آراء حرة ….
بقلم : إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك ….
ونحن لا نزال في محيط أفراح عيد الميلاد المجيد أعاده الله على الجميع وعلى كل أنحاء العالم وقد ساد السلام الذي نادى به السيد المسيح ، سلام الحياة ، سلام القلوب ، سلام العالم الذي مزق إبليس بعضه ويحاول أن يُكمل على بقيته ، نعم أقول إبليس وليس غيره الذي تحذر منه جميع الأديان ، فهو لا يستطيع أن يبث شروره إلا في وسط الدسائس والقلاقل والدماء ، وهو ما قاله عنه السيد المسيح ” ذاك كان قَتَّالاً للناس من البدء ” ، نعم كل هذه الدماء التي نراها الآن هي من القَتاَّل منذ البدء . عندما أقرأ كلمات السيد المسيح وتعاليمه أفكر وينطلق فكري إلى الميلاد منذ بدايته ومحاولة ” هيرودس الملك ” قتل الطفل المولود في بيت لحم لأنه كما قيل له أن نجماً ظهر في المشرق يقول أن المولود سيكون ملكاً لليهود ، وارتعب هيرودس الملك لأنه ظن أنه سيكون ملكاً أرضياً جاء لينتزع ملكه ويقول التاريخ أنه قتل أطفال بيت لحم من عمر عامين إلى المولود حديثاً ليضمن أن ضالته بينهم ولم يعلم أن السيد المسيح أخذه يوسف النجار مع أمه مريم وهرب به إلى أرض مصر كما أوحي له في حلم ” رحلة العائلة المقدسة ” ، وكانت دماء أطفال بيت لحم فوق رأس هيرودس الملك وأبليسه القَتَّال من البدء . ولعل ما يحدث لأطفال فلسطين الآن لا يختلف كثيراً عن مجزرة بيت لحم ، فأبليس القَتَّال لم يختلف ولم يتغير وسيظل قائماً في وسط البشر إلى النهاية ويسعده ويفرحه كثيراً من ينضم إلى ركابه . عندما أقرأ كلمات السيد المسيح وتعاليمه ينطلق فكري بسؤال قد تحوطه الغرابة ، لكن لا غرابة في الفكر مهما جنح ، طالما أن المفكر يميز في النهاية بين الصواب والخطأ ، ماذا لو أتى السيد المسيح كأنسان عادي تحت أي أسم وكباقي البشر ونشر هذه الكلمات أو التعاليم كفليسوف مثل باقي الفلاسفة ؟! ، أي أنه جاء لا يحمل أي صبغة دينية ، هل كان سيقبلها العالم ؟! أم سيتعامل معها على أنها مجرد كلمات فلسفية أقرب إلى الجنون ، كيف كان سينظر إلى مقولة ” أحبوا أعداءكم ، باركوا لاعنيكم ، احسنوا إلى مبغضيكم ، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ” ، لم يفهمها الكتبة والفريسيين لجمود عقولهم ، فكيف ستُقبل كمجرد كلمات من فم بشري مثل كونفوشيوس أو بوذا أو غيرهما بالرغم من أن هؤلاء لهم تعاليم تصل إلى درجة النقاء النفسي الكامل . مشكلة العالم الآن وحتى الذين يدينون بديانات سماوية أن التعامل مع المادة أصبح هو المسيطر على العقول ، أما التعاليم والمقولات الدينية فأنها أصبحت مجرد كلمات إنشائية بلاغية تقال لكن لا وجود للتطبيق ، قلائل الذين يستمعون ويطبقون وإن كان التطبيق لا يصل لدرجة الكمال ، لكن لا بأس على هذه المحاولات ، بالتأكيد أنا لا أنادي بالتدروش والدروشة التي يمكن أن تحول المجتمعات إلى شيء أقرب إلى العصور الحجرية ، لكن أقول فلنقترب من المادة ولا نبتعد عن الإنسانية ، أو كقول السيد المسيح أعط مال قيصر لقيصر وما لله لله . الله لا يطلب الكثير ، فقط أن تغلبنا إنسانيتنا ولا ندع إبليس القَتَّال من البدء يتغلب عليها .
edwardgirges@yahoo.com