ابداعات عربية ….
بقلم : عدنان الروسان – الاردن …
من الواضح أن طيبة الأردن و تعقله قد فسرا تفسيرا خاطئا لدى كثير من الجهات و الدول ، و أكبر من يخطئ في تفسير و فهم طيبة الأردن و الأردنيين و تعقلهم هي إسرائيل ، إن المواقف الأردنية العقلانية من كل المشاكل التي تعصف بالمنطقة و الإقليم ككل ، و المواقف العقلانية من واقع الأمر الإسرائيلي ليست كلها ناتجة عن ضعف و قلة حيلة ، بل عن روية و رشد و حتى لا يزيد الأردن النار اشتعالا في منطقة تكتوي بنيران الحروب و المشاكل منذ عقود طويلة.
إن ما حدث أمس من قيام الإسرائيليين بقتل أردنيين بدم بارد ، و استخدام ذريعة الإرهاب و الطعن هو دليل واضح على فلسفة الإرهاب المتأصلة بالعرق الصهيوني الذي لا يحب أحدا من هذه البشرية إلا إن كان صهيونيا ، و يعتبر كل الناس غيرهم جويما بمنطقهم و لغتهم أي حميرا أو بغالا ، و الصهاينة متأصل في طبعهم الحقد و الجشع و ارجعوا إلى طبعات الموسوعة البريطانية القديمة قبل أن تضغط إسرائيل لتغييرها و ستجدون أن مقابل لفظ إسرائيلي مكتوب كاذب ، مخادع ، أناني ، جشع أو شخص ينتمي إلى الديانة اليهودية ، هذا هو التعريف البريطاني ، إضافة إلى مسرحية شكسبير الشهيرة ” تاجر البندقية ” التي تصور اليهودي بما يتصف به حقا من جشع و كذب و جبن .
إن قتل أردنيين بدم بارد أمر لا يمكن السكوت عنه مطلقا ، و على الحكومة الأردنية أن تتحرك و لا تبقى في حالة البيات الشتوي الذي تعيشه في الصيف ، و على رئيس الحكومة أن يقول شيئا ، و شيئا صارما يعبر عن مشاعر الأردنيين و مرارتهم ، إننا نتصور دون أن يخبرنا أحد ما حصل ، كون الروايتين الأردنية و الإسرائيلية تتفقان على شيء واحد فقط هو أن الشاب الأردني نجار و انه جاء ليركب غرفة نوم للإسرائيلي ، فلا بد أن الخلاف كان ماديا ، و لا بد أن الإسرائيلي رفض أن يدفع للأردني أتعابه ، و أنه أراد أن يبتزه كونه دبلوماسيا و الأردني نجارا بسيطا و الأردني كعادته ، لا يسكت على ضيم ، و ربما رفع المفك الذي ركب به غرفة النوم بوجه شيلوك فاستل ذلك الجبان و قتل أردنيين حتى لا يدفع خمسة دنانير .
الإسرائيليون زادوها كثيرا ، فدم القاضي الأردني لم يجف بعد و قد قتل بدم بارد من قبل جنود إسرائيليين مدججين بالسلاح ، و اليوم يعتدي على الأردنيين وسط عمان ، و ربما غدا نجد رجال الموساد يجبروننا على أي رصيف نسير و على أي محطة إذاعة نستمع ، الصهاينة زادوها كثيرا جدا ، و حادثة المواطن الأردني خالد مشعل ما تزال ماثلة في الأذهان ، و سرقات الفنادق الأردنية و الشكوى منها لا تنتهي ، الصهاينة لا أخلاق لديهم و ليسوا معنيين بأي شي أخلاقي .
هذا كله إذا استثنينا ما يفعلونه في الفلسطينيين و في القدس و في المسجد الأقصى ، كل هذا و ما يزال بعض العربان يستلون خناجرهم و يتنافخون شرفا فيما بينهم و يسوقون التهم لبعضهم بالإرهاب و يشيحون بوجوههم إلى الجهة الأخرى و هم يرون الإرهاب الإسرائيلي ، و العنف الصهيوني ضد الشجر و الحجر و البشر إن كانوا من العرب و المسلمين ، كل هذا و العرب المستعربة ، أو المتصهينة ما تزال تتاجر بأبي الفلاتر و بدحلان و طقعان إن جاز التعبير و في ظل ما يجري يجوز و يجوز ما هو أسوأ منه.
الأردنيون قادرون على الدفاع عن أنفسهم ، و الحماقة التي يظنها الإسرائيليون فهما ، من أن الأردن موجود و باق لأن إسرائيل تحميه كما يصرح كل يوم مسئولون حكوميون إسرائيليون ليس صحيحا ، الأردن بعد فضل الله موجود و باق بسواعد أبنائه ، و بقوة رجاله ، و بشكيمة قواتنا المسلحة التي يمكن أن نذكر الصهاينة بأفعالها في معركة الكرامة إن كانوا يحتاجون إلى ما يذكرهم .
الأردنيون قادرون على رد الصاع الواحد صاعين للإسرائيليين ، و لو شعرنا أن الملك يرغب منا أن نرد فإن إسرائيليا واحدا لن ينام قرير العين ليلة واحدة ، و أن جنودنا سيكونون على شواظي المتوسط خلال يوم واحد أقسم بالله ، و على الجميع أن ينسوا أجواء عام النكسة الذي لم تكن حربا بل مسرحية هزلية عربية ، و عليهم أن يتذكروا أننا إذا أردنا انتصرنا ، و نحن بحاجة إلى أن نفهم الإسرائيليين من جديد أن اللحم الأردني مر علقم ، نحن بحاجة إلى أن يفهم الجهلة على أننا إذا أردنا سنقلب حياتهم جحيما لا يطاق ، علينا أن نكون أكثر صراحة و أن يفهم الإسرائيليون أننا إذا فتحنا الحدود و أغلقنا عيوننا قليلا فإن الأغوار ستصبح هانوي و أن تل ابيب ستكون خرابا و أنه ليس عمان فقط من عليها أن تخاف بل تل أبيب بحقدها و تفاهاتها التي لا تنتهي.
ننظر موقفا يثلج الصدر من الحكومة الأردنية و الدولة الأردنية و أن لا يكون حلا استرضائيا ، يجب أن يدفع الإسرائيليون ثمنا باهظا لحماقتهم و تفاهتهم ، و إلا فإلى الجحيم السفارة الإسرائيلية و إلى الجحيم اتفاقية وادي عربة و إذا خربت ما بتعمر ، الأردنيون لن يسكتوا عن حقهم ، و الطرق و السبل كثيرا للرد على إسرائيل و على الحكومة أن لا تدفع الناس لأخذ حقها بيدها فلتأخذ هي حقوقهم لهم ، و يجب أن يحاكم الصهيوني النذل القاتل بالمحاكم الأردنية و ينال عقابه العادل.