فلسطين ….
بقلم : د . ناجي شراب – فلسطين المحتلة …
“لن يرضى احد تماما عن إقتراحنا، ولكن هذه هي الطريقه التي يجب أن تكون إذا كان يراد تحقيق سلام حقيقى،فالسلام لا يمكن أن ينجح إلا إذا إستند لحقائق” هذه الكلمات للمبعوث الأمريكى للسلام في المنطقه جيسون غرينبلات، وانا هنا اتفق معه واختلف في تحديد بعض المفاهيم. اتفق معه أن أي خطة للسلام لن ترضى الطرفين الرئيسيين في عملية السلام وهما الفلسطينيون والإسرائيليون، لأننا هنا نتعامل مع عملية سلام معقده، ومركبه تعكس ماهية السلام المطلوب لصراع معقد ومركب ومكوناته كثيره. أتفق معه ان السلام يستند على حقائق، لكن أي حقائق. وهنا الإختلاف. أتفق معه تماما اننا نريد سلاما حقيقيا يخاطب مكونات السلام ، ولا يخاطب مطالب القوة وفرض الأمر الواقع، أولا نحن في حاجة لتحديد الحقائق التي تحدث عنها ، ونتفق عليها وإذا إتفقنا عليها تكون البداية فعلا للسلام الحقيقى ، وقبل ذلك لا بد ان نتفق على مفهوم السلام الحقيقى. ما المقصود بالسلام الحقيقى ؟ وهنا اجتهد بعيدا عن أي تحيز او تعصب أيدولوجى ، لأننى أسعى لهذا السلام ، ومن أشد المدافعين عنه، فانا مع السلام ولست مع الصراخ والحرب، ومع التعايش المشترك وضد التنافر والصراع بين الفلسطينيين والإسرائيلييين، و البحث عن صيغ للتكامل والمشاريع المشتركه التي تفرضها ألأرض أو الجغرافيا الواحده ، وهذه أول حقيقيه ثابته ينبغي أن يقوم عليها السلام الحقيقى.أعود لتحديد ماهية السلام الحقيقى .هناك فارق بين السلام الحقيقي وسلام الحقائق، السلام الحقيقى هو السلام الذى يتعامل مع السلام من منظور تحقيق العدالة المطلوبة ومقبوله في أي تسويه، هو السلام الذى يخاطب بشكل مباشر أسباب الصراع ، ويقدم الحلول لمعالجتها وحلها، وهو السلام الذى يستند على الشرعية الدولية والمواثيق الدوليه والإنسانيه، من منطلق فرضيه اساسيه طالما أن الهدف الرئيس لميثاق الأمم المتحده هو تحقيق السلام العالمى يفترض ان اى أي سلام حقيقي يستند على جوهر الأهداف والمبادئ التي تقوم عليها ألأمم المتحده والقرارات الصادره عن الأمم المتحده، ولا يجوز لأى مبادره للسلام أن تقوم على إلغاء هذه الشرعية الدوليه وما صدر عن ألأمم المتحده من قرارات ، وأن تكون نقيضا للمواثيق الدوليه. وهناك من يرى ان إلصاق صفة العدل على السلام ضروريه خصوصا أن السلام والعدل وجهان لعملة واحده، ولكن هناك من يرى أنه من الصعوبة بمكان الحديث عن العدالة المطلقه في اى تسويه سياسيه، وان العدل نسبيا، وكل إتفاقات السلام بل ومعظمها تخاطب الواقع القائم، ولا تعبر عن العدل كإتفاقات باريس عام 1919، وحتى إتفاقات أوسلو وهذا سبب فشلها أنها إتفاقات غير عادله وعكست موازين القوى القائمه والتي تعمل لصالح إسرائيل، ولذلك غلبت الإعتبارات والحاجات ألأمنيه لإسرائيل على إعتبارات الحقوق المشروعه للشعب الفلسطينيى ، وهذه المعادله غير المتكافئه التي حولتها لإتفاقية أمن بدلا من إتفاقية تسويه سياسيه تفضى لإتفاق سلام.وفريق ثالث يربط بين السلام وأى تسويه سياسيه بمعادلة الحقوق ، والحقوق السياسيه والإنسانيه ، وفى رايهم أن السلام بمراحله ألأربعة إقرار السلام وصنع السلام وحفظ السلام وبناء السلام يتضمن في المراحل ألأربعة مسألة الحقوق المنقوصه لكل طرف و ما هي الحقوق الغائبه بسبب الصراع ، وهدف السلام هنا إستعادة هذه الحقوق. أما سلام الحقائق الذى تضمنه صفقة القرن المنتظره وما تحدث عنه المبعوث الأمريكي جرينبلات فيعنى التسليم بما هو قائم، والتسليم به كحقيقه وحق قائم، مثال ذلك التسليم بأن ليس للفلسطييين حقوق في القدس وان حقوقهم مجرد حقوق للعباده، وانها خارج التفاوض، وألأمر ينطبق على القضايا ألأخرى كاللاجئيين الذى عمل قانون القوميه اليهوديه الأخير على شطبها. السلام الحقيقى يقوم على الحقائق وهذا صحيح، هذه الحقائق الإعتراف بأن الفلسطينيين شعب له حقوقه المشروعه والتي أقرتها الشرعيه الدوليه والتي لا يمكن إلغائها، وهذا الشعب كالشعب الإسرائيلي تماما، وثانيا ألإعتراف بأن هناك إحتلال إسرائيلى للا راضى الفلسطينيه ، ولا بد ألإعلان الصريح على إنهائه، وثالثا ألإعتراف بأن المستوطنات المقامه على أراضى الدولة الفلسطينيه التي إعترفت بها ألأمم المتحده كدولة مراقب غير شرعيه وتتناقض وقرارارت الشرعيه الدوليه التي صدرت بشأنها قرارات كثيره حتى الإدارات ألأمريكيه السابقه لم تعترف بشرعيتها, ورابعا ألإعلان الصريح بحق الفلسطييين بقيام دولتهم وان إسرائيل كدولهوأمن وبقاء لا يكتمل إلا بقيام هذه الدولة , وألإلتزام بكل الإتفاقات الموقعه بين الطرفين ومسؤولية إسرائيل كدولة إحتلال، ، ومن ثم التفكير بعد ذلك كيف نحول السلام من مراحله الثلاث الأولى إلى مرحلة بناء السلام وهنا يأتي دور التعليم ونشر قيم السلام ونبذ الكراهية والأيدولوجيات المتعصبه، والتفكير في المشاريع المشتركه ، والبحث عن صيغ للتعايش المشترك من منطلق وحدانية ألأرض التي تقوم عليها الدولتان الفلسطينييه والإسرائيلييه ، وأنه لا بديل عن السلام بينهما, الخطوة ألأولى في استعادة معادلة الحقوق، وعدم التعامل مع القضية والصراع من منظور الحقوق والإحتياجات الإنسانيه فقط على أهميتها بل السلام الحقيقى هو الذى يخاطب أسباب الصراع ويعمل على إستئصالها وإستبدالها بالسلام بما يعنيه من حياة مشتركه تقوم على الحقوق والإعتراف المتبادل بينها، توجد أمثلة وتجارب صغيره لو وظفت لكنا ألآن في مرحلة بناء السلام. ويبقى السلام الحقيقى سياسى إنسانى مرجعيته الشرعية الدولية ومنظومة الحقوق،وسلام الحقائق سلام القوة والواقعيه ومرجعيته شرعية القوة ، وشتان بين شرعية القوة وقوة الشرعيه,والمطلوب في صفقة القرن إيجاد حل لهذه المعادله.
drnagishurrab@gmail.com