مُرافعة فرعون الأخيرة! أمام محكمة العدل التاريخيَّة – شعر : عبد الله الفيفي

الشعر …
شِعر: أ.د/ عبدالله بن أحمد الفَيْفي – شاعر من السعودية …
اِرْفَـعْ سَماءَكَ ؛ إِنَّ عَصْـرَكَ  صَـاغِـرُ
واكْذِبْ ؛ فإِنَّ الصِّدْقَ قِـدْحٌ خَاسِـرُ!
قُـلْ ما تَـشَـاءُ ؛ فـما دَيـَـاجٍ هـاهُـنا
تَصْحُوْ ، ولا يَنْـبُـوْ الصَّبَاحُ  الكَافِـرُ!
هَطَـلَتْ مُرَافَعَـةٌ  لِفِرْعَـوْنِ الشَّـرَى
طَـارَتْ بِهـا الرُّكْـبَانُ حَيْثُ تُسَـافِـرُ:
**  **
مَـنْ  قَـالَ  لِلقَـتْلَى  بِأَنْ  يَـتَـكَاثَرُوا؟
لا  ذَنْـبَ  لِلقَـتَّـالِ ؛  تِـلْكَ  مَصَائِـرُ!
أَنْزَلْتُ  في سِفْـرِ  الوَصَايـَـا  آيَـتَـيْ:
“سَفَـكَ الدِّمَاءَ مُصَاهَـرٌ  ومُصَاهِرُ!”
وشَـرِيْعَـتِيْ فـي النَّسْلِ عَطَّلتُمْ!  أَلَا
كَمْ عُطِّلَتْ خَلْفَ السُّجُوْفِ  أَوَامِرُ؟!
**  **
لا ذَنْـبَ لِلقَـتَّـالِ ، بَلْ ذَنْـبُ الأُلَـى
قَـتَـلَـتْـهُمُ  الكَلِـمَاتُ؛ وهْيَ غَـوَادِرُ!
إِنَّ الوِصَالَ قِـرَابُـهُ سَيْـفُ  الفِرا [م]
قِ،  وإِنَّ  قَـارِبَ  وَافِـدِيْــهِ  مُـغَـادِرُ
مَنْ فَرَّخَ الإِرْهَابَ، غَيْرُ الشَّعْبِ؟ أَمْ
مَـنْ  رَاشَـهُ؟ وعَلَـيْـهِ  دارَ  الدَّائـرُ؟!
هَـلَّا أَجَبْـتُمْ ، يـا بَقَـايَـا أَحْـرُفِـيْ؟
كَـيْ  تُؤْمِنُـوا  أَنِّـيْ الـمُذِلُّ  النَّاصِـرُ!
لتُسـبِّـحَ  الأَطْـلَالُ :  أَنِّـيْ كَـاتِـبٌ
مَـاحٍ ،  وأَنِّـيْ  عِــزُّهَـا   والـقَـاهِـرُ!
والحَـاكِـمُ  الـبَـرُّ  الرَّؤُوْفُ مُـرَابِـطٌ
فـي خِدْمَـةِ الشَّعْـبِ  الأَبَـيِّ  مُـبَـادِرُ
حَـرَسَ الثُّغُوْرَ مِنَ الغُزَاةِ ، ووَاجِبٌ
أَنْ يَحْـرُسَ  الأَرْحَـامَ  جَـيْشٌ  عَابـِرُ!
**  **
مَنْ  يَحْـفَـظُ  التَّارِيْـخَ  فـي  تَابُـوْتِـهِ
مِـنْ هَـبَّـةِ الأَرْوَاحِ  حِـيْنَ  تُـغَـامِـرُ؟
مَنْ يُمْسِكُ الجُغْرَافِـيَـا في صَحْـنِها،
كَدَجَاجَـةٍ مَـشْـوِيَـةٍ ،  ويُـحَـاصِـرُ؟
وشِـعَـارُهُ  فـي  أَرْضِـهِ  وسَـمائِــهِ،
وعلى الجَـبِيْنِ ، هُوَ  الشِّعَارُ  الشَّاعِـرُ:
“لا  يُهْـلِـكُ   الأَقْــوَامَ  إِلَّا  كَــثْـرَةٌ
فـي  قِـلَّــةٍ ،  أو  قِـلَّــةٌ  وتُـكَاثِـرُ!”
**  **
قَرَّرْتُ: أَنْ أُبْقِيْ “حِذَائِـيْ” أُمَّـتِـيْ!
لَنْ  يَنْهَضَ النَّخْلُ الخَصِيُّ.  فحَاذِرُوا:
مِنْ فِتْـنَـةِ التَّفْكِيْرِ  في غَـدِكُمْ!  لَقَـدْ
فَـكَّـرْتُ  عَنْكُمْ  قَبْلَ يُـولَـدُ خَاطِـرُ!
لَنْ أَتْـرُكَ القُطْـعَـانَ  تَـنْـمُـوْ  هكَذا
فَوْضَى ، وذِئْـبٌ فـي المَرَاعِـيْ كاسِـرُ
حِـرْمانُـهُ فـي نِعْمَـتِـي،  ونَـعِـيْمُـهُ
فـي أَنْ أُسَمِّـنَـها  لَـهُ!   أَ أُخَـاطِـرُ؟!
أَوْلَـى  بِلَحْمِكُـمْ فَمِـيْ ، فَـتَأَمَّـلُوا!
وتَأَلَّـمُوا؛ فالـمَوْتُ “بَعْثٌ” سَاخِرُ!
**  **
ما ضَرَّ لَوْ دَمْشَقْتُ عاصِمَتِيْ  بِكُمْ؟
وعلى عِظَامِـكُـمْ  تَـمَشَّى الحَـاضِـرُ؟
ما ضَرَّ لَوْ  (حَلَـبٌ) غَـدًا  رَاوَدْتُهـا،
فحَلَبْتُ  أَشْطُرَهـا ،  لنِعْمَ  الشَّاطِـرُ؟
شَـرَفٌ  عَظِـيْمٌ  أَنَّـنِـيْ  فَـضَّلْـتُـكُمْ
فَذَبَحْـتُـكُمْ  بِـيَـدَيَّ ،  لَسْتُ أُغَـادِرُ!
فلْيَسْـقُـطِ  الإِنْسَـانُ  إِلَّا هَـامَـتِـيْ!
ولْـتَسْـقُطِ الدُّنْـيا ، وقَصْرِيْ عَـامِـرُ!
هِـيَ دَوْلَـتِـي الأُوْلَى ، وما مِنْ آخَرٍ،
والحَاكِمُ  الأَبَـدِيُّ سَيْـفِـيْ  الظَّـافِـرُ!
أَنَـا رَبُّكُمْ ،  ووَرِيْثُكُمْ ، ولَكُمْ  غَـدَا
بِـيْ فَـخْـرُ  دِيْـوَانِ الزَّمانِ  الفَـاخِـرُ!
وسِيَاسَـةُ  الوَطَـنِ الكَـبِيْرِ  سِـياسَـةٌ
لا يَسْتَـقِـلُّ  رِكَـابَـها  الـمُـتَصَاغِـرُ!
**  **
فـي ذِمَّـةِ التَّارِيْـخِ  تَـبْـقَى صَفْـحَـةٌ
سَـوْدَاءُ  يُمْلِـيْـها  الضَّمِـيْرُ  الضَّامِـرُ
يا قـاضِـيَ   التَّارِيْـخِ،  رَتِّـلْهـا  على
رِمَمٍ  لَـها  هَـامُ  الشُّعُوْبِ  مَـقَـابِـرُ:
الحَـاكِمُ الفِرْعَوْنُ  يَسْـحَقُ شَـعْـبَـهُ
كَـيْ   يَـصْطَـفِـيْ  هامَـانَــهُ  فَـيُـآزِرُ
كَـيْ   يَـصْطَـفِـيْ  مَـاءَ  الحَيَاةِ بمائِـهِ
ويُـبَـادَ  فـي  جِـيْـنَـاتِـهِ   الـمُتَـآمِـرُ!
شَعْـبًـا  قَـرَاحًا ، مـا لَـهُ لَـوْنٌ ،  ولا
طَعْـمٌ ، ولا  عَـرْفٌ ، وما هُوَ طَاهِـرُ!
رَخَـمٌ  سِـمَـانٌ  بَعْـضُـهُ ، ونَـعَامُـهُ
بَعْضٌ، وبَاقِـيْ السِّرْبِ رِيْـشٌ طَائِـرُ!
لا غَرْوَ  إِنْ  نَسَـرَ  البُغَـاثُ  بِأَرْضِـهِ
“إِنَّ البُغَـاثَ  بِـأَرْضِـهِ”  هُوَ  نَـاسِرُ!
**  **
لَـوْلاكُـمُ  مـا  قَـامَ  ثُـعْـبَـانٌ  علـى
أَشْـلاءِ  أَطْـفَـالِ  (الشَّـآمِ)  يُحـاضِـرُ
“أَسَـدٌ عَلَيْها ..  في الحُرُوْبِ  زَرَافَـةٌ
عَـرْجَاءُ”  يُرْضِعُها  الفَـقِـيْـهُ الفَاجِرُ
أَلْـقَى  الجِـرَانَ  فَـصَاحَـةً  وبَلاغَــةً
مُـتَـمَـنْـطِـقًا، والمُهْطِعُـوْنَ  مَـنَـابِـرُ:
أَنَـا ، لا  أَنَـا إلَّا  أَنَـا ، مَـنْ ذا  لَـكُمْ
بِـزَرَافَـةٍ  مِـثْلِـيْ؟!  تَعَالَـى  الفَاطِـرُ!
قَدَرِيْ أَكُوْنُ مَصِيْرَكُمْ ، فاسْتَسْلِمُوا
لِـمَصِـيْـرِكُـمْ هذا ، وجَـلَّ الـقَـادِرُ!
حَـرْبِـيْ  عَلَيْـكُمْ  كَيْ أُثَقِّفَـكُمْ  فَـما
تَـدْرُوْنَ  أَيَّ  فَـضِـيْـلَـتَـيَّ  تُـسَــاوِرُ
لا تَحْسَـبُوا  مـا قَـدَّرَتْ  لَـكُـمُ  يَـدَا
يَ  كَشَرِّكُمْ ، أَنَـا خَـيْـرُكُمْ  والآخِـرُ
هِيَ  سُنَّـةُ الدُّنْـيـا ؛ فكَمْ مِنْ مَـأْتـَمٍ
هَـطِـلٍ، وكَمْ مِنْ مَوْلِـدٍ  هُوَ عـاقِـرُ!
لا ذَنْـبَ لِلقَـتَّالِ ،  بَـلْ هُـوَ ذنبُـكُمْ
والذَّنْـبُ كُلُّ الذَّنْـبِ فِيْـكُمْ سَـافِـرُ!
لَـوْ فَلْسَفُوا القَانُـوْنَ  بَـنْـدًا  واحِـدًا
ما فَلْسَفَتْ  مِثْلِـيْ الحُقُـوْقَ عَـبَـاقِـرُ!
**  **
تَـلَّ  الضَّحَايـَا  لِلْجَـبِـيْنِ مُحَـمْلِـقًـا
في رَبِّـهِ  الرُّوْسِـيِّ : “عَـبْدُكَ  نَــاذِرُ”
“إِنِّـيْ أَرَى أَنِّـيْ أُذَبِّحُـكُمْ ، قِـفُـوا،
لا تَـنْـظُـرُوا ، فـهُـنا  الإلـهُ  النَّاظِـرُ”
وعَلَا يُكَرْكِرُ في الأَضَاحِيْ ضِحْكُها
مِـنْ سَقْـطَـةِ الإِنْسَانِ كَـيْـفَ يُـكَابِرُ
سَلَّتْ رَسِيْسَ الأَمْنِ مِنْهُ.. هَوَتْ بِهِ
مُلْـقَى الكَرامَـةِ، و(الكِرِمْلِنُ) فَـاغِـرُ
هَزَمَتْ “بَرَامِيْلَ” التَّخَلُّفِ،  جَيْشُها
مِنْ ياسِـمِـيْنَ ، وثـارَ  عِـطْـرٌ  ثـائِـرُ!
**  **
إِنَّ الشُّـعُـوْبَ طُـغَاتُها مِنْ جِـلْـدِها
ولِـكُـلِّ  طَـاغٍ  حـاضِـنٌ  وعَـشائِــرُ
ولِكُـلِّ  طَـاغٍ  شَاعِـرٌ  ، ومُـمَـثِّـلٌ،
ومُـفَـلْـسِـفٌ إِفْـلاسَـهُ ،  ومُـتَـاجِـرُ
لُـبُّ  “النِّظَـامِ” ثَـقَـافَـةٌ ، لا دَوْلَـةٌ؛
فلتُسْقِطُوا  الماضِـيْ  لِـيَحْيا الحاضِـرُ!