آراء حرة …..
إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك …
القصص الواقعية في الحياة هي تجربة قد يستفيد منها البعض وقد لا يستفيد منها البعض الآخر ، وهي التي أخرجت لنا الأمثلة العامية عظة ونصيحة لمن يفهمها لأنها خلاصة لتجارب الأولين ، فعلى سبيل المثال لو قلت هذا المثل لواحد من هذا الجيل الحديث ” الإنسان طبيب نفسه ” ، سيضحك كثيرا ورده المباشر سيكون فلنلغي الطب والعلم والأجهزة الطبية ، هذا هو مفهومه وقد لحس عقله الهاتف الذي لا يتركه من يده فتوقف عن مجرد التفكير فيما وراء الكلمات ، لا يفهم أن هذا المثل المقصود منه أن سلوكيات الإنسان في حياته وأولها التعامل الصحي مع الطعام الذي يمكن أن يحفظه من الكثير من الأمراض ولا يحتاج للذهاب إلى الطبيب ، ، وأيضا المثل الذي يقول ” لو خرج سرك من بين عينيك أصبح مشاعا للجميع ، فكم قابلتنا في الحياة أمثلة عن من باح بسره لصاحبه فجلب علي نفسه الويلات . قصة أعجبتني جداً ، هي تجربة بالفعل يمكن أن نُخرج منها النصيحة والتجربة والأمثلة . في أحد سجون ألمانيا وبالتحديد في فترة الستينات ، كان السجناء يعانون من قسوة حراس السجن والمعاملة السيئة في كل النواحي التي كانت تصل لدرجة التعذيب أو الحرمان من الطعام ، كان من بين السجناء سجينا يدعي ” شميث ” ، كان محكوما عليه بفترة طويلة ، هذا السجين كان يحصل على امتيازات جيدة ومعاملة شبه محترمة من قبل الحراس ، أثارت هذه المعاملة المختلفة عن باقي السجناء حقدهم عليه واتهموه بأنه لا بد وأن يكون عميلا لهم زرعوه في وسطهم ، لينقل لهم أخبار السجناء ، كان الرجل يقسم لهم أنه مجرد سجين مثلهم وليس له علاقة بالأجهزة الأمنية ، لكن كل أقسامه كانت لا تصدق وطالبوه بأن يفسر لهم السر في هذه المعاملة المختلفة عنهم ، فكر الرجل وهداه تفكيره أن يسألهم عن ماذا يكتبون في رسائلهم الأسبوعية التي يرسلونها لأقاربهم ، فأجابوه جميعا بأنهم يكتبون عن قسوة السجن والظلم الذي يتكبدونه على أيدي الحراس الملعونين ، وهنا ابتسم ” شميث ” وقال لهم وهذا هو السر فيما تظنونه خيانة مني ، أنا أكتب كل أسبوع رسائلي لزوجتي وفي السطور الأخيرة أذكر محاسن السجن والحراس ومعاملتهم الجيدة لي ، بل أحيانا أذكر أسماء بعض الحراس الشخصية وأمتدحهم كثيراً ، فرد عليه بعض السجناء : وما دخل هذا كله في الإمتيازات التي تحصل عليها ومعاملتهم القاسية جدا لنا ، فأجابهم ولا تزال ابتسامة السخرية ، لأن جميع رسائلنا لا تخرج من السجن إلا بعد قراءتها من قبل الحراس ، ويطلعون على كل صغيرة وكبيرة فيها ، والآن غيروا طريقة كتابة رسائلكم . في الأسبوع التالي فوجئوا بأن جميع حراس السجن تغيرت معاملتهم للأسوا ، وحتى ” شميث ” ضُم معهم بل وتغيرت معاملته لأسوأ منهم ، فكر ” شميث ” ثانية وسألهم : ماذا كتبتم في رسائلكم ؟ ، فأجابوا جميعاً : لقد كتبنا أن ” شميث ” علمنا طريقة جديدة لكي نخدع الحراس الملاعين ونكسب ثقتهم ورضاهم !!، حينها لطم ” شمث” وجهه حسرة وجلس يشد شعر رأسه كالمجنون . كنصيحة أقول وأنا أخشى أن تجلب النصيحة شراً لي : من الجميل أن تساعد الآخرين ، والأجمل أن تعرف مع من تتحدث ، فليس كل مستمع عاقل ويحفظ السر ، فبعض من حولك قد يسيئون التصرف وفقا للموقف ، وما يتناسب معك لا يتناسب مع غيرك ، لا تكثر من الفضفضة فإنك لا تدري متى يخون المنصتون ، ولا تبوح بأسرارك للآخرين لكي لا يقوموا باستغلالها ضدك عند اللزوم ، فكم باح البعض بأسرارهم حتى للمقربين وكانت نهايتهم خلف القضبان ؟
[email protected]