تسوية إسرائيلية بإقصاء الفلسطينيين

سياسة واخبار (:::)
ناجي شراب – فلسطين المحتلة (:::)
يبدو أن إسرائيل ورغم مرور أكثر من ستين عاما على قيامها كدولة ، غير مستعدة  أيدولوجيا ولا سياسيا للدخول فى تسوية نهائية مع الفلسطينيين تقوم على قاعدة جوهرية وهى الإنسحاب الإسرائيلى من ألأراضى الفلسطينية وقيام دولة فلسطينية كاملة إلى جانبها ، حتى مع ان تكون هذه الدولة منزوعة السلاح ، فهى مازالت أى إسرائيل تعيش معضلة ألأمن والبقاء وهذا شعار حملة نتانياهو الإنتخابية  ، ومن ثم تصورها ان قيام دولة منزوعة السلاح لم يعد صالحا لضمان أمن إسرائيل، لذلك المطلوب إضافة شرط آخر إلى جانب شرط الإعتراف بيهودية إسرائيل كدولة للشعب اليهودى ، علما وبكل وضوح هذا الشرط قائم، ولا يحتاج إعترافا فلسطينيا. والشرط الثالث التواجد ألأمنى المباشر فى ألأراضى الفلسطينية وخصوصا فى منطقة ألأغوار التى ستفصل اى عمق للدولة الفلسطينية عن عمقها العربى بالأردن ، وعمقها السكانى أيضا. هذا إضافة لشرط ثالث وهو بقاء المستوطنات اى ألكتل الإستيطانية داخل ألأراضى الفلسطينية والتى تحرمها من صفة التكامل الإقليمى ، هذه الشروط الثلاث تسلب الدولة الفلسطينية من أى مضمون أو جوهر سياسى سيادى. أى أن رؤية إسرائيل للتسوية تقوم على رفضها من المنظور الفلسطيني. وتعتقد إسرائيل أنها غير متعجلة من أمرها. بل تعتقد إسرائيل إن الوضع الإستراتيجى الحالى يعمل لصالحها، فمعاهدة السلام مع مصر ما زالت سارية الفعول، وسوريا غارقة فى حربها ، والعراق غارقة فى حرب داعش ، وذاهبة للتقسيم، واليمن  غارق فى حربه، والفلسطينيون ما زالوا منغمسين فى بينة إنقسام ، وخياراتهم محدوده، أو غير قادرين على تفعيلها لفقداهم عناصر القوة الداخلية ، والعمق العربى، والدولى المطلوب لأى خيار فلسطينى وهذا ما حدث للمشروع العربى فى مجلس الأمن الذى أجهضه الفيتو الأمريكى الذى تراهن عليه إسرائيل للأبد ،وليبيا ليست أحسن حالا. وبقية الدول العربية كلها منشغلة فى حرب داعش، وترى إسرائيل ان هذا الوضع الإستراتيجى يعنى بالنسبة لها دورا مشاركا فى هذه الحرب، وأنها لم تعد تشكل مصدر تهديدلأمن الدول العربية ، وكل هذا يستوجب البحث عن دور إقليمى جديد يقفز على الدور الفلسطينى ، فنتانياهو يوصف حماس بحركة داعش، وأن الحرب واحدة على ألإثنين، وأن السلطة والرئيس عباس يأخذ مواقف أكثر تشددا ، وليست لديه النية الحقيقية فى السلام، وأن تصالحه  مع حماس يضعه فى نفس الموقف، وأنه لا يشكل شريكا حقيقيا للسلام بإتخاذه خطوتن أحادية من وجهة نظرها بذهابه لخيار الأمم المتحدة .وتعتقد إسرائيل بعد حربها على غزة ، ان هذه الحرب قد فرضت واقعا سياسيا جديدا ، وأن حركة حماس هدفها الآن البحث عن بقائها سياسيا. برؤية إسرائيلية يبقى الوضع السياسى والإستراتيجى منذ توقيع إتفاقات كامب ديفيد قائما ، دون تحول كبير فى موازين القوى السائدة التى قد حكمت علاقاتها بدول المنطقة ، حتى توجه إيران نحو إمتلاك القوة النووية لم يصل لأى تهديد حقيقي ، وكل هذا يعنى من منظور الأمن ألإسرائيليى أنه لا تهديد حقيقى أو تقليدى لإسرائيل  ،فكل الدول العربية جيوشها أنهكت فى حروب داخلية ، ومنشغلة بتثبيت حكمها لا محاربة إسرائيل. وكما اشرنا الفاعل الرئيس وهو الفلسطينيون منقسمون على أنفسهم، ولا يبدو أنهم سينجحوا فى تحقيق مصالحة حقيقية ، توصل لسلطة وخبارات  واحدة. ، وأن الهجمات الصاروخية من غزة فقدت فاعليتها بعد الحرب على غزة ، وإحتمالات إنتفاضة فلسطينية جديدة فى الضفة مستبعدة لعوامل تتعلق بالسلطة قبل إسرائيل.لكن يبقى الهم الضاغط على إسرائيل هو نجاح إيران فى إمتلاك القوة النووية التهديد الوحيد لوجود وبقاء إسرائيل،اما الدول العربية والفلسطينيون لا يشكلون أى تهديد وجودى لها.ورغم كل هذه التحولات الإيجابية التى تعمل فى صالح إسرائيل، إلا أن درجة عدم اليقين فى السياسية غير مؤكدة ، لذلك هى تحاول ان تسارع الوقت والزمن بمحاولتها فرض تسوية شبه نهائية على الفلسطينيين، وإدراكا منها بسبب بنيتها السياسية الداخلية إلى جانب بنية الصراع ألإقليمية والدولية ،وبدلا من الحديث عن حل للصراع ، تعتمد على منهجين متكاملين ، منهاج تحويل الصراع بالتركيز على قضايا أخرى غير القضية الفلسطينية ، وعلى منهاج إدارة الصراع، بمعنى إحتواء وإجهاض أى جهد لحل الصراع عبر المفاوضات أو ألأمم المتحدة ، والتعامل مع الصراع كما هو قائم، وأساس هذا المنهاج التعامل مع الواقع السكانى ، والحاجة لبنية سياسية أقل من دولة ، وأعلى من درجة حكم ذاتى . وهو ما يجعل إسرائيل تطالب بفرض شروطا سياسية وأمنية جديدة ، أخلص إلى القول أن إسرائيل لا تقبل بدولة فلسطينية منزوعة السلاح، وبل قد تقبل بها فى إطار تواجد أمنى إسرائيلى ، وعلاقات وحلول إقليمية تتجاوز الدور الفلسطينى .وما يؤكد على هذا التوجه ما نشر من نتقارير غربية تؤكد النية لمشروع سلام فى هذا الام بعد فشل المشروع العربى بقيام مجلس ألأمن بدوره بإنهاء الإحتلال الإسرائيلى ، هذا ما ينبغى الإستعداد له فلسطينيا وعربيا بمعركة ديبلوماسية شرسة.
دكتور ناجى صادق شراب
drnagish@gmail.com