كلما تصاعدت حدة الارهاب ادرك انه في النزع الاخير- بقلم : وليد رباح

كلمة رئيس التحرير
بقلم : وليد رباح
بدءا .. أعزي اخوتنا اقباط مصر.. واني لآعلم ان من كانت يده في النار ليست كمن يده في الماء .. لاؤكد لهم .. ان الارهاب لا يقصدهم وحدهم .. لان الارهاب ليس له دين ولا جنسية او قاعدة يسير عليها .. بل انه متحرك يضرب الاجزاء القوية اولا .. لكي يوحي بانه قادر على اختراق اعتى التحصينات .. ثم يأتي الى الاجزاء الاقل ضعفا فيما يقصده من قتل وتدمير وازهاق ارواح بريئة .. لكي يوحي انه قوي وقادر على الوصول الى اي هدف يريده .. ويقصد من وراء كل ذلك زعزعة الترابط المجتمعي وجعله (في نظره) هشا لا يستطيع حماية نفسه .. سواء كانت هذه الحماية تأتي من الدولة او من الافراد او من الجماعات ..
ولكن الذي ينظر نظرة متفحصة لما يفعل الارهاب .. يدرك تماما ان الهدف الرئيس من وراء كل ذلك  تفتيت المجتمع.. وايهام الناس بان النظام الذي يحمي الترابط المجتمعي .. جهاز هش لا يصمد امام ما يظنه التخطيط الذكي الذي يقوم به .. كما يهدف الى ايهام النظام المجتمعي ان النظام الذي يحمي المواطنين من الارهاب .. جهاز لا يقف امام قوة ذلك الارهاب .. وانه في طريقه الى الاضمحلال .. ليحل محله نظاما يستخدمون فيه اسم الله او الوطن او المنفعة العامة  .. وكم من اناس في المجتمع الذي يضرب فيه الارهاب .. قد صدقوا مقولة الارهابيين انهم قادرون على الوصول الى اهدافهم من خلال ايجاد الثغرات التي يمكن ان ينفذ فيها الى ما يجعلهم يقتلون الناس بالجملة .. أي ان مقولة اجدادنا .. اضرب المربوط فيخاف السائب .. يطبقها الارهاب بحذافيرها .. وهي جزء من استراتيجيته التي يعتمد عليها في اقناع الناس بانه هو الوحيد الذي يستطيع حماية المواطنين من ظلم الاجهزة الامنية التي تقوم بالحماية . اذ من السهل ان يقوم ثلاثة او اكثر من اولئك الارهابيين بالتخطيط والتنفيذ في ليل بعيدا عن اعين رجال الامن او الجهة المسئولة عن مكافحته .. فالدولة لا تستطيع بكل ما تملكه من قوة .. ان تدري او تعلم ما يخطط له ثلاثة او اربعة او اكثر من عمليات تزعزع المجتمع وتجعله يصل الى حد اليأس من ان السلطة لا تحميه ..
ويدرك الارهاب تماما .. ان الدولة او الاجهزة الامنية مهما كانت قوتها .. لا تستطيع ان تغطي كافة المسئوليات التي تسند اليها .. ولنأخذ مصر مثلا لذلك ..
ان تسعين مليونا من البشر .. قد ينقصون او يزيدون .. لا تستطيع الاجهزة الامنية في الدولة مهما كانت قوتها وتنظيمها  ان تسيطرعلى  كل كيلو متر مربع منه .. مما يوحي الينا بان القضاء على الارهاب ليس مسئولية الدولة وحدها .. بل انها جزء كبير من الحماية .. ولكن المعتمد عليه في مثل حالة مصر .. ان يقوم الشعب نفسه بالمشاركة في هذه الحماية ..
ولا يخفى على احد ان تصاعد الارهاب في مصر يهدف الى زعزعة نظام الدولة بكاملها .. فعملية يقوم بها ولو كانت فرقعة تخرج صوتا تقام في عرس او تجمع مدني او لمناسبة دينية او حياتية .. يجعل الرعب يصيب المواطنين لكي يصرخ احدهم او مجموعة منهم بان الدولة غير قادرة على ضبط أمور المواطنين والوطن ..  مع الاخذ بعين الاعتبار انني ضد من يقولون بانه عندما يقع انفجار في مكان ما .. تلام اجهزة الامن على انها لا تقوم بواجباته خير قيام .. اذ ان السيطرة على الارهاب لا يتم بالتنجيم ولا بافتعال القوة وانما بتحديد الاجهزة التي تنتشر بين الناس .. وسنفرد ذلك في نقاط في هذه العجالة فيما يلي من هذه الدراسة .. ولنعطي لذلك مثلا آخر ..
يعمد الارهاب الى استهداف رؤوس في الدولة لها موقع القرار .. لكي يشعر من هم اقل منهم وظيفة ومسئولية انهم مستهدفون ايضا .. فاذا كان الارهاب قد وصل الى رأس له موقع القرار .. فلا يستبعد ان يأتي الى الرؤوس الاخرى الاقل شأنا ممن قتلوا او اغتيلوا .. ويهدف من وراء ذلك ايضا امران : اولاهما اشعار المسئولين في الدولة مهما كان شأنهم الوظيفي انهم مستهدفون .. وثانيهما تحقيق الهدف المراد من الرعب الذي يصيب الجهات الاخرى التي يقع عليها الارهاب من قتل للناس بالجملة .. هذا اضافة الى ان الارهاب لا يضرب عادة في مكان واحد .. بل يقوم بتوزيع ارهابه في كل منطقة متباعدة عن الاخرى .. ليوهم انه قوي وقادر على اختراق كل الحصون التي تحميها الدولة .. ولا يستبعد في ذلك ان يكون التخطيط الارهابي يقوم به ثلاثة او اربعة افراد يقومون بالتنقل من حي الى آخر .. لكي يوهموا الناس انهم يمتدون على رقعة الوطن المصري من الفه الى يائه .
بعد هذه التفصيلات .. فاني افضل ان ادرج بعض المقترحات التي اعتبرها تفصيلات مهمة في حماية الشعب المصري من هذه الآفة .. وجلها فيما يلي :
اولا : تشكيل لجان شعبية في كل حي وشارع .. ممن يوثق بوطنيتهم لابلاع اجهزة الامن عن كل حركة يرونها مريبة .. ولا اعني مجرد الظن مدعاة للاعتقال … بل المراقبة المستفيضة حتى يثبت العكس ..
ثاينا : بما ان العمليات التي يقوم بها الارهابيون اعداد افرادها قليلة .. فان الدولة يجب ان تصدر قرارا بانه لا يجوز تأجير منزل او مكان الا بعد ان تقوم تلك الاجهزة بالبحث عن اولئك الجدد .. لان من عادة الارهاب ان يستأجر منازل او محلات او غير ذلك بحجة او باخرى .. ومن ثم يقومون باعطاء اسماء ليست حقيقية مما يصعب على رجال الامن ان يستدلوا على من قام بعملية ارهابية . ويجب ان  لا تستأجر تلك الاماكن الا بعد ابراز البطاقات والتأكد من صحتها لدى اجهزة الامن .. لان اجهزة التزوير لدى الفئات الارهابية قادرة على ان تصدر مثل تلك البطاقات .
ثالثا : تحصين مواقع الدخول والخروج من المدن واليها .. بتشكيل نقاط تفتيشية تقوم بتسجيل القادمين والمغادرين من المدن واليها .. واني لاعرف ان ذلك مدعاة لتكدس السيارات والناس بانتظار انهاء تسجيلهم . ولكن الدولة لا تعدم وسيلة من اجل زيادة عدد افراد نقاط المراقبة وتزويدها بالتكنولوجيا الحديثة لتسهيل امور الناس ومرورهم من المدن واليها .. ذلك ان الارهاب لا ينبع من نفس المدينة .. وانما يأتي من المدن والقرى الاخرى المتاخمة او البعيدة .
رابعا : ضرورة اجراء احصاء سكاني في المدن الكبيرة .. ليس احصاء فقط .. بل التأكد من هوية المقيم تفصيليا .. لان الارهاب كما هو عابر للقارات .. فانه قادر على العبور من موقع الى آخر بعيدا عن مكان العملية الارهابية التي تتم . اذ لا يستبعد ان تقوم فئة القيام بعملية ارهابية ومن ثم تغادر المنطقة نهائيا .. ثم تسند الى خلية اخرى القيام بنفس العمل في مكان آخر او مدينة اخرى .
خامسا : تشديد الرقابة عند مخارج ومداخل سيناء الى المدن .. لان الارهاب قد امتد من سيناء الى المدن الرئيسة في مصر .. ويتعرض الجيش والشرطة المصرية في سيناء الى العديد من العمليات الارهابية التي تودي بحياتهم في داخل سيناء ..
سادسا : عدم الاتهام الاعتباطي لمن هم من الابرياء حتى يثبت العكس .. بل عملية الاعتقال لا تتم الا اذا اكدت الاجهزة الامنية على ان المعتقل قد شارك او حتى كان ينوي المشاركة في العمليات الارهابية . من خلال وجود مؤشرات اتهامية تفيد ذلك .
سابعا : قد تكون هذه النقاط مكلفة للخزينة المصرية .. ولكن خسارة الاموال ليست كخسارة الانسان .. فاللكثير من الاحترازات الامنية يمكن ان تمنع الكثير من العمليات التي تدبر بليل ..

هذه بعض الاقتراحات التي اراها ضرورية .. اما من حيث تفجير الكنيسة المصرية في العباسية .. فان الارهاب يعلم علم اليقين ان تفتيت المكون المجتمعي المصري ( لا سمح الله ) سوف يخلق جوا ان لم يكن عاما فالتخصيص لكي يفقد المواطنون الثقة في اجهزة الدولة .. خاصة وان الاحوال الاقتصادية تجد لها مرتعا خصبا في تصديق ذلك .. اذ تتحول مصر باطيافها الى فوضى عامة .. وهذا ما يخطط له الارهاب لكي تصبح كما في ليبيا وسوريا واليمن وباقي اجزاء الوطن العربي الذي اصابه ارهاب ما يسمى بالربيع العربي. فاذا ما رضخت مصر لتلك الضغوط الارهابية .. فان باقي الوطن العربي يسقط بانتظام بعدها ..

ان المعاناة التي يعيشها الشعب المصري هي مقدمة لمعاناة اكثر اذا ما فقد الشعب الثقة بالاجهزة الامنية .. ولكن من المفيد في مثل هذه الحالة .. ان الارهاب ينحسر في العراق .. وفي بعض اجزاء سوريا .. وفي اليمن .. وفي ليبيا .. مما يعني ان نهايته قريبه .. اذ انني على يقين انه كلما زادت حدة الارهاب .. فانها المبشرة بان الارهاب في النزع الاخير ..  ولا يستلزم ذلك سوى التضحية والصبر .. فان الله سبحانه قادر على ان يهزمهم .. وليس التاريخ الذي جابه الوطن العربي خلال العقود الماضية .. بغافل عن ذكر ما يحدث الان ..
وهذه كلمة لاخوتنا الاقباط في مصر الوطن وفي الخارج .. ان الارهاب كما ذكرت في المقدمة ليس له دين او موطن .. ولذا فقد رأينا وقرأنا عن ان المتبرعين بالدماء للمصابين قد قامت به نسبة كبيرة جدا من المسلمين .. وهذا يعني ان الوطن المصري ما زال بخير .. اما عن الشهداء .. فاني ( كما وعد الله ) انهم في جنة الخلد .. فقد ارتفعوا الى السماء كما قال قسيس على فضائية مصرية .. انها عملية العض على الاصابع .. فمن يتوجع اولا فانه الخاسر .. التضامن في مثل هذه الحالة .. سوف يقضي في النهاية على من تسول له نفسه ان يقود مصر الى الفوضى .. حمى الله مصر .. وحمى شعبها بكل اطيافه .. والمجد للشهداء .