اراء حرة (::)
إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك \ نيوجرسي
سنوات طويلة بعد استقلال مصر وخروج آخرجنود الاستعمار كلما رأينا بقرة عرجاء تسير إلى جانب الحائط يقولون أنها من فعل الاستعمار حتى تاهت الأمور ولم نعد نعرف إن كانت من فعل الاستعمار أم أنها من فعل الحاكم ومن تولوا إدارة البلد ، ما كدنا ننسى الجملة التي حُفظت عن ظهر قلب ” الاستعمار وأعوانه ” حتى برزت نظرية أخرى وهي ” المؤامرة الكبرى ” أمريكا وإسرائيل وتحولت كل الاتهامات إلى المؤامرة الكبرى حتى إذا تأخرت دجاجة عن وضع بيضتها ثار الحاكم ومن حوله ومعهم صحافتهم وإعلامهم يكيلون الاتهامات إلى المؤامرة الكبرى وتاهت الأمور بين إخفاق السلطة وبين المؤامرة الكبرى ، وجاءت الأخت الثاثة ” نظرية الإرهاب الإخواني ” وأصبحت كل السلبيات تُلصق بالإخوان حتى إذا عطست نملة فوق برج القاهرة فوراً يوجه الاتهام إلى الإخوان في الخارج والداخل ويهلل الإعلام الراقص على الواحدة والنصف وكأن الإخوان يمسكون بكل خيوط البلد ويرقصونها كعرائس الماريونت ولا أحد يريد أن يضع الحقيقة في نصابها ويقول أن المسئول عن تدفئة النملة أخفق في تدفئتها ولم يضع على أكتافها المعطف فعطست وأصابها الزكام وبربرت أنفها . مقدمة قد يتركها القاريء ويذهب لغيرها دون أن يفكر في المعنى المقصود وهو إن سلو بلادنا دائماً أن يلجأ البعض إلى ابتداع الأسباب للتغطية على إخفاق الحاكم والشلة التي تأكل الشهد من حوله ، أيضاً خوف العامة من العصا وليتها تنتهي عند العصا ولا تذهب إلى معتقلات لا ترى النور ، هذا هو الوضع الذي اعتادت عليه بلادنا وعندما أقول بلادنا لا أريد أن أحصر حزن القلب على مصر فقط لكن أقصد بلادنا العربية ربنا يحميها من الإستعمار والمؤامرة الكبرى ونملة أعطسها الإخوان فوق برج القاهرة . الشيء الحقيقي الوحيد الذي لا يريدون أن يعترفوا به هو أن كل المصائب الفلسطينية هي من فعل الاستعمار الصهيوني ، احتاروا في التوصيف ، البعض يقول أن فلسطين تَسَلَط عليها جن ولا بد من البحث عن الشيخ صاحب السر الباتع ليخرج منها هذا الجن مستعيناً بورك نملة ودجاجة ذكر ، والبعض يقول أن زوج أم فلسطين اعتلاه الشر من قمة رأسه لأخمص قدميه ويقاتل أولاد زوجته ليطردهم من البيت وأن المقدسات التي هناك لا هي مساجد ولا هي كنائس وليست أكثر من بيوت للزار يجب تركها لإسرائيل تمارس فيها ألاعيبها مع الأسياد . في بلادنا الاعتراف بالحق ليس فضيلة لكنه من أفعال الشيطان الرجيم والعياذ بالله ، الحاكم لا يريد الاعتراف بأنه أخطأ ، كل الأخطاء وُرِثَت من الذي حكم قبله ، ولإصلاحها لا بد أن يبدأ من نقطة الصفر وهذا الإصلاح يجب أن يتحمله الشعب وأن يطأطيء أكثر وأكثر ، لكن إذا وصلت الطأطأة إلى قرب الأرض وسار الشعب على أربع ماذا سيفعل بعد ذلك ؟! ، الحل الوحيد هو أن يُقدم له البرسيم كوجبة صحية ووقتها سنجد إعلام القوادة يملأ الصفحات وشاشة التلفزيون بالإشادة بالبرسيم وأنه يمنع السرطان ويحول فايروس سي إلى فايروس الصحة والقوة ” لم أقل إلى كفتة ” ، وأنه يجعل الرجال عتاولة فوق الفراش والنساء يصبحن نجمات هوليود جميلات الوجه رخصات القوام ، مع ضمان تقديم الدولة شهادة مختومة بختم الفشل تضمن لكل من سار على أربع أنه لن يُذبح على عيد الأضحى .
edwardgirges@yahoo.com