين تحديدا ، ثم تعمد تصوير عملية القتل لتبث بطريقة مباشرة على مدار خمس عشرة دقيقة ، وأخيرا أنه نقش على سلاح الجريمة تواريخ معارك من القرون الوسطى . شئ عجيب وأغرب من الخيال ، فالشاب لا يعاني من الفقر أو العوز ، شاب عادي ينتمي لأسرة متوسطة ، توافرت له حظوظ الحياة الطيبة ، إلا أن التطرف والدعايات السوداء نالت من عقله وقلبه وأثارت كراهيته ضد الإسلام والمسلمين ، هذه الجريمة تعتبر لطمة على وجه المجتمع الدولي الذي طالما تغاضى عن ممارسات داعمي ومروجي الأفكار المتطرفة والإرهاب ، بهدف الاستفادة وإثارة البلبلة في دول مستهدفة ومطلوب ألا تقوم لها قائمة . بل وتخويف المجتمعات الغربية وتبرير استمرار تخريب دول العالم الثالث وعلى رأسها دول الشرق الأوسط . الحادث الإرهابي هو ناقوس خطر مبكر يدق في آذاننا جميعا ، وينبهنا وينبه المتلاعبين بسلاح تفتيت الدول وإثارة النعرات الدينية والقبلية والطائفية ، استمرار هذه اللعبة يعني أن تنتشر النيران في كل أنحاء الدنيا ، ولن ينجو منها أحد ، لا ألتمس العذر ولا أحاول التبرير لهذه الجريمة البشعة ، لكن أقول أن دائرة العنف والعنف المضاد لا بد أن تنكسر ، لا بد أن تتوقف دعايات الحض على كراهية الآخر واحتقاره ، تلك الدعايات السوداء التي تستتبعها دعايات فاشية مضادة وتحض على الرد بالمثل . الحقيقة التي يجب أن تواجه بها المجتمعات الغربية نفسها هي أنها على مشارف أن تذوق ويلات الإرهاب ، وتكتوي بناره ، وأن المخرج الوحيد هو محاصرة خطاب الكراهية ، ودعاته ، من ساسة متطرفين سارع بعضهم إلى استثمار الحادث ومحاولة حشد تعاطف مع خطاب المجرم الإرهابي ، أو أولئك الذين يتعاونون ويؤون عناصر الجماعات الإرهابية الفارة إلى أوروبا ، يوفرون لهم الدعم بهدف استخدامهم فيما بعد ، ظنا منهم أن نشاط هؤلاء الإرهابيون سيقتصر على دول الشرق الأوسط ، ثم أسأل هؤلاء الذين يتصدرون الآن تحت أسماء جمعيات حقوق الإنسان ، أي حقوق تقصدونها؟! ، هل هى حقوق مرتكبي الجرائم الإرهابية ضد الإنسانية المسالمة ؟! ، أم حقوق الذين يطعنون أي محاولة للخروج من جحيم التطرف والتشدد ، وأسأل بسخرية ، هذه الجمعيات تعمل لحساب من ؟! ، هل لحساب الشيطان ؟!  . سأردد الكلمات المعهودة التي هي الحقيقة ، الإرهاب لا دين له ، ولا وطن ، الإنسانية هي التي تدفع ثمن الأهواء والمطامع السياسية !!!   \
edwardgirges@yahoo.com