المغرب بين الواقع المزدوج

اراء حرة (:::)
محمد بونوار – المانيا (:::)
في واقع الامر كنت قد قررت مع نفسي أن لآ اكتب شيئا في هذا الشهر المبارك الذي هو شهر رمضان وذالك لاخذ قسط من الراحة والتأمل وشحن الذاكرة , لكن هناك أمور كثيرة جرت مؤخرا في المغرب تباعا , هي التي دفعتني اليوم الى كتابة هذا المقال المتواضع .
قبل اسابيع فقط كان بالمغرب الحبيب مهرجان موازين والذي جرت العادة انه يستضيف نجوم كبار من العالم ,وكان الحظ هذه السنة من نصيب المغنية جينيفير لوبيز التي أدت باقة من أغانيها على خشبة مهرجان موازين بالرباط عاصمة المغرب, وهي مرتدية لملابس داخلية , وقد كانت وسائل الاعلام الدولية قد تعرضت للحدث من باب التناقض , بعدها مباشرة جاء فيلم المخرج المغربي المشاكس والمخضرم السيد نبيل عيوش  عن الدعارة بمراكش , ومع حلول رمضان وقعت في مدينة  انزكان الواقعة جنوب المغرب , واقعة – التنورتان – نسبة الى ارتداء فتاتين من المدينة تنورتين في شهر رمضان وهما يتجولان وسط سوق شعبي بذات المدينة .وفي بحر الاسبوع الفارط ظهر شاب مثلي مرتديا لباس نسوي بمدينة فاس في شهر رمضان أيضا , وانهالت عليه مجموعة من شباب المدينة بالضرب والقذف و…
قبل الدخول في الموضوع لابد أن نظيف معطيات أخرى عن المغرب حتى يتأتى لكل متأمل شيء من التحليل والتعليل .
المغرب حسب دستور البلاد هو بلد اٍسلامي وبه مساجد في كل مدينة وقرية  لاقامة الصلوات , بل أكثر من هذا أصبح من الرواد في تكوين أئمة  خاصة  لمغاربة العالم وبلدان الساحل الافريقي التي تربطها بالمغرب علاقة دينية قديمة .
وهناك نقطة أخرى لابد من ادراجها في المعطيات وهو قرب المغرب جغرافيا من اروبا من خلال مضيق جبل طارق – 15 كلم – ناهيك عن مدينة سبتة ومليلة المستعمرتين من طرف الاسبان والتي تلامس حدودهما أراضي المغرب .
علاوة على ثقافة الاستعمارالفرنسي التي لازالت تؤدي وظيفتها على احسن وجه , حيث ثلة من المثقفين المغاربة لا يتواصلون الا باللغة الفرنسية تعاملا وتفكيرا و…
هذه العوامل مجتمعة لابد ان تترك بصماتها في الفكر والتعامل والتواصل وطريقة العيش واللباس . وذاك أمر عاد جرت به الاعراف في العالم عندما يكون تدافع حضاري بين مجالين .
في نظري ما وقع سوف يتكرر, وهو أمر طبيعي  , لكن ما ليس مألوفا هو حينما تحاول جهات معينة استغلال الحدث لغرض ما , وهنا تتشعب الامور ويستثمر كل واحد في طرح وجهة نظره, وهو ما يؤدي الى اصتدام واحتدام في وجهات نظر بائنة , والاشكالية  الكبرى هو أن ذاك يمكن ان يفضي الى أشياء مجهولة في غياب الضبط وتهدئة النفوس .لان هذا التكرار يؤجج موجات الغضب في فكر المواطنين العاديين , والذي لم يبأه له أحد هو سكوت الاحزاب السياسية في هذه الوقائع وهو ما يزيد الطين بلة , خاصة مع طفرة نشاط الاعلام الرقمي الذي أصبح ينقل أكثر مما هو مقبول  .
شيئ متعارف عليه في جميع بلدان العالم أن هناك أمورا تكون  ممنهجة , اٍما لامتصاص الغضب , أو لتغيير الانظار , أو لملئ الفراغ , أو لزرع التوعية والتحسيس . لكن ما جرى ويجري بالمغرب يبقى بعيدا عن كل هذه الاحتمالات .
عما قريب , وبالضبط قبل متم السنة الجارية سوف تجري الانتخابات بالمغرب , وطبعا هناك سباق محموم على الفوز بالمقدمة , لآنه يظمن المقاعد والمناصب واشياء أخرى .
من وجهة نظري الشخصية هناك تحديات كبرى , وقبل الدخول في سردها , أود أن أغتنم الفرصة لاعيد الى الاذهان أن المغرب نأى بنفسه عن تداعيات  الربيع العربي وهو ما أعطاه  استقرارا  نسبيا , لكن يجب استغلال هذا الاستقرار بذكاء وعزيمة وحسن نية . –  راجع ما معنى استغلال الاستقرار ؟ – مقال سابق .
بعيدا عن حرية الفرد في اللباس هناك اوراش  كبيرة تنتظر من يحركها , وتأتي منظومة الجهوية في المقدمة , والتي من المتوقع أن تولي اهتماما خاصا بالعالم القروي ,والتي تحتاج الى مجهودات جبارة بدون شك  , ثم منظومة التعليم التي لازالت بحاجة الى عناية مركزة , ثم الالتفات الى ما يسمى بمجلس الجالية والذي من المفترض أنه ينوب عن 5 ملايين مغربي مقيمة خارج الوطن , ثم مشكلة المغاربة المحتجزين في مخيمات تندوف .
في خضم هذه الاحداث المتتالية يستعد مجلس حقوق الانسان المغربي أن يخرج للوجود قوانين جديدة تهم حرية اللباس وحريات أخرى .

محمد بونوار
كاتب مغربي مقيم بالمانيا