آراء حرة ….
بقلم : وليد رباح – نيوجرسي ….
يعجب المتابعون للحرب الدائرة في العراق بين داعش الارهابية وبين الدولة العراقية .. ويعجبون اكثر عندما يستمعون الى نشرات الاخبار المحلية او العالمية عن صمود داعش وقتالها بشراسة .. ويظن بعض غير الفاهمين عن الاسباب ان تمسكهم بالاسلام هو الذي يجعلهم يقاتلون بتلك الشراسة .. مما يوحي لاولئك ان الله معهم .. وانهم لن يهزموا .. ولكن التفكير بالعلوم العسكرية والمناورات اثناء المعارك وحجز المدنيين في مقدمة القتال واطعامهم للمحرقة الى غير ذلك .. هي الاسباب الحقيقية في ذلك الصمود الداعشي رغم الخسائر الكبيرة التي منيت بها ..
غير ان هنالك امرا مهما جدا في ادارة المعارك قد يكون قد غاب عن ذهن المؤسسة العسكرية العراقية في خضم الحرب الدائرة .. وذلك الامر يجسد مقولة تعلمها العالم من الحرب العالمية الثانية وانها لا تزال تدرس في المدارس الحربية في معظم انحاء العالم .. غير ان الحماس الذي تمسكت به الادارة العسكرية العراقية ربما انساها ان الحرب خدعة وسجال وخسارة وربح في نفس الوقت .. وان من يصل الى نتائجها الايجابية قد يكون فكر كثيرا في كيفية كسبها ..
يقول هذا الامر الهام .. اذا حاربت جيشا او عصابات او حتى مجرمين فافتح لهم ممرا آمنا .. وقد يبتسم القارىء لهذا الامر .. ولكني احاول ان اعطي القارىء بعضا من العلوم العسكرية التي قرأت عنها الكثير حتى انني اقتنعت بها قناعة يقينية ..
والاسباب التي تدعوني للتمسك بهذه المقولة .. انك اذا ما اعطيت العدو فسحة في الحرب ان كانت بوادر هزيمته قد لاحت .. فاعطه تلك الفسحة في صورة ممر آمن .. اي بابا للهرب من المعركة اذا ما تضايق في الدفاع عن نفسه وعن الارض التي يقاتل عليها .. ولكن الذي يتابع الحرب الداعشية العراقية يدرك تماما ان الجيش العراقي قد قام بمحاصرة المجموعات الداعشية بحيث لم يترك لها ممرا آمنا للهرب .. وفي هذه الحالة يضطر المقاتل الداعشي او القائد الارهابي ان يقاتل حتى الطلقة الاخيرة لانه ميت ميت .. فلا يمكن ان يموت مجانا قبل ان يقتل اكبر عدد ممن يقعون تحت يديه سواء كانوا من المدنيين او العسكريين .. وبذا يظن المتابع ان القوات الداعشية من الشجاعة بحيث انها تقاتل حتى الطلقة الاخيرة .. ولا تأتي الى ذهنه مقولة ان الحصار الذي اطبق على رقبته هو الذي يجعله يقاتل حتى الموت .. والى آخر طلقة او طعنة يمكن ان يلقيها .
لقد علمتنا الحروب التي قامت في هذا القرن والقرن الماضي ان استخدام العقل في المعارك اهم كثيرا من استخدام الاسلحة .. يأتي استخدام العقل اولا .. ومن ثم يأتي دور الاسلحة .. وكيفية استخدامها .. وكيفية التعامل مع العدو .. ومن هذا المنطلق .. فان الجيوش التي حاربت في منتصف القرن الماضي كانت تعتمد في حربها اذا ما هزم العدو امامها ان لا تقتله .. بل تلقي القبض عليه كأسير حرب .. وليست هذه انسانية من تلك الجيوش بقدر ما تعطي الاخرين الذين يقاتلون درسا ان هنالك فرصة للحفاظ على حياتهم .. وانهم اذا ما القوا السلاح فان الطرف الاخر سوف يلقي القبض عليهم كأسرى وليس كمقاتلين حتى النفس الاخير ..
وقد يقول البعض ان الدواعش اذا ما فتحت لهم ممرا آمنا فانهم سوف يقاتلون في مكان آخر .. وهذا صحيح .. ولكن القتال ضمن قادة تمرس الافراد في اخذ العلوم العسكرية عنهم .. غير اولئك الذين يجابهونهم في اماكن اخرى لمتابعة القتال .. هذا ان وجد الهاربون من المعركة ضمن الممر فرصة للالتحاق بمجموعات قتالية اخرى تنضم اليهم .. فالهاربون بحاجة الى تدريب طويل عن طبيعة الارض الجديدة وربما الاسلحة المختلفة او التناغم مع الجو الجديد الذي انتقلوا اليه بعد هروبهم من المعركة وانضمامهم الى معركة اخرى متغيرة جغرافيا وبيئيا ويجدون صعوبة في التاقلم مع الارض الجديدة .
ان البوادر تشير الى هزيمة داعش .. ان صمودها مثل سبحة يداعبها الانسان باصابعه .. ولكنها ان قطع خيطها فانها تتهاوى حبة اثر آخرى .. وهكذا تساس الامور .. وتصبحون على الخير .