منوعات ….
طلال قديح ….
ظاهرة زادت واستفحلت، وغدت أمراً يتجدد ليلا ونهارا، فتطالعنا وسائل الإعلام ووكالات الأنباء، بأخبارمفزعة ومؤلمة، ترتعد لها الفرائص وتقشعر لها الأبدان، فتصطك الأسنان وتنهمر الدموع، وتتضاعف الأحزان..لم لا؟ والضحايا أبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء؟.. بغير ذنب اقترفوه أو جرم فعلوه..
غادروا الأوطان بعد أن اشتدت المحن واستشرت الفتن، وغاب الأمن والأمان في أرض الآباء والأجداد التي ولدوا وترعرعوا فيها وخالط حبهم لها نبض القلوب.
خدعتهم الدعايات الكاذبة والإعلانات المزيفة وغرتهم الوعود بالمن والسلوى في بلاد الغرب الحر والآمن كما تسوّق وسائل إعلامه ومن يسيرون في ركابه ..فيهرع المهاجرون من شتى أرجاء العالم العربي ، فيمتطون السفن والقوارب بالمئات ، تمخر بهم عباب البحار والمحيطات، وتعصف بها الأمواج والأعاصيرفتنقلب في الغالب رأسا على عقب وتقذف بهم في غياهب الظلمات، فيعلو الصياح والبكاء والاستغاثات..ولكن ، هيهات..هيهات، فقد بلغ السيل الزبى وسقط الضحايا بالمئات، لتتبخر الأحلام وتتلاشى الآمال في طرفة عين.
من يا ترى لهؤلاء الأبرياء؟ يناصرهم وينصحهم ويوجههم الوجهة الصحيحة نحو حياة مستقرة آمنة في ربوع الوطن بين الأهل والأحباب..وألا تغرهم المغريات والوعود الخادعات، والتى لم تكن يوما إلا سببا في الهلاك.
الغرب لا تهمه إلا مصالحه، فغدا المهاجرون سلعة يتاجرون بها، ويتخذونها وسيلة يوظفونها في تنافسهم في الانتخابات، فأخذوا يتوعدون ويهددون بإبعاد اللاجئين من بلادهم ، ضاربين عرض الحائط بديموقراطيتهم البراقة التي ظهرت على حقيقتها وبغير رتوش..؟؟ وكم خدعونا بها، لكن إلى متى؟؟.. فقد أمطر السحاب وانقشع الضباب وزال السراب، وبدا مروّعاً الخراب، فسكتوا عاحزين عن الجواب..؟؟
يا شباب العرب، تمسكوا بالبقاء في الوطن، مهما كانت المعاناة ومهما كانت الصعوبات..فلا شيء أغلى من الوطن.. ولا شيء يعدل الوطن:
ولي وطن آليت ألا أبيعه والا أرى غيري له الدهر مالكا
واهتفوا بصوت عال مجلجل:
-بلادي وإن جارت عليّ عزيزة وأهلي وإن ضنوا عليّ كرام
ورددوا صباح مساء، بشموخ وإباء، قول مصطفى صادق الرافعي:
– بلادي هواها في لساني وفي دمي يمجدها قلبي ويدعو لها فمي
ولا خير فيمن لا يحب بلاده ولا في حليف الحب إن لم يتيم
ومن تؤوه دار فيجحد فضلها يكن حيوانا فوقه كل أعجم
يا شباب..كفى..كفى..تجذّروا في الوطن ولا تفرّطوا في ذرة رمل من ترابه مهما كان الثمن..عيشوا في الوطن أحرارا أعزاء ولا يغرنكم ما يروجه الأعداء من أكاذيب لا تخدم إلا مصالحه وأجنداته المتغيرة وفق الأهواء.