الأطفال زينة الدنيا وبهجتها وربيع الحياة وزهرتها..؟؟ بقلم : طلال قديح

منوعات ….
بقلم : طلال قديح* كاتب فلسطيني مقيم في السعودية ..
جميل جدا أن يخصص العالم يوما عالميا للطفل، تقام فيه الاحتفالات وتعقد الندوات تكريما للأطفال واحتفاء بما يحققه الكثير منهم من تفوق وإنجازات تتجاوز أعمارهم الصغيرة وتتطلع لآمالهم الكبيرة في مستقبل زاهر وحياة سعيدة، وعيش هانئ في أمن وأمان وطمأنينة وسلام.
لكن الأجمل أن يتكاتف العالم كله من أجل تجنيب الأطفال ويلات الحروب والفتن التي عصفت بالعديد من البلدان وكان الأطفال ضحاياها الأكثر عدداً. والأغلى ثمنا.
قدر أطفالنا العرب أن يُحرموا من طفولتهم البريئة وحياتهم السعيدة ليعيشوا في هم وغم، وشقاء وبكاء، ومناظر الدماء التي تخضب الأرض الخضراء، بل وينكل بهم الأعداء قتلا وتفجيرا ليتحول الكثير منهم إلى أشلاء على مرأى الأمهات والآباء، فتتضاعف الآلام وتزداد المعاناة وتتبخر الأحلام التى كانت زادهم وعتادهم في غد فياض بالاستقرار والهناء.
كم ينتابنا الحزن العميق والأسى البالغ، ونحن نرى أطفالا من سوريا والعراق واليمن وفلسطين يعانون ويقاسون ما لا يحتمل ، يمتطون أمواج البحر في قوارب متهالكة تعصف بها الرياح فتنقلب رأسا على عقب فيعلو البكاء والعويل وتتوالى الاستغاثة والصراخ.. بلا مغيث.. ويغرق الأطفال الأبرياء وتطفو أجسامهم الغضة على السطح لتقذف بهم الرياح والأمواج غلى الشواطئ جثثا هامدة في مناظر مرعبة تقشعر لها الأبدان وترتعد لها فرائص الشجعان.
مشاهد تبثها وسائل الإعلام، يشيب لهولها الولدان ويخفق ألماً لها الجنان .. بلغ الحال أن يصل يالمتصارعين إلى تجنيد الأطفال وجعلهم دروعا بشرية يحتمون بها لتنفيذ خططهم الجهنمية متنكرين للإنسانية السوية.
لعلنا لا تبالغ أو نذهب بعيداً، إذا قلنا إن أطفال العرب يعيشون الزمن الأسوأ في التاريخ، في الوقت الذي ينعم جيلهم من أطفال العالم بحياة زاخرة بما يناسب تطلعاتهم في اللهو البريء بعيداً عن الأحقاد والآلام والفوضى العمياء.
حتام يظل أطفالنا فريسة لمن تجردوا من الإنسانية، وتنكروا لحقوق الإنسان، وأداروا ظهورهم لكل القيم والمبادئ وقبلها للشرائع السماوية..؟!!
آن الأوان، أن نبتعد عن كل أسباب الخلاف لنوفر لأطفالنا حياة هانئة ككل أطفال العالم، بعيدا عن الشحناء والبغضاء وتبادل الاتهامات التي لا تخدم إلا الأعداء وتعطيهم فرصة ليفسدوا ويهدموا كيفما يشاؤون وفق مخططاتهم الجهنمية.
ومع كل ما يتعرض له أطفال العرب من حيف وظلم، إلا أننا نجد منهم إبداعا في كثير من المجالات ، يشهد بها العالم كله، إنه إبداع من رحم المعاناة، وتحد للمصاعب مهما بلغت..أليسوا ابناء وأحفاد أمة عظيمة، جديرة بأن ينحني لها العالم تقديرا واحتراما لما أهدته للبشرية من إنجازات في  العلوم والمعارف والاختراعات..
وهنا لا بد من وقفة مع أطفال فلسطين الذين سطروا بدمائهم أنصع صفحات الطفولة التي تحدت وأعطت، وعلى الجراح عضت لتساهم في التضحية من أجل الوطن ليعود إلى أهله حرا طليقا، ينعم فيه أبناؤه بالحرية والبناء والاستقرار..إنهم أطفال تخطوا مرحلة الطفولة ليصبحوا رجالا قوة وعطاء.. بهروا العالم كله وحازوا احترامه وتقديره ليصبحوا نماذج عظيمة يعتد بها ويشار إليها بالبنان في كل الأوطان.
اللهم احفظ أطفالنا على امتداد وطننا العربي..ويسر لهم الأحباب وجنبهم الصعاب..واهدهم للصواب، وافتح لهم في الخير كل الأبواب.