المفاجأة المميتة

 

التصنيف : القصة (:::)
سحر فوزي – مصر (:::)
لم يتبق سوى شهور قليلة على عودة زوجها من غربته التى دامت ثلاث سنوات متصلة … كانت تجمع خلالها كل مايرسله لها وتحرم نفسها وأبنتيها من كل متع الحياة ..فبيت العائلة صغير ، ومزدحم بأبيه وأمه المتسلطة ، وأشقائه وعائلاتهم ، والامل الوحيد للنجاة من هذا الزحام الخانق هو تدبير مسكن زوجية خاص بها وبزوجها الذى عشقته بجنون والذى غادرها بعد زفافهما بشهور قليلة ، دون أن يرى ابنتيه التوأمين اللتين لم يكملا عامهما الثالث بعد ..
إستطاعت بالكاد أن تكمل ثمن بيت صغير مكون من حجرتين وصالة ، لكنه بلا ماء ولا كهرباء ولاسقف ، أماأرضه فهي عبارة عن حفرة عميقة تحتاج للقفز لتتمكن من المرور إلى البيت، ولكن ما باليد حيلة، فالنقود قليلة والطلب غال …لم تجد بدا من انهاء إجراءات الشراء فالوقت يمضى وموعد وصول أبي البنات من غربته على الأبواب … كانت تستيقظ من نومها فجرا تصلي فرضها وتركب حمارها لتبدأ رحلتها اليومية في جمع السباخ والخوص من حظائر المواشى والغيطان لردم أرضية البيت وبناء سقف يسترها وزوجها وبناتها …
إستمرت تجمع وتبني وتردم دون أن تكل أو تمل… حتى عاد الزوج من غربته لتفاجئه ببيتهما الذى أعدته بالكاد .. فتحت بابه ثم سقطت على الأرض بلا حراك …وفي الوحدة الصحية أخبروهم بأنها مصابة بتلوث في الدم من كثرة جمعها ونقلها للسباخ .. وفي مستشفى المركز أكدت التحاليل الطبية إصابتها بسرطان الدم …
وماهى إلا أيام قليلة حتى رحلت تاركة طفلتيها وبيتها الذى لم تسكن فيه يوما واحدا ..وراحت الزوجة والأم التي لم تكمل عامها الثاني والعشرين ضحية المفاجأة القاتلة التي أسكنتها القبر بدلا من بيتها الجديد…وقف الزوج أمام بيته يبكى ويصرخ (ياخراب بيتي..بيتي إتخرب)..فجاءت إحدى جاراتهم مسرعة تواسيه وتعرض عليه رعاية بناته مع أبنتها يتيمة الأب …وماهى إلا أيام قليلة مرت على موت الزوجة المضحية ..حتى بدأ في بناء سقف من المسلح وغطى الارض  بأفخر أنواع البلاط ، ودهن الحوائط بالالوان المبهجة ودخلت جارته وهو يحتضنها أمام بناته ، لتتمتع بشقاء وحرمان ودماء أمهم، التي فاجأت زوجها ببيت يسكنه .. ففاجأها الفقر بقبر تدخله ، وفاجأها زوجها بزوجة تحضنه.

قصة واقعية / بقلم / الكاتبة الصحفية سحر فوزى