تهب الرياح من كل اتجاه : هكذا افكر أنا – بقلم : ادوارد جرجس

آراء حرة …
بقلم : إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك
منذ فترة وأنا أفكر في الإنسان ، أو شخصية الإنسان وكيف تسوقه خطواته منذ ولادته أو طفولته إلى أن يخرج من الحياة في عريه  كما دخلها في عريه . أنواع كثيرة من البشر ، تعداد العالم بالمليارات ، لكن من النادر التطابق التام بين اثنين في الشخصية أو السلوكيات ، وقد تكون مستحيلة مثل بصمات الأصابع . ما هي العوامل التي تلعب دورها في تحديد هذه الشخصية ، هل هي وراثية أم تخضع للأسرة والبيئة التي ينشأ فيها الإنسان ، هل يلعب التعليم والثقافة دورهما في تحديد هذه الشخصية وسلوكياتها ؟! ، أم العوامل كلها تشترك معاً . أفكار تدحض أفكار ، فإذا قلنا بأنها وراثية فإلى أي مدى تلعب الوراثة دورها ، فقد يتشابه الإنسان في سلوكياته مع أحد أفراد العائلة أو الجدود ، لكنه يكون تشابهاً طفيفاً وقد يكون غير مؤثر على الإطلاق ، لم نسمع عن شخص أنه أصبح قاتلاً لأن الأب أو الجد كان قاتلاً ، وأيضاً الأسرة أو البيئة قد لا يكون لها التأثير الشديد ففي الأسرة الواحدة وتحت الظروف البيئية المتشابهة تماما تجد الإخوة الإشقاء وقد اختلفت شخصياتهم وسلوكياتهم تماماً ، ولو تطرقنا إلى التعليم أو الثقافة نجد أن لها بعض التأثير في سلوكيات ليس لها الصفة التأثيرية العميقة على السلوكيات المثلى أو العكس ، فيمكن أن يكون المتعلم أو المثقف يحمل بعض التهذيب أو الذوقيات عن غيره ، لكنه يمكن أن يرتكب الفظائع التي تصل إلى القتل أو الإجرام التي لا يفكر فيها مجرد التفكير الإنسان الذي لم يحصل على قسط من التعليم أو الثقافة . لا بد أن نعترف أن الطبيعية البشرية تحمل من الألغاز التي لم يتوصل إلى حلها أشهر أطباء علم النفس ، أو الفلاسفة ، لأن الطبيب النفسي أحياناً يكون هو نفسه مريضاً بعقدة ما وبالرغم من هذا فهو يحاول أن يفك العقد النفسية للآخرين ، وكم من الفلاسفة لهم شخصيات سيكوباتية . من الطبيعي وأنا أبدأ دراسة معقدة أن تكون الأفكار غير مرتبة في رأسي ، كي أصبها في قالب نموذجي ، فمثلاً فكرة وردت إلى رأسي عن هؤلاء الذين اختاروا طريق الدين واتجهوا لأن يكون أوصياء علي تعاليمه ، وأصبحوا من رجال الدين كما نطلق عليهم ، هل كلهم أصحاء وأقصد الصحة التي تؤهله أن يقف ليكون واعظاً أو داعية لتعليم العامة ، لماذا على سبيل المثال وبالطبع ليس الجميع ، نجد بعضهم يرتكب من الخطيئة أو الشذوذ ما يعف عنه من لم يعرف كلمة واحدة عن عقيدته ، حقيقة الإنسان لغز منذ ولادته ، وحتى الصرخة  التي يطلقها وهو يجابه الحياة لأول مرة قد لا تحمل  التشابه ، احتاروا في تفسيرها ، نعم اجتهد البعض وفسرها كناحية طبية ، لكن أعتقد أنها بعيدة عن هذا التفسير كلية ، أو قد يشاركه تفسيري الشخصي لها  ، الذي اجتهدت فيه حتى وصلت للحقيقة ، بأن هذه الصرخة يحددها نوعية البشر وموطنهم ، ففي بلادنا مثلاً نشترك جميعاً في هذه الصفة منفردة ، الصراخ والصياح وفقط ، لا نعرف غيرهما ، نصرخ ونصيح في وجوه بعضنا البعض ، ثم نلتقم ثدي الغرب ، نمتصه ونتشبث به حتى نمتلأ بالخنوع والخضوع وتُشرق ابتسامة الرُضع على وجوهنا !!!!! .
ولا تزال الدراسة مستمرة .
edwardgirges@yahoo.com