آراء حرة ….
بقلم : إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك ….
كلمات كتبتها منذ عامين وفي نفس المناسبة ، أن أعيدها ثانية لا تخرج عن اثنتين ، إما أن تكون قريحتي قد نضبت ، وإما للسخرية من عقول كُتب عليها بالخط العريض ، يبقى الحال على ما هو عليه ولا أمل في التجديد لأن ما بها هو ما كان والكائن وما سيكون ، تجمدت عند درجة اللاعقل !. المثقفون يعرفون بلا شك الموسوعة المعروفة باسم موسوعة جينس التي تصدر كل عام ، قائمة عن الأرقام القياسية في كل مجال ، على سبيل المثال أعظم وزن رجل في العالم ، أو أقصر امرأة ، أو أضخم كلب ، المهم أن يكون الرقم لم يسبق له مثيل ، قررت ان أشترك هذا العام بتقديم الجديد في القياسات متمثلة في السؤال الأكثر سخافة والعقلية الأكثر تفاهة ، في برناج ديني على الفضائيات تقدم أحدهم بسؤال إلى ” القس ” ضيف البرنامج ، هل من الحرام أن أحتسي بعض الخمر يوم العيد ويوم شم النسيم ” ؟! ، وجاء رد القس قاسياً لأنه من المعروف أن المسيحية تحرم شرب الخمر وهذه حقيقة يجهلها الكثيرون . الموضوع من ناحية الحدث نفسه لا يستحق أن أضع فيه قلمي ، لكنني أتناوله بصفة عامة من جهة عقول البعض أو الأكثرية الذين تحول أفقهم العقلي إلى مسطح مساحته بضعة سنتيمترات لا يتعداها ، عجينة أو خلطة من التفاهة والهيافة والجهل حتى لو كانوا يحملون أعلى الشهادات العلمية ، فئة ظاهرة وواضحة ولا تحتاج إلى إشارة او تعريف وللأسف لا تجدها بهذه الكثافة سوى في بلادنا ، أفق يخلط العقائد بكل المبتذلات ، والروحانيات بكل النجاسات ليخرج منها فتاوى أو أسئلة واستفسارات تشبه حكايات ألف ليله والليلة والكلام المباح وصياح الديك وآهة شهر زاد وغرائز شهريار ، البلد الوحيد الذي تسمع فيه عن عقلية تافهة تسأل القس إن كان يصرح له باحتساء الخمر في العيد وشم النسيم وينتظر الإجابة الشافية حتى لو كانت أشرب بوظه أفضل يا حمار ، البلد الوحيد الذي يمكن أن تسمع فيه أسئلة توجه لرجال الدين تشعر أن سائلها عقليته لم تولد بعد ، البلد الوحيد الذي تسمع فيه فتاوى دينية من كل من هب ودب وحتى ولو كان بينه وبين المعرفة الصحيحة بالدين ما بين أقطاب المغناطيس المتنافرة ويُفتى بها وكأنها دعوة لخطيئة أكبر ، دائماً أحتكم إلى أشياء بسيطة ولمحات قد تغيب عن البعض في الحكم على ثقافة مجتمع ، لقد اثبتت الدراسات الفعلية أنه كلما ازداد الالتباس بين الحلال والحرام وعدم قدرة الفرد على التمييز بينهما سواء كان عن جهل أو عن معاناة أخلاقية كلما ازدادت السلوكيات الخاطئة تجاه العقيدة ذاتها وتجاه المجتمع وتجاه العقائد الأخرى ويتحول المجتمع إلى فوضى خلاقة تصاحبها ممارسات وأقوال بعيدة كل البعد عن الحضارة تصل في معظم الأحيان إلى العنف ويتساءل البعض بكل غباء عن الأسباب وهي واضحة وتجهر بخطاياها تماماً كخطيئة العقل الذي يسأل رجل الدين إن كان يحلل له احتساء الخمر ، تراجعت عن إرسال السؤال إلى موسوعة جينس لأنه سيجر إلى ما هو أبعد من التفاهات والهيافات والجهالات العقائدية قفزت قياساتها في المجتمع إلى أعلى مستوى وأكبر من طاقة موسوعة جينس !!!!! الحمد لله قريحتى لم تنضب، فقط أعدتها من باب قد يكون في الإعادة إفادة والله أعلم !!.
edwardgirges@yahoo.com