منوعات …
قلم : د . كاظم ناصر – كاتب فلسطيني مقيم في امريكا …
يبدو أن محمد حمدان دقلو الملقب ب” حميدتي”، رجل الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير في دارفور الذي كان مسؤولا عن قوات الجنجويد المتهمة بارتكاب جرائم حرب في الإقليم في بداية هذا القرن، ونائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الحالي عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع السودانية، قفز إلى الصدارة ويحاول السيطرة على الحكم في السودان.
الرجل أمّي ترك المدرسة الابتدائية بعد الصف الثالث؛ وعمل في تجارة الجمال والأغنام عبر ليبيا ومصر؛ اللهم لا شماتة فهو ليس أول أمّي وراعي جمال وأغنام يحكم قطرا عربيا؛ لقد حكمنا رعاة أمّيون جهلة في أكثر من قطر عربي قبل وبعد استقلال دولنا الإسمي، وما زال يحكمنا أو يشارك في حكمنا أبناء ملوك وأمراء ورؤساء حصلوا على شهادات من جامعات بلادهم بدون جهد ودون أن يتعلّموا شيئا؛ أو حصلوا على شهادات مزوّرة من جامعات أخرى.
لقد درّست في جامعة عربية كبيرة، وكان أحد الطلاب الذين درّسهم أحد الزملاء الأمريكيين الذين كانوا يعملون معنا في قسم اللغة الإنجليزية، أميرا غبيا فاشلا لم يحضر أكثر من عشر ساعات خلال الفصل الدراسي، وتخرج من كلية العلوم الإدارية بمرتبة الشرف الأولى .. وبصفر معرفة .. ، والآن أصبح سموّه وزيرا ” يحكم ويرسم “، ورأيته على شاشات التلفاز يجلس إلى يمين ” ولي الأمر” مع ترامب ورئيس وزراء اليابان ورئيسة وزراء بريطانيا ليساهم في مناقشة قضايا سياسية واقتصادية دولية حسّاسة، ويشارك في اتّخاذ قرارات هامة جدا تخصّ بلاده والعالم العربي!
لكن الخطورة في وضع محمد دقلو تتمثّل في ان الرجل يبذل جهده للسير بالثورة السودانية على خطى حركة 30 يوليو التي أعادت العسكر إلى حكم مصر؛ المراقبون للوضع في السودان يؤكّدون أنه هو من يصدر الأوامر في الخرطوم، ويحاول إفشال الثورة الشعبية السودانية المطالبة بتحقيق العدالة والديموقراطية؛ ولهذا قامت قوات التدخل السريع التي يقودها بقتل وجرح مئات المعتصمين في الثالث من حزيران / يوليو وخلال الأيام القليلة الماضية، وإنه يتواصل مع جهات عربية ودولية لتعزيز سلطاته، ووقّع حديثا عقدا بستة ملايين دولار مع شركة العلاقات العامة الكندية ” ديكسون أند مادسن ” التي يديرها ضابط سابق في الاستخبارات الإسرائيلية لتحسين صورته في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الفاعلة في الساحة الدولية.
دقلو يحاول خداع الشعب السوداني والحصول على تأييده بالادعاء أنه رفض الانصياع لأوامر البشير بفضّ الاعتصام الجماهيري بالقوة، ويعمل على إقامة علاقات شخصية مع قادة الدول العربية المعادية للتغيير الديموقراطي. فقد استغل مشاركة القوات السودانية في حرب اليمن وزار السعودية واجتمع مع ولي العهد محمد بن سلمان، وتمكّن من بناء علاقات وطيدة مع السعودية والإمارات اللتان لا تريدان قيام حكومة مدنية ديموقراطية في السودان، وتعهدتا بتقديم 3 مليارات دولار لدعم اقتصاده المتردي، وتمدان المجلس العسكري بالسلاح لوأد الثورة السودانية وتثبيت المجلس العسكري في السلطة.
الدلائل تشير الى أن الشعب السوداني سيستمر في ثورته حتى يتمكّن من إقامة حكومة انتقالية مدنية تفشل مخطّطات دقلو وتنهي حكم العسكر، وتتخذ الإجراءات اللازمة لانتخابات رئاسية وتشريعية ديموقراطية تعيد السلطة للشعب؛ الشعب السوداني سينتصر وأعداء ثورته سيندحرون؛ لقد فشلت مؤامرات السعودية والإمارات في سوريا والعراق ولبنان، وستفشل في اليمن وليبيا والسودان، ولن يحصلا إلا على الخيبة من مؤامراتهما مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وسيندمان يوم لا ينفع الندم، وإن ذلك اليوم ليس ببعيد؟