سماء ثقيلة .. شعر : خليل ناصيف

الشعر …
شعر : خليل ناصيف – فلسطين المحتلة …
1- لاهواء
سوى الانفاس الاخيرة
للضباع الميته
ولهاثُ بدويِّ عاثر الحظ
في فم الجَبل
أُوقِدُ نارا باردة
من شبحِ شجرة
فتأتيني بناتٌ
وأَدنَ قلوبهن وتزوَّجن صغيرات
يُطعمنَ النار حبّات المسابح
وأساور الفضة
وعقود الخرز
وعباءات الشرق
ثم يغسلنَ شُعورَهن في اللهب عاريات

فتثور شهوةُ القمر العجوز
ويرسل إليهن حراسَ المقابر
مغسولين
كرخام القبر بعد المطر

أقاتلُ الفرسان الموتى
بنصل سكين صغير
دمهم يسيل على خبزي
فتأباه نفسي
وتأباه الطيور
يصير لُقمةً بيد الجوع
وفتاتٌ لأسرابِ النمل
نملُ الصحراء خطير
يأكلُ جوعَه
وحجارةَ الطريق
يقتلُ نفسه لأجل السرب
أسدد سكيني
لقلبِ القمر الباهت
فتُظلم الدنيا
ويتلاشى كل شيء
ويَسكتُ العالم
الى حين
2
سماء ثقيلة
على صخرة صماء
وقفَ رهبان التيبت
ينفخون في مزامير طويلة
فترتفع الحجارة في الهواء
بخفة اوراق الشجر

الحجارة طارت وسكنت قلوب المعابد
أما الصخرة الصماء
فَبَقيت أرضاً للرهبان
ولما ماتوا
كسرَ الراهب الاخير آخر الابواق
والتحق بأسلافه
والصخرة الصماء
سكنت صدور البشر
من وقت لاخر
يحاول الناس ترميم المزامير
ويعزفون لحنا نشاز
فتطير الحجارة
وتنهدم المعابد
صدورهم ملأى بالدخان
أنفاسهم مقطوعة
أبواقهم مزيفة
تطير الحجارة
وتسقط فوقهم
من  سماء ثقيلة

3
كل ليلة
يَفلت قطار عن السكة
ويخترقُ كرصاصةٍ قمراً من جليد
فيكسرهُ ملايينَ الشظايا
تنهمرُ رماحاً فضية
وتملأ ذئابَ الليل بالجراح
فتعوي ألما
نصف الندى في الصباح فضة
ونصفه دموع الذئاب الوحيدة

كل ليلة
تهتزُّ رفوف مكتبتي
ويخرجُ منها الناس
والماء
والسمك
وعصافير غاضبة تنقر وجهي
وتهرُب
فأبقى وحيدا مع بياض الصفحات
أقرأ قصصا كثيرة
في الصباح تقول ابنتي:
“صفحاتك بيضاء لكن القصص في رأسك”

كل ليلة يزورُني موتى
يشربون حليبَ الحيتان
ويثملون
ويرشّون اوراقي بالماء
فاصرفهم غاضبا
وكالعادة يَتبَعهم نومي
وكالعادة
يوقظون ديكَ جيراني
فيصيح مزعوجاً
وأنا اطاردهم حتى البحر
في الصباح
يفوتني القطار أيضا
فأضحك ساخراً
من قطار آخر
سوف يخرج عن السكّة