السفارة الأمريكية والحكومة الأردنية ..غايبين طوشة

ساسة واخبار (:::)
عدنان الروسان – الاردن (:::)
أعلم أن الحديث في موضوع الدولة الإسلامية خطير و محفوف بالشبهات و من وقع في الشبهات عند المدعي العام وقع في الحرام ، و لذلك فإنني لا أريد أن أتحدث في الشأن الداخلي الأردني البحت ولا في شأن الطيار الأردني معاذ الكساسبة فرج الله كربه كما لا أريد أن أتحدث في موضوع مصلحتنا في الأردن في خوض الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية ، و لكنني أجدني مدفوعا بعامل الفضول الذي يجتاحني و يملؤني بالتساؤل دون أن أجد أجوبة مقنعة .
قالوا لنا أن الولايات المتحدة الأمريكية دولة مؤسسات و أن من أهم ما يميزها هو مراكز الأبحاث والدراسات الإستراتيجية التي لا تتوقف عن البحث والاستقراء والتمحيص ، كما أن المعهد الجمهوري و المعهد الديمقراطي في عمان  على سبيل المثال لا الحصر لا يكفان عن إقامة ورش العمل و لقاء شخصيات سياسية و حزبية و محاورة بعض البرلمانيين و غيرهم و بالطبع كتابة التقارير التي تحتوي على التحليل والتقييم اللازم الذي يمكن لصناع القرار في الحزبين و مراكز بحثية أخرى أكثر قربا من دوائر صنع القرار في أمريكا من رؤية المشهد السياسي المحلي والإقليمي رؤية واضحة تساعد في اتخاذ القرارات الصائبة والحكيمة فيما بعد.
غير أن ما يحير في الموضوع أن الولايات المتحدة أومجساتها في الأردن مثلا لا يبدو أنها قادرة دائما على رؤية المشهد الأردني رؤية حقيقية صادقة أو كأنها لا تريد ذلك ، كأنما أصابتها العدوى منا نحن الأردنيين فهي تريد أن تري صانع القرار و دافع الضرائب الأمريكي ما يحب هو أن يسمعه و يراه ، فالسفارة الأمريكية و مراكز الاستقصاء والبحث و حتى منظمات المجتمع المدني الممولة من الولايات المتحدة الأمريكية لا ترغب في أن ترى الرغبات الحقيقية التي تملأ قلوب الناس ، ولا ترغب في معرفة توجهات الرأي العام الأردني الحقيقية و ليس من خلال الناطق الرسمي للحكومة ، فالناطق الرسمي يمثل وجهة نظر الحكومة الأردنية أو السياسة المعلنة للحكومة و أحيانا كثيرة يفشل حتى في إعطاء وجهة نظر الحكومة و الأمثلة على ذلك كثيرة من ذهب عجلون إلى أخر القضايا التي لم تحل بعد.
و هنا لا أتهم مراكز الدراسات الإستراتيجية و المعاهد الأمريكية السياسية العاملة بأنها جاهلة و كم كنت أرغب في ذلك لو كان ممكنا ، ولكننا لا ندري ما السبب مثلا في استقراء أراء شخصيات سياسية لا تحمل أي فكر من أي نوع كان و هي لا تمثل رأي السواد الأعظم من الشارع بل لا تمثل حتى شريحة صغيرة من الشارع و هي شخصيات بصورة أو بأخرى من الصور النمطية المعروفة وصلت إلى البرلمان أو مجلس الأعيان ولم يكن لها أي فضل في ذلك غير أنها كانت ضمن المجاميع التي تمتلك بعض الأدوات الموصلة إلى بعض تلك المناصب ، و غالبيتهم لا يمتلكون أي أيدلوجية وليس لديهم نصيب من الثقافة السياسية و بعضهم حصل على شهادة بطرق ملتوية و قد نشرت الصحف والمواقع الأمريكية نفسها ذلك قبل سنة أو سنتين ثم تأتي مراكز الدراسات فتستنطق هؤلاء و كأنهم يمثلون شيئا في الشارع الأردني و هم ليسوا كذلك.
الجميع يعلم إلا ربما من يجب أن يعلم أن التوجه العام للشعب الأردني ليس ليبراليا ولا وطنيا صرفا أو قوميا ، بل هو توجه إسلامي واضح ، قد لا يكون مع الإخوان المسلمين أو أي تجمع أو تيار أخر ، غير أن التوجه يبقى إسلاميا و متعاطفا حتى مع تنظيمات إسلامية تعتبرها الدولة في كثير من الأحيان و ربما الولايات المتحدة أيضا تنظيمات أو تيارات إرهابية ، حتى بات يكفي أن تتهم الولايات المتحدة تنظيما إسلاميا بالإرهاب حتى ترتفع أسهمه عند الشارع الأردني والعربي عموما.
حتى تتمكن الولايات المتحدة من تكوين فكرة حقيقية عن منطقة ما لابد من أن تقترب أكثر من الشرائح التي لا تدين لها بالمال أو الولاء لأن الموالين والمدينين لا يعطون أراء مجردة و حقيقية ، فإذا كان هذا شأن الولايات المتحدة فكيف بالحكومة الأردنية التي أخبرتنا في أحيان كثيرة أنها كانت ” غايب طوشة ” في كثير من الأحداث المهمة ، نرجو أن لا تكون كذلك في المواضيع شديدة الحساسية التي لا تحتمل الخطأ .
أعلم أن الموضوع أعمق بكثيرمن أن يعالج بمقالة سريعة و يحتاج الى الكثير من البحث و الإستقصاء و لكن اللقاءات الكثيرة وورش العمل و الإستقصاءات المسلوقة بسرعة و على نار حارقة غالبا ما تصل بمن يبحثون عن الحقيقة ، إن كانوا يبحثون عنها فعلا إلى طريق مسدود و الى نتائج غير ناضجة.
adnanrusan@yahoo.com