اشتباك عابر للأجيال والازمان…!.بقلم : نواف الزرو

دراسات …..
*نواف الزرو – الاردن …
مرة اخرى نعود في اعقاب هذه الانتفاضة الفلسطينية الشاملة الاخيرة للتأكيد مجددا على ان صراعنا مع المشروع الصهيوني مفتوح حتى هزيمة ذلك المشروع، وان الاشتباك مع ذلك المشروع عابر للأجيال والأزمان، فوفق الوثائق والصحف والشهادات المختلفة فان الجيل العربي الفلسطيني الرابع هو الذي يقف اليوم منتفضا في مواجهة الاحتلال الصهيوني، مواصلا الاجيال العربية الفلسطينية الثلاثة التي سبقته في الميدان منذ نحو ثلاثة وسبعين عاما، ولكنه يكون الجيل الفلسطيني الثامن اذا ما اخذنا في الحساب ان التصدي العربي الفلسطيني بدأ مع بدايات الاستيطان الصهيوني منذ عام 1878، مع اقامة اول مستعمرة صهيونية وهي “بيتح تكفا” على اراضي قرية الملبس الفلسطينية، ولذلك نوثق ونقول: ما اعظم وما أروع فلسطين في مسيرتها الكفاحية المفتوحة المليئة بالهبات والانتفاضات والثورات والتضحيات، هذه المسيرة التي تصدت وتتصدى للمشروع الصهيوني نيابة عن الامة العربية: ثمانية اجيال متتابعة تخوض الكفاح بلا تعب أو كلل أو يأس أو استسلام، يذهب جيل ليأتي الجيل التالي بعده، والجيل الثالث فالرابع وهكذا، ليحمل الراية والرسالة والاهداف الوطنية التحررية وهاهو الجيل الرابع منذ النكبة والثامن او التاسع منذ نحو قرن واربعين عاما كاملة، هو الذي يحمل الراية ويقود التصدي في الميدان في مواجهة جيش ومستعمري الاحتلال، ليضيف ملحمة كفاحية اخرى الى جملة الملاحم التي سطرها الشعب العربي الفلسطيني في مواجهة الصهاينة الغزاة ..
وعن هذا الجيل الفلسطيني الجديد، وإسرائيليا، كشفت مجلة “إسرائيل ديفينس” العسكرية العبرية عن مفاجأة مفادها”أجهزة الأمن الإسرائيلية تواجه ورطة كبيرة, بالنظر إلى أن الهجمات التي ينفذها الفلسطينيون في الوقت الراهن تختلف كثيرا عن سابقاتها في السنوات الماضية، حيث تتمييز بروح تضحية عالية غير مسبوقة”، وأضافت المجلة في تقرير لها “أن جهاز الأمن الإسرائيلي العام “الشاباك” أصدر تقريرا حول العمليات الفلسطينية الحالية أظهر أن منفذي هذه العمليات “نوعية جديدة من الشباب الفلسطينيين الذين يتمتعون بروح تضحية عالية”. وأكدت الكاتبة الإسرائيلية عميره هاس في صحيفة هأرتس على ذلك قائلة:” أن المواجهات المستمرة في الأراضي الفلسطينية, يقف خلفها جيل جديد من الفتيان والشبان الفلسطينيين, الذين فقدوا كل أمل في اتفاق أوسلو “، وتحت عنوان”جيل لا يخافنا” كتب نوعم أمير في معاريف يقول:”لقد نشأ هنا جيل لا يتذكر السور الواقي ولا يخاف”.
وخلاصة القول عن الشباب والفتيات الفلسطينيين والفلسطينيات: “أن الفكرة الأهم في هذه الإنتفاضة المستمرة، أنها كسرت فكرة أن هناك جيلا فلسطينيا يهزم، لأن الإسرائيلي منذ العام 1948 راهن على كسر إرادة الأجيال الفلسطينية، وفي كل مرة كان هنالك جيل يفاجئه ويطلق ثورة من نوع خاص، ترسّخ بقاء المقاومة في البيئة الفلسطينية وتحبط الإسرائيليين…الإسرائيليون راهنوا على أن الجيل الفلسطيني الجديد هو جيل “أوسلو”، لكن العدو الإسرائيلي فوجئ بأن هذا الجيل يقاوم بكل ما أتيح له من قوة، ولا ينتظر أن يمتلك أدوات مميزة ليقاوم”. وفي تطورات هذا المشهد الفلسطيني الكفاحي يواصل الجيل الفلسطيني الجديد نضاله ومقاومته الباسلة ، وما الشهداء المتتابعين على ثرى الوطن مثل أشرف نعالوه واحمد جرار وعمر ابو ليلى والفتيين نسيم محمد أبو رومي وحمودة خضر الشيخ، في القدس سوى نماذج قوية، وهم أيقونات الكفاح الشعبي الفلسطيني ورمز الجيل الفلسطيني الشاب الجديد الذي لا يهزم ولا يكسر أمام عنجهية وقمعية الاحتلال…!
في ظل المشهد الفلسطيني الراهن وفي ضوء الجبهات التي يفتحها العدو الصهيوني على كل العناوين والملفات الفلسطينية، وبينما تتمادى قيادات الكيان ومؤسسته الامنية والسياسية وترغد وتزبد وتعربد وتقتل وتتغطرس وتهدد وتجتاح وتغتال ، وبينما تحظى بدعم وغطاء اعتى قوة دولية تقف وراءها، إلا ان تلك القيادات وتلك المؤسسة في حالة قلق دائم، بل انها ما تزال تخشى الوجود والحضور الفلسطيني بكل عناوينه ومضامينه وتسمياته، فهي تخشى التكاثر العربي الفلسطيني، والتواجد على امتداد مساحة فلسطين، وتخشى انتشار المدارس والجامعات الفلسطينية، والعلم والتعليم والاجيال المتعلمة والتطور التكنولوجي، وتخشى المعرفة الفلسطينية، بل وتخشى حتى الطفل الفلسطيني وهو في بطن امه، وتخشى القائد والسياسي والعسكري والخبير والمفكر والفنان و الصحفي والباحث، وربما اكثر ما تخشاه المؤسسة الصهيونية هو هذا الحضور الفلسطيني في كل مكان في المنابر الاممية والدولية وفي الفعل الشعبي وفي حملة المقاطعة الدولية، وتخشى المسيرات والاعتصامات والمواجهات والتضحيات، فهي تخشى الرواية العربية الفلسطينية ونشر الحقيقة التي من شأنها تراكميا ان تسقط الرواية الصهيونية.
فهم في الكيان يعملون منذ البدايات على “اختراع وشرعنة اسرائيل واسكات الزمن العربي الفلسطيني بكل معانيه ورموزه ومعالمه ومضامينه التاريخية والحضارية، لانهم يدركون تماما ان المعركة ما بيننا وبينهم هي في الحاصل” “إما نكون او لا نكون”، وهم يتصرفون على هذا الاساس، في الوقت الذي تنهار فيه اللاءات العربية –الرسمية-التي كان حملها الراحل الخالد عبد الناصرالذي أكد في احد خطاباته: “إما ان تكون الامة أو لا تكون في صراعها مع العدو”.
وتبقى الحقيقة الكبيرة في ضوء كل ذلك: ان الشعب العربي الفلسطيني في حالة اشتباك تاريخي ووجودي وجذري مع المشروع الصهيوني، وبالتالي تحتاج فلسطين والقدس والقضية كما يحتاج الانتصار الى عودة العمق والموقف والدعم العربي الحقيقي…..؟!
فإما ان نكون كأمة او لا نكون كما كان الراحال الخالد جمال عبد الناصر أكد في واحد من خطاباته….!
Nzaro22@hotmail.com