توت بري

 

التصنيف : فن وثقافة ::::::

بقلم : خليل ناصيف – فلسطين المحتلة :::::

ال 9 صباح اليوم :

إخترقت الشظية قفازي الطبي , وبينما كان دمي يمتزج بدم موظف البلدية وَمضَت في رأسي ومضة ألم لأسباب بعيدة تماما عن هذا الحادث الصغير ….

ال 3 مساء أمس :

ها أنا أحمل نسخة ورقية نادرة من رواية (Cranberry Dryer ) , في كيس بلاستيك أسود , يملؤني شعور لذيذ بالشبع يماثل شعور من التهم لتوه طبقا كبيرا من التوت البري المجفف باستثناء ان ذلك الشعور نابع من الروح لا من الجسد , شعور لذيذ وحامض بنفس الوقت ,,,,, قلبي أيضا كان ممتلئا بالحب وبدون حموضة , في تلك اللحظة على الاقل !..

لم استعمل المصعد في الصعود الى الدور السادس , فقد قررت استعمال الدرج كي امتلك فرصة لمفاجأة صديقتي التي يقع مكتبها أمام مدخل المصعد الكهربائي في تلك البناية سيئة التصميم , صديقتي النهمة جدا للحب وللقراءة , صديقتي الحامضة الحلوة مثل سكاكر الاجداد ….

ال 3:15 مساء أمس :

رحبت بي ماري بحرارة وبينما كنت امد يدي الى الكيس الاسود لاخراج الكتاب قالت لي انتظر لا تفتح علبة البسكويت سأذهب لاحضار الشاي ..

– ولكن هذا ليس …….

– “لا تقل شيئا ساعود بسرعة !..”

وعادت وهي تحمل بيدها زجاجتين من عصير التفاح والخوخ حيث أن بائع القهوة كان قد غادر المكان … – ماري هذا كتاب وليس علبة بسكويت .

– ” آه منكم الشعراء يتبعهم الغاوون فما بالك بالشعراء انفسهم ” لا بأس يا حبيبي سأقبل هذا الكتاب هدية (Cranberry Dryer) رائع رائع جدا . – ماري هذا الكتاب نسخة اصلية وبحالة سيئة في الواقع احضرته لك لاصلاح الغلاف فقط وسأعيده لصاحبته صباح الغد … – “لن اصلح الكتاب أريد قراءته أولا قبل سونياك “..

– لكنني وعدت بارجاعه مساء اليوم الا تلاحظين انني متأخر أصلا .

– هل وقعت في الحب يا حبيبي ؟؟؟.

– لا ………..

– بل ……….

– لا ……….

– بلا ………

3:30 مساء أمس

غادرت المكان وأنا احمل زجاجة عصير التفاح والكتاب في الكيس الاسود وقد ابقنت اني خسرت صديقتي في جدال احمق استمر اقل من ربع ساعة ……..فقد اكتشفَت بأنها تحبني فجأة !, مع ذلك لم اهتم كثيرا للامر فقد كنت أحب صاحبة الكتاب ………… هذا ما كنت اظنه على الاقل !…فليكن ..

4 مساء أمس

شارع المعرض في مدينة رام الله عبارة عن شارع ضيق لا يتجاوز عرضه 4 امتار ومع ذلك يبدو أنه الشارع الوحيد الذي يروق لفرق الكشافة في المدينة للقيام باستعراضها الكبير ولمحترفي المسيرات وللمهرجين ليمارسوا طموحاتهم فيه , ويبدو أن قائد فرقة الكشافة في ذلك المساء كان يعاني من نقص حاد في الافراد المدربين وزيادة كبيرة في الفيلة ,هذا ما كنت افكر فيه وأنا اعبر الطريق متعرضا للوقوع والكسر والصهر بسبب اصطدامي تارة باعمدة الانارة الكلاسيكية على الرصيف وتارة بجموع الفيلة التي تعزف الطبول ….أخيرا نجوت !….

4:30 مساءً

رحبت بي سونيا بفرح غامر وسألتني عن سبب تأخري عن الموعد وان كان الكتاب قد اعجبني .

– بالطبع قد اعجبني وفي الواقع كنت ارغب بعمل مفاجأة صغيرة لك ولكنني تشاجرت مع الفنانة فلم اتمكن من اصلاح غلاف الكتاب ..وابتسمَت :

– ” لايهم فلدي ما أقوله لك ”

– وأنا لدي ما اقوله لك ايضا .

– انتظر لتتذوق كعكة الجزر ..

– معي عصير تفاح وخوخ ووو ……………………..يا الهي …

– مددت يدي الى الكيس لأجد زجاجة العصير قد تهشمت تماما وانتقل محتواها الى اوراق المخطوطة فتحولت الى عجينة من الورق والحبر والتفاح معا ……..

أظن لا داعي للقول بأنني سمعت ما لا اشتهيه من سونيا مساء أمس ولم يعد لدي ما اقوله لها وآخر ما اذكره من لقائنا انها مدت الي بالكيس الاسود المليء بالخليط العجيب قائلة اذهب واستمتع به مع (مارييتك ) بامكانك ان تعصره وتشربه معها ………

رميت الكيس بمزيجه الحامض في اول سلة نفايات وجدتها ولم اهتم لكوني اخطأت الهدف ….ولم انم طوال الليل وفي صباح اليوم التالي كان أول شخص اصادفه في عملي عامل جمع النفايات الذي جاء لاسعاف يده المليئة بشظايا زجاج أخضر بسبب جمعه شظايا زجاجة خضراء اللون من أمام ساحة البلدية ……..

“اولئك السكارى يرمون بزجاجاتهم في كل مكان” …

لكنها ليست زجاجة خمر يا سيدي

” وما يدريك؟ ………لعلك منهم؟ ………..

تبا لاولئك السكاري يرمون بأنفسهم في كل مكان “…

بينما وقفت مشدوها اعبث بالزجاج المكسور واراقب الرجل الغاضب يغادر المكان ……….

انتهت

خليل ناصيف

nasif.khalil@gmail.com