دماء على ثوب الزفاف


الرابط : القصة :
سحر فوزي – مصر :
سيارة لورى متهالكة محملة بالبشر…تشق الطريق الدولى بعد إنقضاء أيام من الخدمة الشاقة قضاها جنود الأمن المركزى المصرى البسطاء فى حماية وتأمين الحدود .. نفوس لاتعرف الشكوى..وأجساد إعتادت التحمل وصادقت الشقاء..  لاتطمح إلا فى القليل..ولا تيحث عن مزيد.. فيكفيها الطاعة وتنفيذ الأوامر حتى ولو كان الثمن حياة ..صعد مع زملائه وصعد ت معه آماله و أحلامه… آثر الصمت وأطلق العنان لخياله حالما بيوم عرس تحكى عنه بلدته الحبيبة لأيام .. عش الزوجية مجرد غرفة فى بيت والده المزارع البسيط.. مفروشة بحصيرة وكنبة وسرير ودولاب ملابس صغير.. يزداد طموحه وتطلعه فى مروحة سقف ولكن كيف هذا والبيت بلا كهرباء ولا ماء …يتذكر وعود المسؤلين بتوفيرهما عن قريب فيؤجلها لأجل غير مسمى…يسبح بخياله الواسع متجولا فى قريته الصغيرة النائية التى لم يزرها منذ أسابيع… يتخيل أهلها وهم يهنئون ويباركون .. هاهى أمه توزع الشربات وتطلق الزغاريد …وهاهو والده يتلقى التهانى ويحتضنه بين الحين والآخر.. وهاهم أشقاؤه الصغار الأمانة التى حملها له أبوه المريض ليحملها عن عاتقة بمجرد إنتهائه من الخدمة العسكرية… الحمل ثقيل ولكنه كباقى رجال القرية غير مسموح له بالشكوى أو حتى التفكير فى الذات.. وهاهى عروسه تقف فى إنتظاره مبتسمه بوجهها الملائكى البرئ الذى يحمل تعبيرات الرضا عن بدء معيشة صعبة تتحمل فيها عبء عائلة بأكملها من أول يوم زواج ..ولكن حبها لعريسها وإبن خالتها منعها من مجرد التفكير فى الشقاء والفقر والمعيشة الصعبة التى ستقدم عليها..أفاق من حلمه على صوت إنفجار إطار سيارة الموت…لتتبدد معه أحلامه وأحلام أسرة بأكملها شيدت علي قدومه الآمال فى الحاضر والمستقبل …وتسيل دماؤه الطاهرة لتغرق ثوب الزفاف الأبيض ؟!!!
بقلم / سحر فوزى / كاتبة وقاصة مصرية /10/10/2012