اضحكني شيعي .. وقهقهني سني – بقلم : وليد رباح

سخرية كالبكاء ….
بقلم : وليد رباح – نيوجرسي …
أنا كاتب هذه السطور لست منهم .. لست سنيا ولا شيعيا ولا اعرفهما .. كما لا اعرف المذاهب الباطنة والسلفية وما ظهر منهما وما بطن ..  انا اعرف ان لا اله الا الله .. وان محمدا رسول الله..  واعترف بالرسل والملائكة والغيب والكتب السماوية وشروط الايمان .. اما المذاهب والاجتهادات فاني اعتبرها الخزعبلات التي جعلتنا فرقا وشيعا واحزابا وسلفيين واخوانا .. فمالي انا بالشافعي والحنبلي والمالكي والخوئي والصدري والسيستاني .. احترمهم لانهم من صنف الانسان ومجتهدين .. ولكني لا التزم ولا اقتنع الا بما يمليه علي ضميري من الاخذ بالدين او ترك البعض منه ان كان لا يوافق عقلي .. لانه وضع لي قبل مئات السنين واجبرتني كتبهم على ان أكون منهم او غيرهم .. وبما انهم من المجتهدين فانهم يأخذون الاجر من الله ان اصابوا حتى وان اخطأوا .. اما نحن فان لم نأخذ منهم فنحن منحرفون .. وان اخذنا غضب الاخرون .. ولا نأخذ اجرا لا من هذا ولا من ذاك .. وكان الخوف يتملكني من ان أقول امام أصدقائي من الائمة ما أقوله في هذه الجريده .. فمن غضب منهم فله الحق في ان يغضب .. ومن رضي فله الحق أيضا بانه راض عما أقول …
ولما انه لم يجرؤ احد حتى الان ان يخطىء أولئك الذين وضعوا المآزق في طريق وحدتنا كأمة سواء كان مسلمة او مسيحية .. واندماجها في وحدة قومية للعيش بسلام .. فاني أقول وبملء فمي .. اني لا اعترف الا بكتب الله وانبيائه وشروط الايمان كما ذكرتها آنفا .. واني لا اتمسك بحرف واحد مما كتبه أولئك الذين ماتوا وشبعوا موتا وأصبحت عظامهم ترابا ولم نزل نقاتل انفسنا ان هذا صادق وذاك كاذب .. وان هذا أصاب وذاك اخطأ ..
ولم أورد هذه المقدمة الا لامر اضحكني واضحك من استضفته عندي في يوم عشاء .. كان صحافيا أمريكيا تعرفت اليه حديثا .. وكنا نشاهد في محطة تلفزيونية عربية بعض المظاهرات التي قامت في العراق بعد الغزو الأمريكي له .. وقد تقابل في تلك المظاهرات صفين من المتظاهرين فاقتتلا بالضرب بالأيدي والارجل والسلاسل .. فقال لي الضيف الأمريكي : أهذه مظاهرة تأييد لاحد وآخر .. أرى انهما يرفعان شعارات بالعربية ولكني لا افهمها .. قلت له ضاحكا .. هذا الجمع سني يقابل ذاك الشيعي .. وهما يقتتلان على أمر .. قال ما الامر : قلت وقد اشرت الى الصف اليميني .. ان هؤلاء يلحون في مظاهراتهم على ان عليا رضي الله عنه هو أولى بالخلافة من عمر .. ثم اشرت الى الصف اليساري فقلت هؤلاء من مؤيدي عمر ..  قال .. من علي ومن عمر .. ٍ؟ ثم تابع .. هل احدهما من الحزب الديمقراطي والأخر من الجمهوري .. ضحكت ملء فمي وقلت : يا ريتشارد .. علي كان خليفة المسلمين قبل الف وثلاثمائة عام .. وعمر أيضا كذلك .. واتباعهما يتقاتلان حتى اليوم بحجة ان هذا صائب وذاك مخطىء .. هذا ولي من الله وذاك ولي من العامة ..
بهت الرجل وقال : الفا وثلاثمائة عام .. قلت وربما الفا واربعمائة عام .. وفجأة استلقى الرجل على قفاه واخذ يضحك ويرفس برجليه في الفضاء وقال بعد ان ذهبت عنه بهجة الضحك .. اتعرف .. هؤلاء الناس مغفلون .. ثم قال : هل انت من احد أولئك ومن تؤيد .. عمرا ام عليا .. قلت : اؤيدهما معا .. فواحد جاء أولا ثم اتى الثاني ثانيا .. ولا فرق عندي في التواريخ .. فكليهما كان يحمل فكرا نيرا استطاع ان يخدم امته بالحكمة ومخافة الله .. ثم هدأ الرجل وقال وسرح نظره في فضاء الغرفة وقال : اتعرف .. انتم امة عظيمة .. لولا  انكم تتمسكون بالكتب الصفراء التي كتبت قبل مئات من السنين .. انهم تقرأونها اكثر ما تقرأون قرآنكم .. اتركوها ولسوف تعودون امة عظيمة كما كانت ..
قلت : اعدك ان افعل ذلك .. وضحكنا سويا .. وامتد الضحك الى حد الاستلقاء على ظهورنا حتى شبعنا ضحكا ودمعت عيوننا ..
لهذه الأسباب .. انا لست من هذا وذاك .. انا امتلك عقلا واستطيع استخدامه بصورة جيدا .. اما من يقودني فلربما كان عقله قاصرا فاقع في خطأ لا اريده لنفسي .. وتصبحون على الخير .