رحلة الحمير السنوية الى بلاد العجائب – بقلم : وليد رباح

سخرية كالبكاء …
بقلم : وليد رباح – نيوجرسي
الرحلة الاولى:
خلع الحمار الاول رسنه واطلق ساقيه للريح، محتجا على ظلم صاحبه له، فتبعته الحمير ترفس بارجلها وترفع ذيولها محتجة هي الاخرى دون ان تعرف لماذا غضب الحمار الاول.
وفي الاجتماع الاول الذي عقدته جمعية الحمير الوطنية، خطب احدهم فقال: كنا في مظاهرة ضد الانكليز، وكان الهتافون يصرخون (فليسقط وعد بلفور) وقابلتنا زمرة اخرى من اولاد جنسنا لا يدرون لماذا كنا نتظاهر، ومع الصباح والصراخ ضاعت كلمة الهتاف واصبح المنضمون الى المظاهرة يهتفون (فليسقط واحد من فوق) وسيروها على اللحن الاول.
وهكذا قالت العرب قديما: نحن من عشيرة اذا غضب سيدها غضب لغضبه مائة الف دون ان يسألوه لماذا غضب.
سحر النهيق
خطر لسيد الحمير ان يغني ليلا، معتقدا ان صوته يشبه صوت العندليب الاسمر، فخرج من الاسطبل ووقف في منتصف الشارع واخذ بالنهيق والزعيق.
الحمير في وسط الاسطبل كانت (مطروبة) وتقول الله … الله. اما الحمير البعيدة والتابعة لاسطبل اخر فقد استاءت من هذا الذي ازعج نومها، ويقول العارفون ببواطن الامور ان (اكل العيش عايز كده) اذا غنى زعيم بلدك فاطرب، واذا غنى زعيم آخر فارمه بحبات البندورة المتعفنة.
ان تكلم زعيمك فصفق، وان تكلم زعيم اسطبل اخر فارفع اصبعك لتخرق عينيه.
اما من يعشق الاغنية الحديثة فله رأي اخر، ففي بلد عربي واحد خرج الينا في سنة واحدة مائتان وستون مطربا سجلوا اصواتهم بالكاسيت ويزعجونا ليل نهار، ورحم الله سحر النهيق.

في الامم المتحدة
علمت زاوية رحلة الحمير السنوية، ان فأرا هاجم مبنى الامم المتحدة، فاختبأ كل المندوبين تحت كراسيهم، واتصل السكرتير العام ببلدية نيويورك فقدمت سيارات الشرطة والاطفاء ورش المبيدات للقضاء على الفأر الملعون الذي تجرأ واقتحم المبنى اثناء بحث مجلس الامن زيادة العقوبات على الدول ( المارقة) .
ولكن الفأر اختفى كأنه (فص ملح وذاب) واخذت التكهنات تسري بين الاعضاء، قال احدهم ان الحزب الشيوعي هو الذي وضع الفأر في المبنى، وقال اخرون انهم جماعة من الفلسطينيين المنهوبة ارضهم ، وقال رأي ثالث بأن الفأر آت من جنوب افريقيا لانه ضد العنصرية وهو اسود اللون، وخلال فترة قصيرة اختلف الموضوع. قال مندوب ان الفأر يقدر حجمة بهرة كبيرة، وقال آخر لقد رأيته بعيني، انه بحجم الكلب، اما مندوب ثالث فقد قال: اقسم انه بحجم العنزة، ورابع قال بل بحجم البقرة، وهكذا وصل حجم الفأر الى الفيل.
ولكن مندوب دولة البطيخ قال الحقيقة، قال بأنه فأر فلسطيني لم يجد ما يأكله في غزة نتيجة الحظر الغذائي فنقله احد الظرفاء الى مبنى الامم المتحدة لكي يجد ما يأكله، ثم حلف انه بحجم الديناصور.
ازمة غذائية
اختفت من الاسواق معظم المواد الغذائية من علف وتبن وخلافه، فحلف سيد الحمير ان يحل الازمة الغذائية بما هو متوفر لديه من الامكانات.
صعد الى السطح وخطب خطبة عصماء، وانهالت عليه حبات البطاطا فجمعها مريدوه، وغنى فألقيت عليه الطماطم ثم البيض ثم الفواكه ثم الخضروات، وهكذا طبخت الحمير طبخة شهية، كان ذكاء سيد الحمير فيها اشبه بالمعجزة.
وهكذا ترى ان الحمير في بلاد الغرائب لا تأكل التبن والشعير مثل حمير بلادنا، وانما يأكلون الفواكه والخضروات ولا بأس من ان يكون فيها بعض النبيذ لفتح الشهية.

الحب على الطريقة الفرعونية
قال حمار امنحتب لحمار بحشورش: معلمك يزرع الارض بالسبانخ، اما معلمي فيزرعها بالذهب.
قال حمار بحشورش، وكيف ذلك؟
قال الحمار الاخر لقد زرع معلمي حلق زوجته الذهبي مساءا وعندما ذهبنا الى المكان في الصباح وجدنا الحلق قد اصبح ثلاثة.
فقال حمار بحشورش: هذه بسيطة، لقد زرع معلمي حقلا من السبانخ في اول النهار وقطفنا تسعة حقول اخر النهار، ثم قام معلمي بشراء حلوق لزوجته فبلغت تسعة عشر، واكتشف حمار امنحتب ان حمار بحشورش لم يكن سوى انثى مسترجلة، فتزوجها على سنة الفراعنة، وبالرفاه والبنين.
الجزمة الضيقة
تألم سيد الحمير من حافره فحلف ان يبدله، وذهب الى صانع الحوافر فعرض عليه الامر، لكن الصانع ابى الا ان يقص الحافر بالمقص لضيقه وعدم استطاعة السيد خلعه من قدمه.
وهكذا قص الصانع حافر سيد الحمير وحملته جموع الحمير الى المقبرة، وهناك بنوا على الحافر قبة واصبحت مزارا.

الملوخية
اقترح الحمار الاول ان يكون قراء القرارات التي تصدرها الامم المتحدة ومجلس الامن ضد شعوب العالم الثالث فوق سن الثامنة عشرة، وهو السن القانوني المعروف لدى الجميع بأنه (سن اليأس) وحتى يمكن ان يفهم هؤلاء كيف تخرط الملوخية.
وبما ان الدول العربية قاطبة قادرة على قلب الحقائق فيصبح فيها الثوار ارهابيين، والقتلة شرفاء، واللصوص زعماء، وحرامية قوت الشعب اولاد حلال، فإن المعادلة تصبح في صف الذين ماتوا من الجوع او من القذائف.
وعلى هذا، فإن الاقتراح وجيه، يجب العمل به، وفي سياق الموضوع، شاهد سكرتير رحلة الحمير الى بلاد الغرائب فيلما مرعبا عن ضرب القوات الامريكية لملجأ في وسط سوريا فعلق على الموضوع قائلا: هذه ليست هي المرة الاولى التي تفعلها امريكا، ففي حربها مع اليابان كانت تدرك ان هيروشيما لا يسكنها غير الناس، وان القوات اليابانية كانت في جبهات القتال، ومع هذا فقد مات مئات الالاف من البشر في خطفة بصر.