الجامع الازهر .. مكانة رائدة ورسالة خالدة وثقافة سائدة – بقلم : طلال قديح

آراء حرة ….
بقلم : طلال قديح – كاتب فلسطيني مقيم في السعودية ..
الجامع الأزهر  قلعة إسلامية شامخة ، وصرح عملاق و من أهم المساجد على الإطلاق، بناه القائد جوهر الصقلي قبل أكثر من عشرة قرون  ليكون منارة علمية تضطلع بدور بارز ومستمر على مدار الأعوام ، ويؤدي رسالته الخالدة في الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
احتضن الأزهر طلاب العلم من كل أرجاء العالم الإسلامي ووفر لهم كل السبل لينهلوا من العلم الإسلامي الخالص بعيدا عن التعصب المقيت، بل وأتاح لهم الإقامة في أروقته ليظلوا قريبا من علمائه ومشائخه في حلقات هنا وهناك تحفل بالمناقشات والاستفسارات في جو إيماني عظيم.
وكان لعلماء الأزهر الدور الأبرز في خدمة الإسلام واللغة العربية في كل بقاع الدنيا ، وجسد ذلك دور مصر العظيم الذي بدأ منذ الفتح الإسلامي لها على يد القائد العظيم عمرو بن العاص.
ومن هنا لم يخل بلد إسلامي من عالم أزهري أو أكثر يضطلع بالدعوة والتعليم الصحيح فضلا عن إمامة المساجد ولا سيما أيام الجمعة وغالبا ما تصبح الخطبة حديث الناس ومركز اهتمامهم.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن شيخنا الجليل وأستاذنا العظيم الشيخ محمد فهيم أبو عبية، رئيس بعثة الأزهر في لبنان- كان له حضوربارز على الساحة اللبنانية يعرفه القاصي والداني، كان إماما لجامع المجيدية في بيروت الذي يشهد ازدحاما شديدا  من المصلين بدءا من رئيس الوزراء والنواب وكبار الساسة والمسؤولين.
كان الشيخ فهيم-يرحمه الله-يمثل جيل الأزهريين العظماء، فقد كان من أشهر النحاة وأعظم الخطباء ممن تهتز له أعواد المنابر وتصغي له الآذان بلهفة واشتياق وتشرئب له الأعناق وهو يصول ويجول في ميادين السياسة ومجالات الدعوة.
كان شيخنا أزهريا بكل ما تعنيه الكلمة من علم وثقافة وانتماء عربي أصيل للأجداد الأفذاذ الذين ملأوا الدنيا وشغلوا الناس.
وكان نحويا بامتياز قل نظيره في هذا الزمان ، ويمثل ذاك الجيل الذي يعتز بإسلامه وعروبته إلى أقصى حد.
خرّج الجامع الأزهر كوكبة من العلماء في علوم الدين ثم علوم الدنيا من طب وهندسة خاصة بعد أن أنشأ كليات حديثة عام 1961م في كافة التخصصات الحديثة.
ومن خريجي الأزهر الذين يشار إليهم بالبنان في مصطلح الحديث وعلوم القرآن الشيخ صبحي الصالح- يرحمه الله، فقد كان قامة علمية شامخة، عرفته الجامعات في لبنان وسوريا والأردن والعراق ، وبلغ الأوج في خطبه ومحاضراته وكتبه التي ملأت النوادي والمكتبات.
ولقد شرفت بالتتلمذ على يديه في جامعة بيروت العربية ودراسة مادتي علوم القرآن ومصطلح الحديث اللتين طبعتا ونشرتا في كتابين  ذائعي الصيت.
لقد كان الأزهر عظيما من حيث نظرت إليه، وظل منبره منطلق خطب الساسة والقادة أمثال الرئيس جمال عبد الناصر الذي كان يصغي إليه العالم كله بلا استثناء، فيعلن أهم القرارات السيادية خدمة للوطن والمواطن بل والعالم العربي من الخليج إلى المحيط.
بارك الله في الأزهر وعلمائه الذين كان لهم الدور الأهم في معظم الإنجازات ، ونسأل الله أن يظل يضطلع بدوره على أكمل وجه وبأعظم صورة، فهذا قدره التاريخي وهذه رسالته العظمى.
هنيئا للعرب والمسلمين بمصر الكنانة والأزهر الشريف مكانة ورسالة خالدة وعلماء أجلاء ، وحق لنا أن نفخر بهم منارات علم، صباح مساء.