حقيقة إسرائيل وقوتها تزيد من مرارة علقم النكبة – بقلم : تميم منصور

آراء حرة …
بقلم : تميم منصور – فلسطين المحتلة ….
كل من لا يعترف بأن إسرائيل دولة الاقتصاد والإنتاج والعسكر والتكنولوجيا والتطور في مجال الزراعة والصناعة والأبحاث والسياحة والملاحة البحرية سبق عمرها الزمني وحجم طاقتها وثرواتها، كل من لا يعترف بذلك فهو لم يقرأ جيداً حجم قدرات هذه الدولة، هذا يعني أن إسرائيل الدولة والشعب تعيش بأزهى أيامها، حدودها البرية آمنة، لأن نواطير الأنظمة العربية ساهرون على أمنها، حدودها البحرية آمنة أكثر لأن أساطيل الدول الغربية أقيمت لحماية الأنظمة وللعروض العسكرية فقط.
الإنتاج فيها يكاد أن يزيد عن حاجة السكان، عجلة البناء وتطور شبكة المواصلات تسير في وتيرة لا يمكن تقدير سرعتها، ميزانيتها السنوية تساوي عشرة أضعاف ميزانية مصر التي يزيد عدد سكانها عن 90 مليون مواطن، شبكاتها الجاسوسية تسرح وتمرح بِحرية شبه تامة في غالبية العواصم العربية والعواصم الأسيوية والأفريقية،  وداخل الكثير من الدول الأوروبية، كل يهودي في العالم هو جاسوس لإسرائيل.
هل يوجد دولة في العالم لا تزال تحظى بحماية الدول العظمى، هذه الدول تحمي عدوانيتها وتحمي وتدافع عن عنصريتها ، ومستعدة للقتال إلى جانبها إذا تعرض وجودها للخطر، والسبب أن العرب أعداء إسرائيل أدوات طيعة بأيدي الدول الداعمة لإسرائيل.
نعم إسرائيل اليوم تعيش في عصرها الذهبي الذي لم تتوقعه في يوم من الأيام، لقد وصلت إلى هذه القمة في الوقت الذي تراجع به اعداءها حتى وصلوا الحضيض، لن ولم تقم للدول العربية التي كانت في الماضي تشكل خطراً على وجود إسرائيل قائمة في المستقبل القريب، وهذه الدول هي مصر وسوريا والعراق، أما الشعب الفلسطيني فقد أشغلته إسرائيل بالركض وراء سراب المفاوضات سنين طويلة، وأوقعت بين قياداته إلى حد الإحتراب باتفاق أوسلو وما تبعه من تطورات، لم تعد القضية الفلسطينية تُشعل العالم، ولم تعد تقف في مقدمة اهتمامات الأنظمة العربية وشعوبها.
إن السلطة الفلسطينية في رام الله إحدى مخلفات الاحتلال واتفاق أوسلو، يرى بها الكثيرون خط الدفاع الثاني عن وجود الاحتلال ،أما رئيس السلطة فهو ليس أكثر من ساعي بريد، جوال سياسي، لا يمكث في رام الله ومدن الضفة الغربية، حتى يلمس جرائم الاحتلال في جولاته المتواصلة من مصر إلى الكويت إلى السعودية وقريباً في واشنطن لا يملك أي شيء يقدمه سوى التكرار واجترار المواقف وهموم الرواتب.
رئيس السلطة لا يحمل أي برنامج سياسي أو خطة لمواجهة الاحتلال ولم يفكر بوضع مثل هذا البرنامج، أنه لا يجرؤ على مقاضاة إسرائيل وجرائمها أمام الهيئات الدولية، لأنه لا يملك استقلالية الإرادة والقرار، فهو محاصر من الأنظمة العربية حليفة إسرائيل، ومحاصر أكثر من أصدقاء إسرائيل، خاصةً الولايات المتحدة، عباس يحلم بانتفاضة شعبية كما يقول، لكنه لا يعرف كيف يمكن أن تكون هذه الانتفاضة ولم يخطط لها.
اذاً من حق إسرائيل أن تنعم وتزهو بأيامها وتطور نفسها وتستقبل أكبر عدد من المهاجرين، يهود وغير يهود، المهم أن لا يكونوا فلسطينيين، قريباً سوف تستقبل حوالي 20 ألف عامل من الصين، لقد اشترط الصينيون أن لا يعمل هؤلاء في المستوطنات، لكن من يراقبهم ومن يمنعهم للعمل في الأراضي المحتلة؟ السؤال لماذا يعمل الفلسطينيون في المستوطنات؟ أين موقف السلطة الفلسطينية من هذا العمل الخطير ؟ هل الصين تملك الموقف أكثر من أصحاب الأرض ، وضحايا الاحتلال ؟؟
لماذا لا تنعم إسرائيل في حياتها والعالم أجمع يعرف بأن الحكومة التي تدير دفة الحياة السياسية فيها من أبشع الحكومات في العالم ومن اسوئها وأكثرها عنصرية، لكن أحداً لا يقول لها لا بصوت عالٍ ووتيرة غضب، لقد وجه نتنياهو أكثر من إهانة للرئيس الأمريكي السابق أوباما، لكن عنصرية أوباما فاقت عنصرية نتنياهو، واعترف بأنه قدم ودعم إسرائيل أكثر من غيره من رؤساء أمريكا السابقين.
رفض نتنياهو مقابلة وزير خارجية ألمانيا في الأسبوع الماضي، لأن الأخير اجتمع مع ممثلين عن الحركات اليسارية الإسرائيلية، لكن قيصرة ألمانيا ميركل صرحت في الحال بأن هذا زوبعة في فنجان لا تؤثر على صفقة الغواصات والأسلحة الألمانية لإسرائيل.
إن سنة 2017 هي سنة مميزة لكل إسرائيلي، لأنها مليئة بالمناسبات التاريخية الفاصلة، وكل مناسبة بمثابة يوبيل يزيد من قوة إسرائيل ويرسخ جذورها أكثر في عمق التاريخ، في هذه السنة سوف تحتفل إسرائيل بمرور 120 سنة على تأسيس نقابة العمال الصهيونية،فقد تم تأسيسها عام 1897، لا أحد يستطيع تجاهل أهمية هذه المؤسسة العمالية المهنية، فلقد لعبت دوراً بارزاً في دعم الطبقة العاملة اليهودية، قبل قيام الدولة وبعدها، وهي ركيزة اقتصادية واجتماعية، علمية مهنية للدولة، هناك من يعتبرها بمثابة دولة داخل دولة، لأنها تملك الأموال والمؤسسات والعقارات المختلفة، كالمعاهد التعليمية والبنوك وشركات البناء والأغذية وغيرها.
اليوبيل الثاني الذي سوف تحتفل فيه إسرائيل هذه السنة أيضاً، مرور 70 سنة على صدور قرار تقسيم فلسطين، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، صدر هذا القرار عام 1947، ويعتبر من أكبر الإنجازات التي حققتها الحركة الصهيونية منذ تأسيسها لأنه يعني اعتراف دولي شرعي بقيام دولة لليهود في فلسطين.
أما اليوبيل الثالث فهو مرور مئة عام على صدور وعد بلفور، إن صدور هذا الوعد من قبل بريطانيا عام 1917 يعتبر اللبنات الأولى لتأسيس دولة لليهود في فلسطين، وهو حلم أنتظره اليهود، وقد زادت أهميته عندما وافقت عليه كل من الولايات المتحدة وفرنسا ودول أوروبية أخرى.
هذه الموافقة، تشير إلى عمق التعاون والإرتباط بين الصهيونية والقوى الامبريالية ويؤكد أن بريطانيا لم تعمل للعرب أي حساب أو وزن سياسي، رغم أنهم حاربوا إلى جانبها ضد دول المحور.
أم اليوبيل الرابع الذي يصادف هذه السنة وسوف يزيد من صلف إسرائيل فهو مضي 50 سنة على عدوانها على الأقطار العربية وعرف بحرب الأيام الستة، هذا العدوان كشف حقيقة إسرائيل كدولة عنصرية لا تفكر ولا تخطط للسلام مع جيرانها، ويؤكد بأن نهج إسرائيل وسياستها ما هو إلا استمرار لممارسات وفكر استعمار الرجل الأبيض، هناك يوبيل خامس يصب في مصلحة إسرائيل ويثري تاريخها، مرور 80 سنة على اقتراح اللجنة الملكية البريطانية برئاسة اللورد بيل، اقترحت هذه اللجنة في حينه لأول مرة تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وقد طرح هذا الاقتراح عام 1937، هناك يوبيل آخر لا زال راسخاً في الذاكرة الإسرائيلية، مرور 30 سنة على انفجار الانتفاضة الفلسطينية الأولى، هذه الثورة كانت تختلف عن كل الثورات الشعبية التي عرفها التاريخ، لكن إسرائيل نجحت باحتوائها بفضل اتفاق أوسلو عام 1993، هذا الاتفاق الذي وضع القضية الفلسطينية في مربعات ليس من السهل الخروج منها.
إن قراءة تاريخ الحاضر الإسرائيلي بشكله الصحيح، يزيد من مرارة علقم  النكبة، لكن تبقى بداية الانتصارات مرهونةً بكشف الأمور على حقيقتها، ولا تزال هذه الثقافة بعيدةً عن متناول مفهومنا للسياسة.