آراء حرة …..
إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك …
أحيانا كثيرة عندما أقرأ عن أراء أو أفعال تخرج عن حدود المعقول والفكر السليم أو حتى شبه السليم ومن باب السخرية أقول ” عقول تنتعل أحذية ” ، لكن بعد أن قرأت وشاهدت بعيني مناقشات وأحاديث عن أحذية تصل أثمانها للألاف من الدولارات بل قفزت إلى الملايين لأنها مطعمة بفصوص من الأحجار الكريمة والماس ، تأسفت كثيرا للأحذية عن استهانتي بها والإقلال من شأنها وعاهدتها من الآن أن أغير من سخريتي لتكون ” أحذية تنتعل العقول ” ، ولما لا ، ولست كاذبا ، ولم أخرج عن الحقيقة ، فالعقل عندما ينحدر إلى هذا المستوى ، وينتعل صاحبه في قدمه نعلا يساوي ثروة تكفي لإعاشة قرية بأكملها ، فهو من المؤكد أقل قيمة من ثمن الحذاء المبجل والمحترم وسليل الحسب والنسب من عائلات مركوب وجزمة والتي ليس لها أي علاقة بالفرع الفقير شبشب وقبقاب . أي والله ، حذاء ثمنه بالملايين ، لم أصدق أولا بالرغم من أني شاهدت صورته المزركشة وخشيت أن يكون خرافة من خرافات أمنا الغولة وأعرض قلمي للسخرية ، لكن عندما يتكرر الحديث عنه وأشاهد مناقشة عنه في برنامج إعلامي مصري ، تأكدت أن الحذاء باشا ليس خيالا وهو موجود حقيقة وسنراه قريبا ، متأففا متأسفا ينعي كرامته ، وهو ينتعل عقولا يشعر أنها لا تناسب مقامه الرفيع . بالتأكيد أنا أكتب عن بعض العقول وليس كلها وهي التي تدفع الملايين ثمنا لحذاء ، لكن مع تمام الاقتناع بأن البعض الآخر يتحسر أسفا لأن يده القصيرة هي التي تمنعه من الحصول على هذا الحذاء وليس عقله ، فالتقليد وخاصة في بلادنا أصبح وسيلة لمن ليس له منظر للظهور بمظهر يجذب الأنظار ، وهو يظن أن هذا المنظر المقلد الذي استورده سيكسبه الاحترام ، من مبدأ ” لبس البوصة تبقى عروسة ” ، ولسنا ببعيدين عن السروال ” البنطلون ” الممزق من الأمام والبعض قليل الحياء الممزق من الخلف ، الذي انتقل بسرعة عجيبة إلى بلادنا والأغرب أن عدواه انتقلت إلى الشباب الذكور ، أقصد أشباه الذكور . سيسأل ويتساءل البعض هل موضوع الحذاء من الأهمية بمكان ويستحق أن أمسك القلم وأكتب عنه والكثير من المواضيع الهامة أصبحت تنهمر كالمطر كل يوم ، أُجيب بقولي ومؤكداً ، نعم أيها الأعزاء يهمني أن أكتب عنه ، يهمني أن أراقب تطور العقول مع سير الزمن فقد تكون مؤشراً إلى كيفية انتهاء العالم ، يهمني أن أراقب تطور العقول مع سير الزمن ليس فقط مع هؤلاء المتربصين لاقتناء كل شاذ ، فهؤلاء عينة من عقول بشر العالم الحالي ، وبمثل هذه العقلية ستجد بشرا في كل الاتجاهات من علماء إلى حكام إلى قادة إلى مسئولين إلى مسيرين للأمور إلى معلمين للنشأ ، إلى الفرد العادي ، ليس من الضروري كما قلت أن تكون لديهم نزعة الحذاء المليوني أو السروال الممزق أو التقليد ، لكن يمكن أن تكون لديهم العقلية التي تفكر بنفس المستوى ، البعض قد لا يصدق ، لا صدقني ياعزيزي ، وصدقني عندما أقول كنبوة أن بعض العقول هي التي ستأتي بنهاية العالم ، لست ملحدا أشك فيما جاء بالأديان ، لكن الذي أعلمه أن الله لن يعيد تجربة الطوفان ، وسيكون هؤلاء هم الطوفان القادم قريبا وأقرب مما نتخيل .
[email protected]