سخرية كالبكاء : بقلم : وليد رباح

سخرية كالبكاء
بقلم : وليد رباح
نعزف في هذا العدد عن السياسة .. فهي تياسة كما اعتقد .. فتعالوا معنا لكي نبحر في هذا الجو العبق برائحة الرياحين .. فهل من ردة فعل لديكم ؟ اجيبوني .
***
ليس بالضرورة ان تشرب خمرا لكي تسكر .. او ( تزلط) حبوب الهلوسة لكي لا تميز بين الزنديق والمتعبد.. أو تشم برميلا من ( الآجو) لكي تتذكر اسمك الذي نسيته ..  او تحلم بفتاة هيفاء دعجاء طري جسدها كغصن البان لكي تنسى ( البرميل) الذي يعيش في بيتك ..  يكفي ان تنظر الى  قائمة طلبات ذلك البرميل  اليومية لكي يصيبك السعال الديكي الممزوج بالسكر الثقيل ..  او تنظر الى مقررات القمة العربية مثلا لكي تصيبك موجة من العته والجنون .. أو تستمع الى خطاب زعيم عربي وهو يتحدث اليك عن الحرية والديمقراطية وتأمين الخبز للمواطن حتى تموع نفسك فلا تأكل حتى يتوفاك الله .. او تستمع الى خطاب عربي حول اقامة سور فولاذي لمنع الطعام عن الشعب  .. او تتلصص على الرئيس الامريكي  (من خرم باب الحمام )  وهو يكابد  الامساك عندما يصاب جندي اسرائيلي بجروح .. كل ما ذكرناه قد يودي بك الى السكر الشديد .. الذي يجعل من الشجاع رعديد (أ) .. ومن طري اللحم قديد (أ) ..

قيل لي مرة أن احدهم اصيب بانفصام في منظومة جسده  فرأى الحمار يطل برأسه من فوهة الابريق .. فصرخ بالناس انه رأى الحمار متربعا داخل الابريق .. فصاح الناس هللويا .. وأخذوا  يداوون مرضاهم بشفاعة الابريق وبركاته .. ومات المرضى بالجملة .. لكن الابريق ظل على حاله وليا يعبده الناس من دون الله .. ثم بنوا فوق جسم الابريق معبدا أخذ العامة يهرعون اليه كلما القت طائرة حممها على المنازل .. وبالطبع لم يحمهم الحمار ولا الابريق ولا القبة ولا الدعاء الذي كانوا يرسلونه كي يصل الى ذي القوائم الاربع لانه كان نائما .. ومع كل ما اصاب الناس ظلوا يمدون ايديهم الى الابريق يأخذون بركته حتى قربوا من الانقراض ..

وقيل لي مرة اخرى .. ان لصين كانا يقطعان الطرق يتعرضان للقوافل يسرقانها ويقتسمان ( الغلة) وكان لهما حمار ينعم بلذيذ الطعام وصفاء الماء  حتى بات جسده مثل صواريخ السوفييت القديمه .. ثم مات الحمار  نتيجة فايروس التخمة ..فصنعا له قبة ومزارا  ودفناه فيه.. وتصوف اللصان وتركا مهنة الصعلكة فاخذ الناس يزورون القبة على انها قادمة من السماء .. تشفي المريض وتبرىء الاعمى والاكمه والابرص  .. وأخذ الموتى يتزايدون .. وبالطبع لم يحمهم الحمار ولا اللصين من غضب السماء ومن امراض السرطان والايدز والثؤلول والهواء الاصفر .. لكن الناس ظلوا على حالهم من زيارة القبة والتضرع اليها كلما اصبح احدهم على شفير هاوية الموت .. وكلما اقترب احدهم من انفصام في شخصيته ..

وحدثتني جدتي مرة انها استغفلت زوجها وهو نائم فهربت الى عشيقها في ساعة مسائية وقضت منه وطرها وعادت  الى جدي طاهرة الذيل تحلف اغلظ الايمان انها بريئة مما علق بثيابها  فصدقها المعتوه واحتضنها في ليلة شتائية دافئة ..

***
أيتها السيدات وايها الساده .. هل كان لنا ان ندرج ما قلناه من سخرية  لكي  ندرك اننا كعرب نعيش على هامش هذه الحياة التي استمرأت فيها العربان الدعاء دون ما يفرش له القبول .. وبناء العمارات والجسور دون حمايتها بطائرة واحده .. وشراء السلاح بالمليارات دون خوض معركة ضد العدو ونتجه به نحو الشعب .. والهرولة نحو ( السلام) دون ان تكون لدينا عزيمة المجابهة .. والكثير غير ذلك !!
المقاومة اصبحت في عرفنا ارهابا.. والصحيح اصبح خطأ والخطأ صحيحا .. كل حياتنا غدت هباء ننتظر ان يمن الرئيس الامريكي  علينا بحفنة من القمح لكي نأكل ..
لقد وصل بنا القرف منتهاه .. لذا فاننا سنقف على قارعة الطريق لنقول لكل اولادنا الذين سيأتون بعدنا ..  لا تكونوا مثلنا .. والا انقرضتم .. .