اراء حرة (:)
تميم منصور – فلسطين المحتلة (:)
الؤتمرات واللقاءات التي عقدت حتى الآن لإيجاد حلولاً للوضع القائم في سوريا ، حملت اسماءاً وأرقاماً ومواعيد مختلفة ، من جنيف واحد الى جنيف اثنين ، إلى لقاءات باريس وموسكو والقاهرة واستنبول ، وآخرها لقاء فينا الذي تم في نهاية الاسبوع الماضي ، هذا إضافة الى الاجتماعات المصغرة خاصة بين وزيري خارجية روسيا وامريكا .
مع ذلك فإن جميع المحاولات لم توقف نزيف الدم في سوريا حتى الآن ، ولم تقلل من وطأتها ، كما أنه لم ينتج عنها أي انفراج في الأفق .
كل هذا يشير ويؤكد بأن ساحة الميدان القتالي فوق الأرض السورية يبقى البديل الذي يحسم ويوقف هذه الحرب ، قوة وصمود الجيش السوري ومن ورائه الشعب السوري سوف يجبر الكثير من الدول التي تشارك في هذه المؤتمرات على تغيير موقفها ، والتعامل مع الملف السوري بصورة جدية أكثر ، كما أن نقل ساحة الارهاب من سوريا الى عواصم الدول التي دعمت الارهاب ، سوف يرغم قادة هذه العواصم على إعادة النظر في مواقفها ، كما حصل في تونس وفي مصر ، شعوب هذه الدول سوف ترغم قادتها على التراجع عن مواقفها المعادية لسوريا .
إذا قيمنا الدول التي اشتركت في مؤتمر فينا الأخير ، نجد أن غالبية هذه الدول باستثناء روسيا وايران متفقة مع بعضها البعض على الاستمرار بدعم الارهاب وتمويله ، كي يبقى ورقة مقايضة تستخدمه لفرض املاءاتها على النظام الشرعي في سوريا والعراق وليبيا ، وتلوح به كعصا في وجه الدول العربية الرجعية كي تبقى تحت طاعتها ، بالنسبة لسوريا فأن امريكا وحلفائها يحاولون كسر شوكة سوريا ونزعها من إطار محور المقاومة الذي يتصدى لكافة المشاريع الصهيو امريكية في الشرق الأوسط .
الغرب هو المسؤول عن غالبية الكوارث التي أدت الى قتل الملايين من الضحايا ، خاصة في الحربين العالميتين الأولى والثانية ، هذا الغرب هو الذي تهادن مع ظهور الفاشية العلمانية في الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي ، فظهرت هذه الفاشية في كل من المانيا وايطاليا واليابان.
واليوم فإن هذا الغرب بقيادة امريكا يتحمل مسؤولية ظهور الفاشية الدينية لخدمة مآربه ومصالحة السياسية والاقتصادية .
كيف يمكن الثقة بموقف امريكا من الأزمة السورية من خلال مؤتمر فينا وهي لا تزال تطالب بإيجاد حل سياسي في سوريا يتمشى مع اطماعها وموقفها المعادي للنظام الشرعي في هذا البلد ، امريكا هي من يتحمل مسؤولية كافة الدماء التي سفكت على الأرض السورية واللبنانية والعراقية ، مطالبها بمحاربة الارهاب كاذبة ، لأنها تناقض افعالها ، فهي تعلن يومياً بأنها تقدم الدعم لعصابات الارهابيين ، في السلاح والمدربين والأموال بشكل علني ، لقد ورثت هذا الفكر بخلق ارهاب ديني من بريطانيا ، التي طرحت في يوم من الايام نظرية محاربة الاسلام بالاسلام ، عندما خدعت الشريف حسين بن علي واقنعته بالوقوف الى جانبها ضد الامبراطورية العثمانية المسلمة أثناء الحرب العالمية الأولى ، كما أنها أي بريطانيا ساندت جميع حركات الاخوان المسلمين ، خاصة في مصر .
من بين الدول التي شاركت في مؤتمر فينا تركيا ، هذه الدولة المسلمة من غير اسلام العضو في الحلف الاطلسي ، قواتها تقاتل المسلمين في افغانستان الى جانب قوات الحلف الاطلسي ، لقد حولها رئيسها اردوغان الى جسر لمرور عشرات الآلاف من المرتزقة القادمين من كافة دول العالم ، كما أن الشركات التركية المختلفة تتعاون مع العصابات الارهابية في سوريا في شراء النفط ، وشراء الكثير من الممتلكات التي تم نهبها من المدن السورية خاصة ، قطع الغيار التي نهبت من المصانع ، والماكنات التي فككت من مدينة حلب وغيرها ، كل يوم يتضح ان الشغل الشاغل لأردوغان ليس محاربة الارهاب ، بل اقامة نظام يمثل الاخوان المسلمين في سوريا ، ولا يزال حتى اليوم يحلم بأن يد خل دمشق فاتحاً ، متوجهاً للصلاة في المسجد الأموي ، كما فعل سلفه السلطان العثماني سليم الأول الذي توفي عام 1520 .
ان أي مؤتمر يحضره اردوغان له علاقة بالأزمة السورية يفقد مصداقيتة لأن موقف تركيا واضح في دعمه للارهاب ، السؤال الذي يطرح نفسه ، كيف يمكن انهاء اجتماعات لقاء فينا دون التنديد بتصريح وزير خارجية آل سعود ، هذا الغلام المرتزق الذي لا يعرف في السياسة سوى ” وأطيعوا أولي الأمر منكم ” وينظر الى الأزمة السورية بعيون امريكية واسرائيلية ، والقضية بالنسبة لابناء قبيلة عنيزة هي شخصية وليست قضية وطنية تخدم مصلحة الشعب السوري .
لقد تطاول هذا القزم على المندوب الروسي والمندوب الايراني عندما خرج من قاعة المؤتمر وهو يصيح ويقول : إذا لم يتنح الآسد عن الحكم سوف نستمر بدعم العصابات التكفيرية في سوريا ، هذا هو الموقف الحقيقي لحلفاء امريكا الذين حضروا المؤتمر ، أو لم يحضروه ، استمرار تدفق المرتزقة الى سوريا والعراق ، ومنها الى مصر لتدمير طاقات هذه الدول الرئيسية لخدمة اسرائيل ، ولكي تبقى مهيمته في الشرق الأوسط .
كيف يمكن الثقة بقرارات مؤتمر يحضره الاردن الذي كلف بتقديم قائمة باسماء المنظمات الارهابية العاملة في سوريا الى مجلس الامن الدولي ، مع أن هذا البلد لا زال يتباكى على الديمقراطية في سوريا ، ويعتبر ان ما يدور في سورية ثورة شعبية من قبل الشعب السوري ، الغريب أن المندوبين الروسي والايراني وافقا على هذا التكليف ، مع أنهما تعرفان بأن عمان تشكل أكبر منابع للارهابيين ، ولا تزال غرفة العمليات الخاصة بتدريب الارهابيين على ايدي ضباط امريكيين واسرائيليين واستراليين موجودة في مكان ما في عمان .
لقد صدق الرئيس الروسي بوتين في تقييمه لمؤتمر فينا ومؤتمر انطاليا الذي تلاه وحضره عشرون دولة عندما قال : هناك اربعون جهة ودولة تدعم الارهاب بدراية ومعرفة امريكا ، ومن هذه الدول من حضر مؤتمر فينا وانطاليا ، هذا يؤكد ان قول الفصل يبقى بيد الشعب السوري مدعوما من الشرفاء في روسيا وايران ، والعديد من الدول الصديقة ، ان ما تقوم به روسيا اليوم هو امتداد لما قام به الاتحاد السوفياتي الذي دعم الدول العربية كي تتصدى للهيمنة الامبريالية عشرات السنين .