ابداعات عربية …
بقلم : نواف الزرو – الاردن …
بالتوثيق والشهادات الحية، فان دور المراة الفلسطينية ارتقى وتطور على نحو ملحمي، وتاريخي، في مسيرة الكفاح الفلسطيني الممتدة على نحو قرن واكثر من الزمن، فقد عرف حين عرف التاريخ الفلسطيني المعاصر عشرات الخنساوات اللواتي فقدن فلذات أكبادهن في انتفاضات وهبات الدفاع عن الوطن والوجود…!
عشرات الخنساوات الفلسطينيات التي تحكي لنا كل واحدة منهن قصص وحكايات بطولة وتضحيات وإباء لا مثيل لها في تاريخ المرأة على وجه الكرة الارضية..!، ومن هذه القصص والحكايات نتابعها على جبهة الاعتقالات والمعتقلات الصهيونية.
فعلى هذه الجبهة القمعية الاحتلالية ضد المرأة الفلسطينية، فقد انتهجت سلطات الاحتلال الصهيوني سياسة قمعية متصاعدة تتمثل في ازدياد حجم الاعتقالات في صفوف النساء الفلسطينيات، وذلك بهدف”نشر الرعب والخوف وإذلال الشعب الفلسطيني”، وقالت جمعية أنصار الأسرى في هذا السياق”أن المرأة الفلسطينية سطرت أروع آيات البطولة والصمود والتحدي فانخرطت في النضال والمقاومة وكانت بجانب مقاتلي الثورة واستشهد العديد منهن و”اعتقل حوالي 15 ألف أسيرة منذ عام 67 وسطرن صمودا في زنازين الاحتلال ومعتقلاته وكانت تجربة الحركة النسوية الأسيرة جزء أساسي من الحركة الأسيرة بشكل عام في نضالاتها وعلى مدار تاريخها”. وكشفت وزارة شئون الأسرى والمحررين الفلسطينيين من جهتها في تقرير لها “أن سلطات الاحتلال الإسرائيلى اعتقلت ما يقارب 15 ألف امرأة فلسطينية منذ عام 1967، وأن أكبر حملة اعتقالات جرت خلال الانتفاضة الأولى عام 1987، حيث وصل عدد المعتقلات إلى 3000 امرأة فلسطينية، مقابل 9000 امرأة فى الفترة بين العام 2000 ونهاية العام 2009″، يضاف اليهن المزيد من الآلاف من النساء الفلسطينيات حتى العام/2021.
وعلى هذه الجبهة الاعتقالية، كم هي مليئة صفحات التاريخ الفلسطيني بنماذج البطولة والفداء من الرجال الذين أفنوا سني عمرهم في الذود عن حياض أمتهم ودينهم والدفاع عن وطنهم ومقدساتهم أمام عنجهية عدوٍّ لا يرحم!، فمنهم من قضى شهيدًا أو أسيرًا أو جريحًا، ومنهم من ينتظر، وعلاوة على ذلك نجد نماذج نسائية أخرى تقف إلى جانب هؤلاء الرجال لتكمل حكاية الصمود والبطولة والتحدي والصبر الذي جعلهن في المقدمة.
فان كان لنا ايضا ان نفتح ملفات المرأة العربية في هذا اليوم المجيد على نحو حصري، فاننا بالضرورة نفتح ملف المرأة الفلسطينية باعتباره اهم وابرز الملفات، لما للمرأة الفلسطينية من دور نضالي متميز في مقارعة مشاريع واجتياحات الاحتلال البريطاني والصهيوني على مدى القرن الماضي وعلى مدى الانتفاضات الفلسطينية…
وفي هذا السياق النضالي، لعبت المرأة الفلسطينية، وما تزالت، دوراً هاماً في عملية البناء الحضاري الشامل، الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، والسياسي، وكان لها دائما علاقة خاصة مع الأرض، فارتبطت بها عبرعلاقات مادية وثقافية ومعنوية، ترجمت في العديد من الكتابات الادبية، ساهمت في توطيد العلاقة بين الثقافة والشعر والأرض والمرأة.
غير ان المرأة الفلسطينية تميزت اكثر ما تميزت بعلاقتها النضالية الكفاحية دفاعا عن الارض والعرض والحقوق، وكان ذلك جنبا الى جنب مع الرجل ..الزوج او الابن او الاخ او القريب…الخ.
وعهد المرأة الفلسطينية في عملية النضال الوطني الفلسطيني يعود إلى بدايات الصراع على أرض فلسطين في مواجهة الاستعمار البريطاني والمشروع الصهيوني معاً، وان كان دور المرأة قد تميز عملياً بالنشاطات والممارسات غير العنيفة، وتميز على نحو اوضح واعمق واوسع خلال الانتفاضتين الاولى والثانية.
وفق جملة من الشهادات والوقائع هناك في فلسطين، فقد ارتقى دور المرأة الفلسطينية الى مستوى استشهادي وخنساوي لم يشهد التاريخ له مثيلا.
فبينما لم يعرف التاريخ العربي الإسلامي سوى خنساء واحدة، هي الشاعرة العربية المشهورة الخنساء – تماضر بنت عمرو – التي استشهد أبناؤها الأربعة في معركة القادسية سنة 14 هجرية، التي قالت حينما بلغها الخبر: “الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من الله أن يجمعني بهم في مستقر رحمته”، فقد عرف التاريخ الفلسطيني المعاصر عشرات الخنساوات-النساء الفلسطينيات- اللواتي فقدن اطفالهن وابناءهن فلذات أكبادهن في انتفاضات المواجهة مع الاحتلال دفاعا عن الارض والوطن والبقاء والوجود…!
عشرات الخنساوات الفلسطينيات اللواتي تحكي لنا كل واحدة منهن حكايات وملاحم بطولة وتضحيات واباء لا مثيل لها في تاريخ المرأة على وجه الكرة الارضية..!.
وهذا ليس من قبيل المبالغة، فالقصص والوقائع التي تتحدث عن حضور ودور المرأة الفلسطينية متصلة منذ ما قبل النكبة الفلسطينية، مرورا بعشرات الانتفاضات والهبات الجماهيرية الفلسطينية، وصولا الى الراهن في المشهد الفلسطيني، ونحن على اعتاب الذكرى العاشرة لانتفاضة الاقصى .
********
Nzaro22@hotmail.co