تهب الرياح من كل اتجاه : هكذا افكر انا

اراء حرة (:::)
إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك \ نيوجرسي (:::)
وغرقت الإسكندرية ، تحولت إلى فينسيا بلدة الجندول الإيطالية ، الفرق أن مياه البحيرات في فينسيا نظيفة ورائقة أما مياه الغرق في الاسكندرية نزلت من نعمة السماء رائقة ونظيفة وحولتها نقمة الأرض إلى قمامة وصرف صحي وموت ، يحضرني المنولوج الفكاهي لثلاثي أضواء المسرح في الستينات وإحدى جمله تقول ” شالوا ألدو جابوا شاهين ” ألدوا وشاهين حراس مرمى في أحد الاندية في ذلك الوقت ، واستخدمت هذه الجملة بعد ذلك للتعبير الساخر عن أن  السلف لا يختلف عن الخلف في المسئولين ، اي مشكلة تعالج فوراً بتبديل المحافظ أو الوزير وينتهي الأمر كتبديل حارس المرمى بآخر وبذلك تكون المشكلة انتهت ” من وجهة نظر الحكومة ” ولا عزاء في الخراب أو في الأرواح ، لا نزال حتى الآن نسير بنفس النمط ، أول رد فعل هوإقالة محافظ الاسكندرية لتبديله بحارس المرمى شاهين أقصد بمحافظ آخر!! ، في العمود السابق كتبت عن أخطاء الحكومات السابقة والممتدة حتى الآن ومحاولة التملص منها على حساب الاستعمار والمؤامرة الكبرى والإخوان الإرهابية ، وعندما تعجز تماماً عن تحميل أحدهم بالمصيبة تبحث فوراً عن كبش الفداء الذي تقدمه للشعب لتُصمت به الألسنة ، وكبش الفداء في كارثة الاسكندرية هو المحافظ وهو بالتأكيد يتحمل بعض الخطأ لكن ليس كل الخطأ ، شاهدت أحد الإعلاميين يكاد يقفز من الشاشة وقد نفرت عروق جبهته وهو يمزق في فروة المحافظ وكأنه شيخ الجزارين ، الشاشات جميعها المنتظرة جنازة لتشبع رغبتها في اللطم كل واحدة منها كانت ترقص على الواحدة والنصف !!! ، هو نفس الإعلام القواد الذي قلت عنه أنه يُغري الشعب الذي وصل به الأمر إلى السير على أربع أن  يجعل وجباته من البرسيم المفيد ، هذه المصائب التي تحط على الشعب لا يحلها إقالة المحافظ أو الوزير أو حتى الغفير ، إنها منظومة كاملة من الفساد تبدأ من الجذور إلى القمة  ويشترك فيها الشعب نفسه وإن كان اشتراك المغلوب على أمره ، إن كارثة الاسكندرية تضيء كل مصابيح الخطر ، مئات الإسئلة يجب أن يجاب عنها ، أكثر من حكومة تغيرت منذ 30 يونيو سواء بالكامل أو البعض ، من الذي كان يختار هؤلاء الوزراء ، من الذي كان يعين المحافظين ، رئيس الوزراء يأخذ خلوة بعدها يخرج علينا بمجموعة من الوزراء وكل مرة يسقط بعض الوزراء سقوط التلميذ البليد ، أو يتم تبديل بعض المحافظين ثم نكتشف أن المحافظ الجديد لا  يصلح لقرية من قرى الصعيد ، أنا لا أناقض نفسي وأوجه الاتهام كله إلى المحافظين أو الوزراء ، إتهامي أوجهه للتغافل عن جهاز من أسوأ الإجهزة منذ توليه وحتى الآن ولا أحد يقترب منه ، وهو جهاز المجالس المحلية أو ما  يسمونها بالمحليات يضاف إلى جانبها رؤوساء الأحياء ، بؤرة للفساد بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، خطاياهم يوصف الزنا بجانبها على أنه فضيلة ، هذه المحليات هي المسئولة مسئولية كاملة عن المنطقة التابعة لها وكل رئيس حي عن الحي المسئول منه ، وللعلم معظم رؤساء هذه المجالس يحملون رتبة لواء !!!!! ، مطلب بسيط من الرئيس أن  يتفرغ للداخل قليلاً ، إذا كان الخارج علاقات ومشاريع فالداخل هو حياة الشعب بأكمله وحياة الشعوب لا تعالج ب “شالوا ألدو وجابوا شاهين ”  .
edwardgirges@yahoo.com