هالووين 2018: أفضل اعادة للمسلسل السينمائي المرعب منذ أربعين عاما! بقلم : مهند النابلسي

فن وثقافة ….
بقلم : مهند النابلسي – الاردن …
*انها النسخة الجديدة “الحادية عشرة” للمسلسل السينمائي المرعب الذي ظهر اولا في العام 1978، وقد عرض اولا في افتتاحية مهرجان تورنتو  السينمائي العالمي، وتلقى مراجعات ايجابية، وبعضهم اعتبره أحسن فيلم في السلسلة الشهيرة، كما لاقى اداء الممثلة “كورتيس” ثناء وتنويها خاصا.
*انه نفس السيناريو تقريبا، حيث يقوم قاتل متسلسل مجنون بقتل عددا كبيرا ن الناس اللذين يلتقي بهم، وبضراوة وفي كل مكان يصدف ان يكون فيه من حمامات عامة لحدائق لبيوت وسيارات، وبطريقة وحشية ضارية وبسرعة فائقة وكأنه كائن “ما ورائي” خارق، لكن المغزى يظهر اخيرا بنجاة كل من الجدة والام والابنة باستدراجه للسقيفة “التحت ارضية” في منزل الجدة المجهز سلفا واحراقه مع المنزل الكبير الغامض، وتتجلى نجاتهن بظهورهن مرعوبات وهن هاربات أخيرا على متن ظهر بيكآب سريعة، ولكن المخرج “اللعين” يمهد هنا مع المنتج لفيلم جديد قادم في السلسلة التجارية التي ربما لن تنتهي، وذلك عندما يسمعنا اخيرا صوت أنفاسه الغريبة “الوحشية” كمؤشر على نجاته!
*ابدعت “جامي لي كورتيس” بدور العجوز المتروكة “لاوري سترود”، الناجية الوحيدة من مذبحة المجرم المتخفي “ميشيل مايرز” التي أقدم عليها بالعام 1978، ثم نجا بالهروب والاعتقال في مصح نفسي للخطرين بحكم نزعته الجنونية القاتلة، لكنها بقيت طوال هذه السنوات تعاني من تاثير الصدمة المرعبة، تعيش بعزلة في بيت حصين وتعاني من ادمان الكحول ونبذ الأقارب، وهي ام “كارين” وجدة “أليسون” ، وهن بالمحصلة الناجيات الثلاثة من مذبحة القاتل المنسلسل الأخيرة، بعد ان تمكن “ميشيل مايرز” من التغلب على حراسه أثناء نقله لمصحة نفسية جديدة والانطلاق جديدا للفتك والقتل في مجزرة جديدة…
*المخرج الجديد لهذا الفيلم هو “ديفيد جوردون جرين”، وقد نال الفيلم تقديرا مرتفعا نسبيا على موقع الطماطم  العفنة (79%) مع اجماع نقدي يصل الى 68%، وقد بدا كأفضل اعادة للسلسلة الطويلة على مدى اربعين عاما…
*انه بالحق فيلم جريء مع ثيمة جديدة توضح لنا مغزى التواءم والتعايش بين المجرم المجنون (جيمس كورتني الذي قام بتقمص الدور للمرة الاولى هنا منذ أربعين عاما، وقد نجح تماما بعرض شخصية شريرة شيطانية صامتة ومصممة لا يردعها شيء!)، وطبيبه النفسي المتخصص العتيق، الذي يعتبره “ممتلكات وطنية” يجب الحفاظ عليها، بل أنه يقتل هنا لانقاذه بعد ان دعس بسيارة الشرطة، ثم يتقمص شخصيته (قبل ان يقتله المجرم المتسلسل بدوره) متماهيا معه قبيل نهاية الشريط (وقد أبدع الممثل هالوك بيلجنر بتقديم هذا الدور بتلقائية وشغف)، فيما يعتبره جميع الآخرين “شر مطلق” يجب التخلص منه فورا، كما يوضح الفيلم مغزى الانتظار الطويل لطريدة المجرم الاولى الجدة التي نجت من مذبحته في العام 1978، والتي بقيت تنتظره بفارغ الصبر في منزل محصن جيدا طوال هذه السنوات ومزود ياسلحة عديدة، ولم تستطع أبدا العودة لعلاقاتها الطبيعية مع الابنة والحفيدة وباقي أفراد العائلة الممتدة، فعاشت منعزلة ومدمنة على الكحول تنتظر بفارغ الصبر لحظة خروجه للانتقام…لكن بالرغم من كل ايجابيات هذا الشريط اللافت الا انه لم ينجح كفيلم رعب كلاسيكي خلاق حيث افتقد للعديد من المكونات الجاذبة الجديدة…وبالحق فقد كانت لقطات الاستهلال شيقة وغريبة وربما مرعبة وفريدة أثناء زيارة المحققين الشباب للمصحة لمعاينة المجرم الخطير بوجود سجناء آخرين وطبيب المصحة المختص، وخاصة عند ارتداء قناع هالووين الشهير لاستفزاز المجرم، وربما شعرت ان المخرج بدا هنا ربما متاثرا بتحفة “صمت الحملان” التي حققت الاوسكار في تسعينات القرن المنصرم، وربما لحد ما بطريقة أداء “انتوني هوبكنز” أثناء مقابلة المحققة جودي فوستر له في السجن الانفرادي: *باختصار فهذا الفيلم يمثل اضاءة جديدة ذات بعد اخراجي لافت يتقارب مع فيلمي ال 78 و81 من القرن الفائت، بالرغم من عدم كفاية الأفكار الجديدة هنا، الا ان “كورتيس” قد قامت بعمل رائع تمثل في تكريس حياتها لانتظار الأسوأ، ومن ثم تجميع شجاعتها بالاقدام على محاولة قتل الشرير، والنجاة بنفسها مع ابنتها وحفيدتها (وكأنها تحمل رسالة)…في الختام لا يمكن تجاهل أن الفيلم يتضمن بالمجمل اعادة صياغة شيقة، مع تعديلات عصرية تواكب العصر وجمهور المشاهدين الشباب، ومع  المزيد من الروح الدموية الهادرة والتقلبات المفاجئة الصادمة التي تواكب طبيعة المجتمع الأمريكي الذي يميل أحيانا للعنف والقتل المجاني بلا ضوابط رادعة ولا عقوبات حقيقية حازمة… كما أعجبني في الختام اهداء الفيلم لروح المخرج العربي البارع “مصطفى العقاد” اعترافا بمساهماته الاولى المؤثرة في هذا المضمار.