آراء حرة …
بقلم : إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك …
قضيتان متشابهتان ، التشابه ليس في الجوهر ، لأن أحدهما على حق والأخرى على باطل ، وسبحان الله ، يعاملون الحق مثلما يعاملون الباطل ، الجميع يغمضون عيونهم وقلوبهم أمام الحق مثلما يغمضونهما أمام الباطل . القضية الفلسطينية ، وقضية داعش ، نظرة خزي أمام قضية الحق وشعب يُقتل وتُحتل مقدساته ، ونظرة خزي لا تحرك ساكناً نحو قَتلة يحرقون المقدسات . قد يرى البعض الخطأ في التشبيه ، بينما وجه الشبه شديد التقارب في إسلوب تعامل العالم الذي يدعي الحرية والإنسانية والأخلاق ويترك الأمور حتى تستفحل ولا يحرك ساكناً أمامها ، مجموعة من المحتلين تحتل شعباً ومقدساته تحت الحماية ، ومجموعة من القتلة تروع البلدان وتقتل وتنتهك المقدسات تحت الحماية أيضاً ، ألا يكفي هذا التشابه في التعامل اللاضميري والغير أخلاقي والمخزي للإنسانية . ما يحدث في المسجد الأقصى والتلكك كي يُمنع الإنسان عن أداء عبادته بل يصل الأمر إلى الاعتداء عليه في وطنه والعالم يصمت ، دفع داخل نفسي مرارة كوني إنسان أنتمي إلى هذه الإنسانية الجرداء كصحراء نضب ماء خيرها فاحترقت بنيران شرها . كم من رؤساء العالم ذهبوا وأتى غيرهم ، وكم من رؤساء العرب وملوكهم ذهبوا وأتوا غيرهم والقضية الفلسطينية تدور في الرحى ولا أحد له جدية الإرادة أن يوقفه حتى تكسرت العظام وترضضت حياة الشعب ، وكم من رؤساء العالم يغمضون العين عن جرائم داعشية تترية تذبح الإنسانية ذبحاً حتى أصبحت الأرض تضج من كثرة الدماء ولا نسمع سوى إسلوب الخساسة وهو يدين ويشجب كلص يدخل للسرقة ويطلب الستر من الله . نعم ، القضيتان متشابهاتان في إسلوب التعامل معهما ، النذالة في إعادة الحق للشعب الفلسطيني ومقدساته ، والنذالة في إسلوب مقاومة الشر الداعشي وكأنه الضوء الأخضر لارتكاب المزيد من الموت في الشعوب العربية . حتى الآن أتحدث عن العالم ونظرته للقضيتين ، لم أتعرض لموقفنا كعرب ، أسألكم من باب الأخذ بالرأي ؟! ، هل المفروض أن أحاسب الموتى في القبور ، أم أتركهم إلى حساب الآخرة وهو حساب الحق ، أم أكرر المثل الذي لا نعدم اللجوء إليه كلما رأينا الآدمية تتبخر كقطرات من الكحول وقد ألهبتها الحرارة ” الضرب في الميت حرام ” ، عموماً في جميع الأحوال النتيجة واحدة ، الشهامة والنخوة والكرامة لم يعد لهم وجود ، محاسبة الموتى باطلة ، ولا حساب يقف أمام حساب يوم الحق ، ولست بمعتوه كي أجلد الموتى . لكن تبقى مرارة النظرة إلى نفوسنا ونحن كأصفار على الشمال أو كذيول طالت أو قصرت فهي تأتي في نهاية المؤخرة . ياسادة ، كيف ؟! ، وقد قيل عنا ، بينما كنا نشرب في أكواب من المرمر كان الغرب يشرب في جماجم الموتى ثم نصل إلى شرب الماء من الجداول العكرة الممتلئة بالأوساخ ، كيف ؟! ، نترك أرضنا ومقدساتنا لهذا الهوان ، أنا لا أطلب منكم رفع السلاح وهي فكرة بعيدة كل البعد عن رؤوسكم ، فقط أطلب كلمة موحدة أمام الحق ، أُنصروا حق فلسطين ، بدلاً من أن تنتصروا لباطل داعش بعضكم على بعض ، إسرائيل وداعش وجهان لعملة واحدة للجريمة والشر ، كلمة واحدة توحدوا فيها ، فقد يأتي اليوم الذي تتساءل فيه أجيال الاحتلال ، هل كان يوجد العرب هنا ؟ !!!! .
edwardgirges@yahoo.com