القصة …..
قصة : وليد رباح – الولايات المتحده الامريكية
هذه قصة يقال انها خيالية .. ولكنها ليست كذلك .. انها حقيقة بدأت في الحلم ان كان حلما .. وانتهت في مقبرة القرية ان كان في القرية مقبرة .. فالى هناك …
***
ربما كان ذكرا او انثى .. فانا لا ادري .. لاني لم اعبث ( بجهازه او جهازها التناسلي) للمعرفة .. ولكني ادركت انه من الجن كما قال لي عراف الحي الذي اسكنه بعد لآي.. فقد قال لي .. اذهب (وصل ركعتين) كلما ذكرت او تذكرت القط. ورغم اني لم اصدق ايا من الخرافات او كما قلت للعراف .. فقد ادركت ان (زعرب ) هكذا سميته .. يصنف بين الذكورة والانوثة .. اي انه عاقر لا ينجب . ولكن كيف كانت البداية ..
كنت في العاشرة من عمري .. أسير في زقاق قريتنا بعد ان كلفني ابي بشراء علبة من السجاير له .. كانت المسافة بعيدة .. والساعة قد اشرفت على السابعة مساء ..الظلام يدأ ينتشر .. لان قريتنا كانت تعتمد على القمر في رؤية الطريق .. ولكنه ( أي القمر) كان محاقا .. وكنت اتعثر في خطواتي مرة بحجر واخرى بزجاجة وثالثة بما لا اعرف اما الرابعة فكانت مفاجأة .. اذ تعثرت بقط دست على ذيله فان وتوجع وماء وخلته يشتمني .. فقد استمر في موائه حتى ظننت ان صوته قد بح واصبح فحيحا .. ومن بعد ذلك هدأ وسكن سكون الموتى .. حتى ظننت انه مات خاصة وانني لم اره عيانا بصورة واضحة .. فقد ادركت كل ما قام به سماعا مع بصيص من الرؤية .
تركت القط بعد سكونه ذاهبا الى مقصدي لشراء علبة السجاير .. ولا اخفي انني كنت ارتعش خوفا .. فانتظرت الى من يمر من الزقاق عائدا الى البيت فارافقه في سيره وعلبة السجاير في جيبي الصغير .. غير اني لم ار أحدا .. وبدأ الظلام الدامس يغطي سماء القرية وفضاءها .. وبدأ الناس في الايواء الى بيوتهم .. وقد سمعت فيما بعد باب البقالة التي اشتريت منها السجاير يغلق .. فاذا انا في فراغ عميق عميق .. لم يكن احد من الناس يسير في الازقة والشوارع المتربة التي تسمى شوارع رئيسة .. كل هجع الى بيته واصبح الصمت صنينا في اذني لا اسمع سواه ..
ومع كل ذلك .. فقد عولت على انسى الخوف مثلما كان يشجعني ابي حيث قال لي قبل ايام مما انا فيه .. اسمع يا ولد .. انت اشجع اخوتك .. وستكون من بعدي مشرفا على عائلتنا .. لا تخف من احد ابدا .. الدنيا تعترف بالشجاع ولا تعترف بالجبناء .. اذا تعدى عليك احد الناس فلا تخف .. اعطه مما اعطاك ضعفين .. قلت له .. يا ابي .. هل اصارع الناس الذين يسيرون في الشوارع دون ذنب .. قال : يا ولد .. رغم انك شجاع لكنك غبي .. قلت لك لا تخف من احد ابدا اذا تعدى عليك .. ولم اقل قاتل الناس في الشوارع .. قلت .. فهمت يا ابي ..
عولت على ان اذهب للبيت دون انتظار من يسير في الزقاق .. واخذت بتشجيع نفسي بعد ان رأيت في ضباب العتمة عصا ملقاة على جانب باب بيت في الزقاق .. خمنت ان تكون لعجوزكان يتوكأ عليها وتركها ناسيا بعد ان دخل الى بيته ..
حملت ( سلاحي) بيميني وقررت ان ادافع عن نفسي اذا ما اعترضني احد في الطريق .. كان الصمت يلفني فارتعش حينا واشجع نفسي حينا آخر ..
كنت قد نسيت القط الذي ذكرته في البدايه .. غير اني ما ان وصلت الى مكانه حتى دست على ذيله ثانية فصرخ وان وتوجع .. ولكن العتمة فرقت ما بيني وبينه .. فبت اضرب بعصاي في الهواء حينا وعلى الارض حيبنا آخر .. وخيل لي ان هناك من يضحك بسخرية .. فتوقف شعر رأسي وبدأت بقراءة سورة الفاتحة .. وما تيسر مما اعرف .. واطلقت ساقي للريح .. سقطت العصا من يدي .. وتعثرت بحجر فوقعت على الارض ولكني قمت سريعا راكضا الى البيت .. وما ان وصلت الى بوابة بيتنا وفتحته حتى بانت المسافة بين البوابة الخارجية وباب بيتنا قد امتد حتى بلغ كيلومترات وليس مسافة قصيرة كما كنت اعلم .. وهناك .. عندما طرقت الباب لم يفتح لي أحد .. فقد ذهب ابي للبحث عني كما قالت امي بعد لاي من صراخي لفتح الباب .. وعندما ولجت الى الداخل .. تعثرت ودست على ذيل القط الذي سميته زعرب .. والذي كان رابضا امام باب بيتنا .. صرخت .. وصرخت .. فاذا ابي من خلفي يقول لي .. لماذا تأخرت يا ولد .. لقد اضطررت الى ان الم ( السبارس ) التي كانت في الزبالة قبل ان تأتي فاشعل ثلاثة منها ..
عندما تفقدت جيبي لم اجد علبة السجاير .. نظرت فاذا بالقط الذي دست على ذيله قد اشعل عود ثقاب واخذ يدخن آخر سيجارة في العلبة .. قال لي : اسمع يا ولد .. منذ الان فاني قد حولتك الى جني ولا اريد ان تكون انسانا .. فالانسان يهرب امام الجن .. ولكن الجن لا يهربون من الانسان .. اذن .. ساذهب الى مقبرة القرية لدفن نفسي ولا اريد لاحد ان يدفنني .. ادعوك لان تحمل بندقيتك .. ومن تخاف منه ان كان عدو لك .. اقتله اولا .. ثم ترحم على روحه ثانيا .. وبذا تعود الى بيتك وانت آمن ..