آراء حرة ….
بقلم : إدوارد فيلبس جرجس – مصر – نيويورك …
عجيب هذا البلد ، أحيانا أحس أن الشياطين ركبته وتسير به إلى طريق الهلاك ، وفجأة أحس وكأن الملائكة تحمله وتسير به إلى مورد الراحة ، أحياناً أحس بأن باب جهنم انفتح على مصراعيه أمامه وفجأة أحس بأن كل أبواب الجنة وأبواق الفردوس تناديه، اختلطت الأمور في ذهني بين النقيضين ، أسعى إلى إيجاد تفسير والتفسير الوحيد الذي لا جدال فيه أو لا يحتمل المناقشة هو أنها محمية بقوة لا تغفل عنها ، قوة سمائية تنتشلها في اللحظة الأخيرة قبل أن يجرفها الطوفان . لست أتحدث عن المشهد الآن وإن كان له دوره ، لكن أسترجع ذاكرة التاريخ منذ البداية ، كم تكالبت عليه قوى الشر وخرج من بين أنيابها منتصراً ، وفي الزمن الحديث ألم يظن الجميع أن مصر لن تقوم لها قائمة بعد هزيمة يونيو 1967 ، ولاك اسمها من لا يعرف حتى يلوك العلكة ، وفجأة قفزت قفزة نطق بها الأبكم وسمع بها من به صمم بانتصار أكتوبر 1973 ، وبين المؤامرات الخارجية وضعاف النفوس بالداخل تلقى الضربات واحدة تلو الأخرى قوية تكاد تقسم الظهر وفي كل مرة ينفض عن كاهله كل غبار لصق به ويبدو وجهه كالبدر المنير ، وليس ببعيد ما حدث بعد الخامس والعشرين من يناير 2011 وقوى الشر العالمية ظنت أن لحمه طاب واستوى ووجب نهشه حتى العظام ، ثم سرعان ما اكتشفت أن ليس كل الطير يؤكل لحمه . حطت قدمي فوق أرضه هذه المرة وكنت كمريض داهمته كل الأمراض بفعل ما قرأته مسبقاً من أخبار على المواقع الإخبارية المغرضة تزكيها مواقع التواصل الاجتماعي بمغرضيها أيضاً ، حقيقي كما يقولون كنت أنقل قدم وأؤخر الأخرى ، أخاف أن أكون قد أتيت إلى مصر أخرى غير التي تجري مع الدماء ، مصر باهتة بوجهها الشاحب ، لكن سرعان ما عادت النشوى إلى نفسي وأنا أسير بين الناس في شوارعها ودروبها ، بين أسواقها ومتاجرها ، نعم الأسعار تضاعفت والجميع يشكون ، وبالرغم من هذا أشاهد الرضا على الوجوه ، والبسمة لا تزال تضيء ، وفكاهات ونكت وكأنها الدواء الذي يعالجون به كل الأزمات ، أو كأنهم اعتادوا أن الله عينه ساهرة عليهم ، أو من مبدأ ” ياما دقت على الرؤوس طبول ” ، لا أفقد الأمل أبداً وأنا أشاهد روح هذا الشعب الصابر والصبور حية دائماً ، تنظر إلى الأمل بتوثب الشباب ، هذه هي مصر وهذا هو شعبها ، سؤال لح بشدة على خاطري ، كيف يعيشون مع هذا الغلاء ، واكتشفت الحقيقة ، أن الابتكار هو وسيلة هذا الشعب لجواز الأزمات ، كالدودة عندما تشرنق نفسها ثم تثقب الشرنقة لتخرج فراشة ، يبتكر ليأكل ، يبتكر ليشرب ، يبتكر ليلبس ، حتى النزهات يبتكرها ، الغني يعيش ويأكل ويشرب ويتنزه ، وأيضاً الفقير ، قد تختلف الدرجة لكنه يمارس الحياة ولا يتوقف ، وأتوقف أنا وتدور عيني على الوجوه المبتسمة الراضية وأردد في داخلي ، بالتأكيد أنها نعمة من عند الله ، أسير وكلمات جميلة تهتف بداخلي ” مبارك شعبي مصر ” .
edwardgirges@yahoo.com