آراء حرة …
بقلم : إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك
قال البابا فرانسيس في كلمته ، الله لا يحتاج إلى من يدافع عنه ، لكنه هو الذي يدافع عن البشر خليقته ، وعانق البابا فرانسيس الشيخ محمد الطيب شيخ الأزهر عناقاً حاراً ، واحتفلت مصر كلها بزيارة البابا ، وكانت صلاة في استاد الدفاع الجوي وحضرها أبناء الشعب دون تفرقة بين العقائد والمذاهب كحضور يحمل رمزية جميلة ، وتقابل البابا فرنسيس مع البابا تاوضروس الثاني من أجل توحيد الطقوس في جميع الكنائس وبالفعل تم لبعضها ، ونطق البابا فرانسيس ببعض الكلمات باللغة العربية ” السلام عليكم ، مصر أم الدنيا ، تحيا مصر ” ، ورُددت عبارات الترحيب من شعب مصر مثل ” بابا السلام على أرض السلام ، ورافق الرئيس السيسي ضيف مصر إلى المطار لوداعه . مجموعة رسائل وجهت إلى العالم كله في زمن قياسي يحسب بالساعات ، لكن يمكن أن يكتب عنها الكثير ، نعم كل واحدة من النقاط السابقة على حدة يمكن أن يعطي مدلولات للجميع ، باختلاف درجة التعليم والثقافة والوضع الاجتماعي ، ليس الجميع على مستوى مصر فقط لكن للعالم كله ، فالسلام رسالة وثقافة ” ثقافة السلام ” الغائبة عن كثير من الأذهان في عالم قد ينطق بها لكنه لا يستوعبها ، السلام ليس مرتبطاً بالعقائد السماوية فقط ، لكن هو أداء بشري المفروض أنه ينبع من العقيدة البشرية ذاتها بما حباها بها الله من عقل وعاطفة وأحاسيس وضمير لا توجد في غيرها من المخلوقات ، المفروض أن تتفاعل كلها في نتيجة نهائية هي كيف يتمتع جميع من على الأرض بهذه الكلمة ولا تُترك الأفكار والأهواء الداعية للشر والقتل والدماء لتتوطن وتنموا وتتزايد لتحول العالم كله إلى جحيم . عناق بابا الفاتيكان مع شيخ الأزهر الذي كان ملفتاً للنظر لحرارته وللأداء العفوي البعيد عن مجرد المجاملة يقول أن العقائد كلها تدعو للمحبة والسلام ، وأن كل عقيدة بها ما يكفي لأن يلغي النظرة العقائدية للآخر حتى لو كان ملحداً . الكلمات التي نطقها البابا بالعربية رسالة ثقافية تقول أن لغتكم العربية لغة جميلة لا يجب التنصل منها كما يفعل البعض ، ويمكن أن تكون لغة عالمية كأي لغة أخرى ، بها من المعاني ما يحمل الكثير من فن التعبير عن الإحساس البشري ، فلو عدنا إلى القصائد الشعرية حتى التي قيلت في زمن الجاهلية في جميع المناسبات سنجد بها ما يثير كل المشاعر داخل النفس البشرية ، كم تصيبني الدهشة والألم عندما أجد في بلاد المهجر البعض حتى من ولدوا في اللغة العربية يأتي إلى هنا ويتنكر لها وكأنها لعنة كانت تطارده وأتاه الفرج من أوسع أبوابه . نهاية ، قد يكون في كلمات البابا فرنسيس أن الله لا يحتاج إلى من يدافع عنه ، لكنه هو الذي يدافع عن البشر ، حكمة كبيرة في الكلمات تقول أن الله لم يأت إلينا بالأديان لنستخدمها كصورة مشوهة تحت بند كاذب وهو الدفاع عن الله لأنه لا يحتاج لدفاع حتى لو كان من أنبياء أو رسل ، فالعقائد تعلمنا أشياء صالحة للنفس البشرية وفقط . كلمات مبعثرة قد لا أكون لممتها بطريقة جيدة ، لكن لا أعتقد أن أحداً سيجهل بأنني لا أقصد منها سوى معنى ” ثقافة السلام ” .
edwardgirges@yahoo.com