دراسات ….
بقلم: سفيان الجنيدي – كاتب فلسطيني …
أشهرت دول الإمارات و البحرين و السودان و المغرب مؤخرا إعلانها التطبيع الرسمي مع دولة الكيان الصهيوني ومن المتوقع أن تلتحق دولا أخرى مثل السعودية في قطار التطبيع في المستقبل القريب العاجل، و لن نقف في هذه العجالة مطولا عند كل محطة من محطات تعاون وتنسيق وتفعيل هذه الأنظمة للقنوات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني قبل التطبيع والتي تمتد لأكثر من ستين عاما ، إلا إن هذا المقال سيقتصر على تسليط الضوء على الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام عن عزم بعض الأنظمة العربية في تدريس التاريخ الصهيوني ” اليهودي” وإدراجه في المناهج الدراسية، و نود في هذا المقام إثارة بعض من التساؤلات والتي لا مناص من طرحها من قبيل: كيف سيبدو التاريخ الصهيوني المزمع إدراجه في المناهج الدراسية في الدول العربية المطبعة ؟ هل ستثبت هذه الدول حق اليهود بارض فلسطين التاريخية؟ هل تجرؤ الدول العربية المطبعة النقد او التعريض لتاريخ اليهود حسب رواية التلمود باعتباره كاتب مقدس و وثيقة تاريخية؟! هل تجرؤ الدول العربية المطبعة تضمين مناهجها الدراسية بعض من التاريخ اليهودي كما جاء في النصوص التوراتية؟!
لكن قبل الشروع بالإجابة عن هذه التساؤلات، سنحاول توقع السيناريو الأكثر ترجيحا للتاريخ المراد تضمينه للمناهج الدراسية في الدول العربية المطبعة كما سنسرد بعض من الاحداث التاريخية لليهود حسب الرواية التلمودية دون التطرق لتاريخهم من وجهة النظر العربية و الإسلامية .
بدأت – في الآونة الاخيرة – بعض الأنظمة العربية وفي مقدمتها النظام المغربي العزف على اسطوانة مشروخة مفادها التذكير علىى أن اليهود كانوا جزء أصيل من النسيج الإجتماعي في المجتمعات العربية وهذا كلام حق أريد به باطل، حيث أنه لا يسبر جل أغوار الحقيقة والتي يعلمها القاصي والداني, فهذا الخطاب لا يفصح عن الدسائس والفتن و المؤمرات التي دشنها اليهود في المجتمعات العربية التي إحتضنتهم عندما عزف و اغلق الآخرون في وجوههم ابواب دولهم؟ وكذلك لم يفصح عن كيفية مجئ اليهود إلى الدول العربية؟ و مما لا شك فيه وإستنادا للحقائق التاريخية الثابتة أن اليهود في العصور الوسطى كانوا ملاحقين من الأوروبين والذين ضاقوا ذرعا بدسائسهم وإفتراءاتهم وخياناتهم وعمالاتهم ، لذا تم تهجيرهم و ساحوا في الأرض و لم يجدوا ملجأ و مأمن لهم إلا في الدول العربية التي إستقبلتهم وأحتضنتهم وآوتهم و التي لم تمايز بينهم وبين ابنائها على الإطلاق ، وفي هذا المقام لسنا بصدد الحديث عن المنظومة الاخلاقية للأمة العربية والتي لا يمكن لكائن من أن يشكك برقيها وعلو شأنها، إلا أن حديث الأنظمة العربية حول تعايش اليهود مع الشعب العربي قد يكون مدخلا لسبر رؤاها بما يتعلق بتاريخ اليهود المزمع إدراجه في مناهجها الدراسية ، وفي هذا السياق لا يحتاج المرء إلى كثير من النباهة والحذاقة لمعرفة ما تخطط له هذه الأنظمة بما يتعلق بتاريخ اليهود، وكما يقول المثل الشعبي ” المكتوب يقرأ ويعرف من عنوانه” فالمرجح أن يكون السيناريو الاكثر إحتمالا قيام هذه الأنظمة بإظهار اليهود بصورة الحمائم و يقينا سيتم اللعب على العواطف من خلال التركيز على المظلومية التي وقعت على اليهود ومدى معاناتهم التى كابدوها عبر التاريخ بسبب التهجير والتقتيل حسب مزاعمهم وعدم إمتلاكهم لوطن لسنوات طوال، وليس مستهجننا أن يتم تأكيد أحقية اليهود في فلسطين التاريخية، وقطعا سيتسمر عزف سيمفونية إمكانية تعايش المجتمعات العربية بما فيها المجتمع الفلسطيني مع اليهود والذين كانوا مكون من مكونات بعض المجتمعات العربية حسب إسطوانة المغرب الرسمي والذي بدأ بتردديها كلما سنحت له الفرصة، أما فيما يخص مؤمراتهم و دسائسهم في المجتمعات العربية فنرى أن نخصص لها مقالا مستقلا لكثرتها و لفظاعاتها.
لكن ماذا عن تاريخ اليهود حسب كتابهم المقدس، هل تجرؤ الأنظمة العربية المطبعة بإلاقتراب او التعريض لتاريخهم بما لهم وما عليهم حسب النصوص التوراتية؟! نجزم أن جميع الأنظمة العربية المطبعة لا تجرؤ على تضمين مناهجها بعض من النصوص التوراتية و التي تظهر مدى سادية وإرهاب اليهود عبر التاريخ والتي تظهر أيضا قدح اليهود للذات الإلهية و الانبياء، ولم تقتصر النصوص التوراتية على ذلك فحسب بل تجدها تأمرهم بإغتصاب و قتل و ذبح أعدائهم دون أن يشعروا بأي ذنب حتى أنهم أضحوا يتقربون بهذه الافعال إلى ربهم حسب معتقداتهم و مزاعهم ، وهذا المقام ليس للإحاطة بل لذكر و تعداد بعض من النصوص التوراتية التي تدل على التاريخ الدموي والسادي واللاخلاقي لليهود فمثلا تجد أن كتابهم المقدس يأمرهم بأن يقتلوا و يذبحوا كل الرجال و الاطفال و أن يحرقوا البيوت واغتصاب النساء في أي قرية تحاربهم أو تصد عدوانهم. النصوص التوراتية: ” و سبى بني إسرائيل نساء مديان وأطفالهم ونهبوا جميع بهائهم وجميع مواشيهم وكل أملاكهم واحرقوا جميع مدنهم ومساكنهم وجميع حصونهم بالنار ” سفر العدد 10-11 . وفي سفر يشوع تجد أن نبيهم يشوع أمر بحرق كل المدينة بما فيها من أطفال ونساء ورجال وشيوخ وبهائم ، النص التوراتي: ” وحرموا كل ما في المدينة من رجل وإمراة، من طفل و شيخ، حتى البقر و الغنم والحمير بحد السيف، وأحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها، إنما الفضة والذهب وآنية النحاس فأجعلوها في خزانة بيت الرب ” سفر يشوع 6 العدد 100 – 101 ناهيك عن وصفهم – كما جاء في كتابهم المقدس – الأنبياء عليهم السلام بأقذع وأحقر وأخس الصفات – فجعلوا بعضهم مدمني خمر وبعضهم الأخر زناة و عصاة! بل أن الإنحطاط يبلغ قمته حيث أن النصوص التوراتية تتكلم عن زنى المحارم في بيوت الانبياء عليهم السلام، ففي سفر التكوين في الاصحاح ١٩ تخبر النصوص التوراتية المحرفة أن ابنتا لوط قد سقتاه الخمر ومارستا معه الفاحشة وحبلتا منه ووضعت كل منهما طفلا ذكرا، النص التوراتي : ” فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة و دخلت البكر و أضطجعت مع أبيها ولم يعلم بإضطجاعها ولا بقيامها ، وحدث في الغد أن البكر قالت للصغيرة أني قد أضطجعت البارحة مع أبينا، فأسقيه خمرا الليلة أيضا فأدخلي وأضطجعي معه فنحيي من أبينا نسلا، فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة أيضا وقامت الصغيرة وأضطجعت معه ولم يعلم بإضطجاعها ولا قيامها، فحبلت إبنتا لوط من أبيهما” سفر التكوين العدد 33 – 36.
نعتذر للقارئ الكريم على فظاعة المشهد و الالفاظ والتي لا تتفق مع الفطرة الإنسانية السليمة و لا مع الذوق العام، إلا أن هذا ما جاء في كتابهم المقدس ، والامثلة على سوء أخلاقهم وصلفهم مع الانبياء والذات الالهية والفظاعات والقتل والإغتصاب الذي يأمرهم بها كتابهم المقدس تجاه كل قرية يودون السيطرة عليها لا حصر و لا مجال لذكرها.
ختاما: قد تختلف الرواية التاريخية لبعض الاحداث من مصدر لآخر ، فالتاريخ يكتبه عدة اطراف، المنتصر و المهزوم و المعاصرين بشقيهم الموالين و المخالفين للفرقاء والمحققين الموضوعين وغيرهم الموالين لأحد طرفي الصراع إلا أن هنالك مسلمات تاريخية والتي لا يمكن تزويرها او التلاعب بها، و من هذه المسلمات تاريخ اليهود وفقا لكتابهم المقدس، فتاريخهم ملئ بالدسائس و العنف والمجازر والإرهاب حيث أن النصوص التوراتية التي تتكلم عن مشروعية إرهابهم للمدن فاقت الستين نصا ناهيك عن النصوص التي تتهجم على الذات الإلهية و الإنبياء ووصفهم بأخس واقذع وأحط الاوصاف، والنصوص التوراتية لا تقف عند ذلك فحسب بل تجدها أيضا مليئة بالقصص التي تتعارض بالمطلق مع الفطرة الإنسانية السليمة من قبيل زنى المحارم والقائمة تطول.