القصة ….
قصة : بقلم : سفيان الجنيدي …
أبحر في موجة ذكريات تزداد صخباً يوماً بعد يوم. هيه ….. ما ابطأ ما تطوى صفحات الزمان! عشرة أعوامٍ أضحى كدر العيش هوائنا الذي نتنفس. تشظينا و لم يعد بوسعنا التعرف على أنفسنا. يبدو أننا خسرنا كل شئ و لم يعد باستطاعتنا ان نتغافل اكثر، أخالهم نجحوا او دنوا من تحقيق مخططهم. لن يستكينوا حتى يحولونا إلى مسخ، كانت هذه آخر كلماته قبل ان يقتادوه و يرموه في غياهب المجهول. عشرة أعوام مذ لقائنا الأخير قبل ان يطبق علينا ” الأغيار” كما كان يحلو له ان يدعوهم. اقتادوه و لم يمنحونا مزيداً من الوقت لنكمل نقاشنا الأخير .
أما آن الوقت لتكبح جماح تهورك! لماذا كل هذا العناد؟ ماذا ستحقق بتجديفك ضد التيار؟! ألن تعود لرشدك و تعيش أسوة بالاخرين؟ لماذا تتجاهل نصائح من يودون الخير لك؟! دع عنك هذا. لا اعتقد ان الوقت سيسعفنا للخوض بامور لطالما ناقشناها سويةً دون أن يفلح أحدنا في اقناع الاخر.
اصغِ الي، أعتقد أنهم في طريقهم إلينا. ربما ستكون المرة الأخيرة التي نتمكن الحديث فيها سويةً دون حاجزٍ يزيدنا تباعداً على تباعد افكارنا و اولوياتنا . دعنا نتكلم في أمور أهم من توجيهاتك و توجساتك و توهماتك و مخططاتك في رسم مستقبلٍ لي لا يمكنك فرضه علي، و ليس بوسعي قبوله إرضاءً لك و لعاداتك و موروثاتك القبلية .
آه لو تعلم كم كنت أشفق عليك حينما كانت عيناك تفضحانك و تذرفان ما لم يقدر لسانك على البوح به. لطالما أخبرتني عيناك هجرك للنوم و أن تخطط لتراني صورة لك أو استنساخ للاخرين، اب لاسرة و أطفال، كائن مأزوم و مطحون يجابه الحياة و يخسر نفسه كل يومٍ من أجل موروثات بالية ، نزوات و عواطف ممسوخة ، و اولويات ثانوية: السكينة، التكاثر،الابوة،….. ثانوية ؟! و برأيك ما هي الأساسية ؟! فشال مخططاتهم ستعود مرة أخرى لشطحاتك و لعوالمك السوداوية المسكونة بنظريات تدجين الشعوب و المسوخ الدروانية! اليوم و غداً حتى يفنى أحد الفريقين. إعلم أنهم سيغيروا أسمائهم و ادواتهم و اساليبهم و ستتغير اشكالهم، و لكنهم لن يستكينوا و سيظلوا يحاولون المرة تلو الأخرى حتى ينجزوا مخططاتهم.
قد تندهش اذا ما اخبرتك انني اقضي جل وقتي و انا افكر فيك و في الاخرين، هل ستنتبهوا قبل أن تفنوا؟ هل سيكون لديكم الوعي و الإرادة للتصدي لهم؟ اهٍ، لو تعلم كم يؤرقني هذا الامر؟ أنت ! يغالبك الارق بسببي؟! لماذا ، أتخاف على مستقبلي ؟! ام تراني عاجزاً، فاشلاً و فاقداً للأهلية ؟!
ليتنا كنا كذلك، فاشلين، عاجزين بمحض ارادتنا ، لوجدنا الف عذرٍ نعتذر بها لأنفسنا قبل الاعتذار للآخرين. لا …. لسنا فاشلين و لا فاقدين للأهلية، و لكنهم لن يرتضوا لنا سوى الحياة التي رسموها لنا. الحق، انني في ذلك الوقت لم اكترث كثيراً لكلماته و اعتقدت انه كان يبالغ بعض الشئ. طبقوا علينا، عصبوا عينيه، اقتادوه و هو يردد : سيظلوا يحاولون حتى ينجحوا في تحويلنا إلى مسخ ، لن يستكينوا حتى يحولونا الى مسخ، لن يستكينوا حتى يحولونا…….. ماذا دهاك يا رجل، منذ قرابة الساعة و انت تقلب المحطات الوحدة تلو الأخرى.
نظر اليها شزراً و شرد ذهنه مرة أخرى. يا رجل ماذا الم بك ، اراك قد سرحت مرة أخرى، بماذا تفكر؟! لم يلتفت اليها، توجه بالحديث إلى أبنائه، انظروا ماذا يعرضون، انظروا حولكم، انظروا ماذا حل بنا . لقد صدق ، لن يُعدموا الوسيلة حتى يحولونا مسخاً. بلغ السيل الزبى ، بلغ السيل الزبى و لا يمكن التغافل اكثر. جذِّفوا عكس التيار، امشوا على خطاه، و ارموا كل وصايي الرعناء السابقة خلف ظهوركم.