رتابة – بقلم : عبد الرحيم الماسخ

اراء حرة ….
بقلم : عبد الرحيم الماسخ – مصر ….
العمر يمر بلا توقف , فما يوقفه , إن كان في حياة الإنسان وقفات / استراحات من السعي الدائم على ظهر الأرض , فإن هذه الوقفات محددة بعلامات فارقة , لا يستطيع الإنسان مثلا أن يقف في وجه الطوفان و إلاّ جرفه حتى الغرق , و لذلك اختلف الناس ما بين الحزن و السعادة و الصحة و المرض و الغنى و الفقر …………… إلخ , هنا في نجعي المحروم من أشياء كثيرة حدِّث ْ و لا حرج عن المشاكل في كل شيء , لا تحلم هنا برفاهية و لا راحة بال , معظم الناس في مستواهم التعليمي و المعيشي المتوسط أو الأقل من المتوسط متخاصمون في سعيهم الغير مستقر وراء أرزاقهم القليلة , الأخ لا يستريح لأخيه إما حاسدا إياه على نعمة أو شامتاً فيه على نقمة , فإذا خرج واحد مثلي ليقول قصيدة فلمن يقول ؟ و من يسمع ؟ لقد تعجّب لي بعض الزملاء في العمل قائلين : أنت شاعر تقول , و لا نرى عليك نعمة و لا نسمع لك صوتا بعيدا عن هنا, الشعر في الإذاعات و على شاشات الفضائيات , فأين أنت منه ؟ أنت هنا بيننا موظف فقط , نعم معهم حق , فأنا أرهق نفسي لاهثا وراء الصفحات الأدبية في الصحف و محاولا نشر بعض كتبي , لكني مُغيَّب تماما عن الأضواء , الأضواء كانت و مازالت في أيدي بعض الناس , و إن كان بعضهم من المثقفين لكن نظرتهم قاصرة على كل حال فلن تمتد إلينا أبدا , يكفيهم توظيف مساحات الضوء لخدمتهم و تعظيم شأنهم على حساب الحركة العامة , نرسل أعمالنا إليهم و نصبر على وعودهم التي تذهب أدراج الرياح , لقد أدركت أخيرا خطأ صبري على حالي , لماذا لم أترك الريف النائي فأكون مثلهم , لقد فاتني القطار رغم كل جهدي , و بعدما نشرت أكثر من ألفي قصيدة لا أستطيع الوقوف أمام التحالفات المتناحرة , التي تضرب أقاليم مصر , ممنوع أنا بحكم موظفي الثقافة بإيعاز ممن سموا أنفسهم مثقفين ممنوع من المشاركة في أي نشاط ثقافي رغم أني محاضر مركزي منذ سنوات , كيف يستمر شاعر مثلي يكتب و ينشر في عزلة مفروضة عليه بلا كلمة واحدة في حقه , أين الضمير في كل ما نرى و نسمع , لقد أعطيت كل جهدي و لم آخذ أي شيء , و بقيت في عملي مهندسا زراعيا , ربع قرن الواسطة  تزيحني كل حين إلى الخلف لأسمع السادة متضخّمي الذات في مزيد من تبجحهم  بالعدالة الاجتماعية التي أصبحت هي الأخرى رتوشا شكلية , الواسطة لنشر الكتاب , لنيل الجائزة , للتوظيف , كل شيء بالاستحواذ بالقوة , و أظل أقول بلدي كما قلت من قبل كثيرا , أما عما يقال عن النشاط الثقافي في القرى المحرومة فهو هراء , فإذا كان الشاعر المنتشر في كل أنحاء الدنيا معزول لا قيمة له ما دام لم يهجر نجعه النائي إلى القاهرة  فلماذا نتحدث عن نشاط ثقافي يأتي من خارج المكان أو لا يأتي ؟ , إن مزيدا من النفعية و حب السيطرة و احتقار الآخر وراء ما نحن فيه , نحن القاعدة و هم القمة فكيف تعلو القمة بلا قاعدة , نحن لا نبدع فقط و إنما نبدع و ننافس و ننتظر أن نرتفع إلى من ارتفعوا ليكون الناس سواء في البلد الواحد , الإنسان بعمله و ليس بمكان عمله , و ترسيخ مقولة أدباء الأقاليم بعد تحويرها لتكون أدباء أقاليم الأقاليم لتنطبق علينا نحن سكان النجوع و القرى النائية مع تجاهل وسائل الاتصالات التي حولت العالم إلى قرية واحدة لمدعاة للسخرية .