متى يتوقف زمن الانحدار العربي – بقلم : تميم منصور

ساسة واخبار …
تميم منصور – فلسطين المحتلة ٍ….
لا زالت جامعة الدول العربية تؤدي الدور الذي أقامتها بريطانيا من أجله في عام 1945 ، لا أحد في العالم كان يؤمن بأن هذه المؤسسة المريضة ، الهزيلة سوف تبقى على حالها ، أو تتجه في هذا المسار المعادي لكل القوى التقدمية في العالم العربي.
مخطط بريطانيا كان أن تقوم الجامعة العربية بحماية الدويلات والممالك التي صنعتها بريطانيا بيدها ، اضافة الى تكليفها بشل ومصادرة أي فكر عربي وحدوي تقدمي ديمقراطي بين الشعوب العربية ، أن قيامها يعكس مدى عجزها ، فقراراتها غير ملزمة ، ويجب ان تكون بالإجماع ، وحتى لو كانت بالإجماع فان الكثير من الدول تستهتر بهذه القرارات ، الأهم من ذلك أن قراراتها لا تعبر عن مواقف شعوب الدول والانظمة العربية الأعضاء فيها ، فغالبية المواطنين لا يتذكرونها الا عندما تجتمع لسبب ما ، ولحدث طارىء ، وبما ان غالبية الانظمة العربية فاسدة ، فهذا الفساد ينعكس على الجامعة ، وعلى مؤسساتها وقراراتها
في كثير من الحالات تحول هذا الفساد الى فضائح ، آخر هذه الفضائح ظهرت بعد اعلان الامين العام لهذه الجامعة ويدعى نبيل العربي ، بانه لا يرغب بتجديد مهمته ، لأنه شعر بأنه ادى دوره في خدمة القوى الامبريالية والقوى الرجعية التي وقفت وراء تعيينه في هذا المنصب ، نتيجة هذه الخدمة التي قدمها خاصة للسعودية وحلفها ، قرر وزراء الخارجية العرب تقديم رشوة علنية لنبيل العربي ، مع أنه لا يملك الى أي شيء من مظاهر النبل ، لكن اتضح ان هذه الرشوة جاءت نتيجة نجاحة بتمرير قراراً صادراً عن وزراء الخارجية العرب باعتبار حزب الله ارهابياً .
حقيقة هذه الرشوة التي تقدر بمليوني دولار ، ما هي الا حصة نبيل العربي وجائزته ، لأنه سكت ولم يعترض على تجويع أطفال غزة ، ولم يعمل على تقديم أية مساعدة لضحايا العدوان الاسرائيلي الأخير على هذا القطاع ، كما أنه اصيب بالخرس التام خلال توليه منصبه ، فلم يعترض على الحصار الاسرائيلي المصري على سكان القطاع البالغ عددهم حوالي مليوني مواطن تقريباً ، هذه الرشوة أيضاً جزء من حصته ودوره الخياني الذي قام به من خلال منصبه بإقامة حلف عربي عسكري من الانظمة العربية التي تدور في فلك امريكا واسرائيل لتدمير اليمن ، ولا يمكن للتاريخ ان ينسى دوره الخياني ضد سوريا ، فقد توجه باسم جامعة الدول العربية الى مجلس الأمن بإصدار قرار يجيز مهاجمة سوريا من قبل حلف الاطلسي ، وكل قوة عسكرية أخرى ، وكان قد سبق قبل هذا القرار بحق ليبيا ، لقد أصدرت جامعته قراراً بالطلب من حلف الاطلسي بضرب ليبيا لإسقاط القذافي ، ومما هو جدير بالذكر بأن شيخ الفتن القرضاوي أصدر فتوى بشرعية هذا القرار التدميري .
هذه الرشوة تغطي دعمه لكل عدوان اسرائيلي على قطاع غزة ، وكل قطعة نقدية من هذا المبلغ الدنس مغموساً بشلالات الدم الذي نزف من الشعب السوري تحت غطاء مواقفه الخيانة العربية .
السؤال الذي يطرح نفسه ، الم يكن اللاجئون الجوعى اولى بهذه المكافأة ؟؟
لم تتوقف المآسي التي سببتها هذه الجامعة عند هذا الحد ، فقد ضمنت امريكا واسرائيل والسعودية ، بان تبقى الجامعة العربية تقوم بدورها التآمري في محاربة كل القوى التقدمية ، وقوى المقاومة حتى بعد انتهاء الدور الذي كلف به نبيل اللاعربي .
جاء هذا الضمان بشخص الأمين العام الجديد الذي سيخلف الأمين السابق ، فقد رشحت مصر السيسي اميناً جديداً أقل نبلاً من الأول ، وأكثر جحوداً للقضايا العربية القومية ، الشخص الذي طرحه السيسي أذهل الجميع ، ربما هو نفسه لم يصدق ، فهو معروف بعدائه للمقاومة ، ومعروف أكثر بمشاريعه التطبيعية مع اسرائيل ، وتاريخه الأسود في هذا المجال حدث ولا حرج ، قدم السيسي من هو على شاكلته وقريب من مدرسته الفكرية والسياسية ، مدرسة التخاذل ، قدم السياسي الحي الميت أحمد أبو الغيط ، وزير خارجية حسني مبارك من سنة 2004- 2001 ،  لم يقرأ السيسي ماضي وحاضر هذا الدبلوماسي المتواطىء الفاشل ، انه صديق اسرائيل المعروف ، خاصة صديق وزيرة الخارجية السابقة ” تسيبي ليفني ” .
لا يهم السيسي ومن حوله من جنرالاته ما نشر من صور لأحمد أبو الغيط وهو يصافح ليفني ضاحكاً معتزاً بها أثناء زيارتها للقاهرة ، عشية اعلانها وهي موجودة في عقر ديار كل المصريين ، بأن اسرائيل سوف تجتاح  قطاع غزة وقد صافحها ابو الغيط كانه يبارك القيام بهذا العدوان .
السيسي يعرف بان الغيط كان يدعوا للتوريث  في مصر ، وانه وقف ضد  الثورة التي اطاحت بالرئيس مبارك ،  يجب على الشعب المصري بكامله ان يخجل من هذا الاختيار ويخجل اكثر من ماضي وحاضر احمد ابو الغيط ، ثم وجود ابو الغيط يشير الى وجود الطغمة المباركية ، مع التأكيد أن أصابع حسني مبارك ما زالت تلعب وتحرك الخيوط بالخفاء .
الذي ادعى بان حزب الله يخطط لإقامة امارة له في صحراء سيناء بهدف تحريض الشعب المصري ضد المقاومة ، وهدد بأنه سوف يكسر رقبة كل مواطن من غزة يتخطى الحدود ، بعد وقوع العدوان على غزة لشراء كسرة خبز،  ابو الغيط الذي عمل مع مبارك ، و الذي اعتبرته اسرائيل كنزها الاستراتيجي ، هكذا صرح بنيامين بن اليعزر
ان تعيين ابو الغيط في هذا المنصب بعكس الوضع المزري الذي لا يليق به غير ابو الغيط  وهذا يؤكد بان القادم كما الحاضر لا يبشر باي خير
هذا الاختيار يعتبر فضيحة سياسية من فضائح مصر في عهد السيسي ولي عهد مبارك ، وهو بمثابة صفعة من القيادة المصرية للشعب المصري اولا وللشعوب العربية .
كيف يمكن اختيار مثل هذا المتواطىء ،  مع انه كان جزءا من نظام الذي داسه الشعب المصري باقدامه في ثورة يناير سنة 2011 وكان رمزا لاسوأ عهود الدبلوماسية المصرية ، وكانت وزارته مكلفة بالتغطية على فساد عصر مبارك ، وكانت معنية اكثر بالتطبيع مع اسرائيل اكثر من اهتمامها بالقضية الفلسطينية
ستكتشف الايام بان اختيار ابو الغيط يهدف الى قيادة التطبيع الكامل مع اسرائيل ، وسوف يمهد لإقامة علاقات دبلوماسية بين السعودية ودول الخليج مع اسرائيل ، تحت مظلة جامعة ابو الغيط والمظلة الامريكية ، لكن السؤال الاهم اذا كانت الانظمة العربية التي اعادت ابو الغيط الى الحياة من جديد قد ماتت و تنتظر الدفن .فأين الشعوب ؟؟