الذكرى 73 للنكبة: خلاصة المشهد الصراعي: هل يمكن ان يهزم الفلسطينيون المشروع الصهيوني…؟! بقلم : نواف الزرو

فلسطين ….
نواف الزرو – الاردن …
مرة اخرى وثانية وثالثة نعود ونفتح الملف الهام جدا: هل يمكن ان يهزم الفلسطينيون المشروع الصهيوني….!؟
هذه هي خلاصة المشهد الصراعي مع المشروع الصهيوني: هل يُمْكِن، من حيث المبدأ هزيمة المشروع الصهيوني ؟
سؤال استراتيجي كبير نجدده ونحن اليوم امام الذكرى 73 للنكبة الفلسطينية واغتصاب فلسطين، سؤال يحتاج الى فريق كامل من نخبة المفكرين والباحثين للإجابة عليه، وحتى يتوفر مثل هذا الفريق، دعونا نساهم بقدر ما لدينا في تسليط الضوء على طبيعة الصراع وموازين القوى والاحتمالات المقروءة استنادا الى ما يتوفر من المعلومات الموثقة.
وفي هذا السياق نقول: برغم الخناجر العربية-تهافت التطبيع والإذعان- التي تغرس في ظهر الشعب الفلسطيني، خنجر تلو الآخر والقادم ربما يكون أشد قسوة وخطرا، الا ان الفلسطينيين باقوم صامدون هناك على الارض في وجه عسكر ومستعمري الاحتلال، ففي ظل المشهد الفلسطيني الراهن وفي ضوء الجبهات التي يفتحها العدو الصهيوني على كل العناوين والملفات الفلسطينية، وبينما تتمادى قيادات الكيان ومؤسسته الامنية والسياسية وترعد وتزبد وتعربد وتقتل وتتغطرس وتهدد وتجتاح وتغتال، وبينما تحظى بدعم وغطاء اعتى قوة دولية تقف وراءها، إلا ان تلك القيادات وتلك المؤسسة في حالة قلق دائم، بل انها ما تزال تخشى الوجود والحضور الفلسطيني بكل عناوينه ومضامينه وتسمياته، فهي تخشى التكاثر العربي الفلسطيني، والتواجد على امتداد مساحة فلسطين، وتخشى انتشار المدارس والجامعات الفلسطينية، والعلم والتعليم والاجيال المتعلمة والتطور التكنولوجي، وتخشى المعرفة الفلسطينية، بل وتخشى حتى الطفل الفلسطيني وهو في بطن امه، وتخشى القائد والسياسي والعسكري والخبير والمفكر والفنان و الصحفي والباحث، وربما اكثر ما تخشاه المؤسسة الصهيونية هو هذا الحضور الفلسطيني في كل مكان في المنابر الاممية والدولية وفي الفعل الشعبي وفي حملة المقاطعة الدولية، وتخشى المسيرات والاعتصامات والمواجهات والتضحيات، فهي تخشى الرواية العربية الفلسطينية ونشر الحقيقة التي من شأنها تراكميا ان تسقط الرواية الصهيونية.
فالفلسطينيون في كل الحسابات باقون ولا يمكن هزيمتهم والرعب الصهيوني من صمودهم وحضورهم يتفاقم….؟، هكذا هي الخلاصة المكثفة المفيدة في المشهد الفلسطيني الراهن، شاء من شاء وأبى من أبى….!
فهم في الكيان يعملون منذ البدايات على “اختراع وشرعنة اسرائيل واسكات الزمن العربي الفلسطيني بكل معانيه ورموزه ومعالمه ومضامينه التاريخية والحضارية، لانهم يدركون تماما ان المعركة ما بيننا وبينهم هي في الحاصل” “إما نكون او لا نكون”، وهم يتصرفون على هذا الاساس، في الوقت الذي تنهار فيه اللاءات العربية –الرسمية-التي كان حملها الراحل الخالد عبد الناصرالذي أكد في احد خطاباته: “إما ان تكون الامة أو لا تكون في صراعها مع العدو”.
وفي هذا السياق مفيد دائما متابعة الافكار والمواقف والاعترافات الاسرائيلية المتعلقة بتطورات واحداث المشهد الفلسطيني والصراع المحتدم على امتداد مساحة فلسطين بين الشعب العربي الفلسطيني وكيان الاحتلال. وفي هذه الاعترافات –الشهادات فليس صدفة أن يتنبأ من يطلقون عليهم “انبياء الغضب الصهيوني” بزوال “اسرائيل”، وليس صدفة أن يحذر كبير المحللين العسكريين لديهم رون بن يشاي في صحيفة يديعوت احرنوت العبرية 1/7/2019 قائلا:”إن أي جولة حربية تكون نتائجها غير حاسمة لصالح “إسرائيل” تُعتبر بمثابة مسمار آخر في نعش “اسرائيل”، مضيفا” أن المجتمع الإسرائيلي سوف ينهار من تلقاء نفسه، واليهود المتعطشون للحياة سوف ينتشرون في العالم للبحث عن مكان أكثر هدوءًا وأمانًا تحت الشمس”، مؤكدا:”إذا لم يحدث هذا الانهيار بعد الجولة الحالية، فسيأتي الانهيار الإسرائيلي بعد الجولة التالية أو التي بعدها”، بينما كان الكاتب الاسرائيلي ارييه شبيط كتب مقالة هامة جدا وانتشرت على نطاق واسع وكانت بعنوان:”ان اسرائيل تلفظ انفاسها الاخيرة”.
الى كل ذلك، يقول الكاتب الاسرائيلي المناهض لسياسات الاحتلال جدعون ليفي في هارتس: ان غزة على حق، وستبقى تقاتل، وحصارها اكبر جريمة في التاريخ. ويقول الكاتب الصحفي بن كسبيت في “معاريف تحت عنوان-” الذي لا يجد طريقة أخرى لوقف زحف الفلسطينيين “أنه بالرغم من الإنجازات ومن نجاح الجيش الإسرائيلي بمنع الفلسطينيين من عبور السياج الحدودي مع غزة، فإن الأخبار السيئة هي أن الفلسطينيين ما زالوا هنا، لن يذهبوا إلى أي مكان آخر، سينهضون في صباح اليوم التالي، كما يقول، حتى لو كانوا أكثر يأسا بقليل من اليوم الذي سبقه”، اما الديبلوماسي الاسرائيلي المعروف أوري سبير فاختار “أن يضع دبوسا في البالون المنتفخ، ليخرج الإسرائيليين من حالة “النشوة” التي أصابتهم في أعقاب النجاحات التي حققها نتنياهو المتكئ على ترامب في قضيتي القدس، وإيران بشكل خاص”، بعد الهبوط إلى أرض الواقع، يقرر سبير بثقة كاملة “أن إسرائيل تمتلك من القوة ما يجعلها قادرة على الانتصار على جميع الدول العربية، وعلى إيران، ولكن ليس على الفلسطينيين-معاريف -، بينما تتساءل الكاتبة مايا روزنفيلد في هآرتس : ما الذي تخاف منه إسرائيل؟، فتجيب هي قائلة:” ان أكثر ما تخشاه هو انتفاضة شعبية فلسطينية مدنية لأنها ستحرجها في التعامل معها أمام العالم…”. ويذهب المؤرخ المعروف بيني موريس في تحليل موسع له الى ابعد من ذلك قائلا:” الفلسطينيون سيتغلبون على اليهود الذين سيهربون للغرب”، وأضاف موريس في مقابلة أجرتها معه صحيفة “هآرتس”، نُشرت الجمعة-: 11/01/2019 -“أن الفلسطينيين لن يوافقوا على التنازل عن مطلبهم الأصلي “بالحصول على أرض إسرائيل كلها بملكيتهم وسيادتهم. لن تكون هناك تسوية إقليمية، لن يكون سلام على أساس تقسيم البلاد، وهذا نابع بالأساس من أن الفلسطينيين متمسكون برغبتهم في السيطرة على أرض إسرائيل كلها واجتثاث الصهيونية”.
وهناك الكثير الكثير من مثل هذه الشهادات والاعترافات الاسرائيلية التي تؤكد بمجملها على”ان الصراع مفتوح وان الشعب الفلسطيني باق على ارضه وفي وطنه”، مما يعيدنا لنؤكد ثانية وثالثة …في ظل وطأة الاحوال الفلسطينية والعربية الراهنة التي لا خلاف على انها تصب استراتيجيا لصالح مشروع الاحتلال الصهيوني: بأن خلاصة المشهد الصراعي مع هذا المشروع الصهيوني: طالما ان الصراع صراع وجودي وجذري واستراتيجي لا يستوي ولا ينفع فيه مفاوضات او تسوية او تعايش او تطبيع او استسلام بفعل موازين القوى، فانه يصبح بالتالي صراعا مفتوحا حتى هزيمة المشروع الصهيوني وتحرير الوطن بالكامل، ولذلك يجب ان تنتقل رسالة الوعي والصراع والتحرير عبر الاجيال: من الاجداد الى الابناء الى الاحفاد فالاحفاد، وهذه مهمة كل القوى الوطنية الحية مجتمعة …فالمعركة شاقة وطويلة وتحتاج الى تواصل الاجيال فيها…انه صراع عابر للأجيال….؟!

Nzaro22@hotmail.com