تهب الرياح من كل اتجاه : هكذا افكر انا – بقلم : ادوارد جرجس

آراء حرة …..
إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك …
«وطن بلا كنائس خير من كنائس بلاوطن»
لايفهم تلك العبارة الوطنية البليغة إلا الكبار.. كبار العقل والإيمان والانتماء ، الصغار لا يصلون إلى مدارجها العليا. كلمات قالها البابا تاوضروس الثاني ، عندما حُرقت الكنائس في فترة القلاقل التي حدثت في مصر بعد 25 يناير 2011 . بعيداً عن وضع البابا الديني ، كم احترمته كرجل وطني يحب بلاده ، وكم أتعجب الآن من بعض الأقباط أو قلة منهم يعتبرون نشازا على الديانة المسيحية وعلى الوطنية المصرية الأصيلة ، يتربصون وينتهزون الفرص لمهاجمة البابا ، أقباط مصر عرفوا على مرالأزمنة بأنهم قدوة للوطنية ومحبة الوطن ، لكن للأسف قلة من الأقباط لا تعرف الوطنية ولا حب الوطن ، تطول ألسنتهم ضد قداسة البابا ، كلما سافر وأعلى قيمة مصر في الخارج ، وقال عنها قولا حسنا . أولئك المتباذئون انحرفوا عن وطنيتهم ، فلا يختلفون كثيراً عن أعداء مصر . وأصل الحكاية أنه قام قداسة البابا منذ فترة قصيرة بزيارة رعوية إلى بروكسل عاصمة بلجيكا من أجل تدشين كنيسة قبطية مصرية ” جديدة ” ، ومن وجهة نظر أي عاقل أن تدشين ” كنيسة قبطية ” على أرض أي دولة في العالم هو بمثابة ” غرس قطعة من أرض مصر ” في تلك الدول ، فالكنائس القبطية هي سفارات وطنية لنا في كل انحاء العالم ، وعل هامش تلك الزيارة استقبل البرلمان الأوربي قداسة البابا ، بوصفه سفيرا وطنيا لمصر ، وكالعادة سُئل البابا عن أحوال مصر ، وكالعادة قال قولا حسنا عن وطنه ، شأن كل مسئول وطني يعرف قيمة ” الوطن ” ويزن كلماته بميزان الذهب ، سُئل عن وضع الأقباط في مصر فقال : تحدث مشكلات كما تحدث في كل الدنيا ، لكن نحاول حل المشكلات في إطار الأسرة الواحدة ، فنحن بلد كبير به 100 مليون مواطن ، ومن المتوقع حدوث مشكلات كأي دولة في العالم ، المهم كيف نعالج تلك المشكلات ونحن نتقدم خطوات نحو المستقبل . كم أعجبني الرد الحكيم ، فلو اجتمع أدباء وساسة العالم ما أجابوا بهذه العبارة الموجزة التي تقطر بالمسئولية وتنضح بالوطنية . ” مسئولية ” الشعور بأزمات شعبه القبطي الذي هو مسئول عنه روحيا و ” وطنية ” الانتماء للواء الوطن الذي هو مسئول عن رفعته وعلو شأنه أمام العالم . لا ينكر أحد أن الأقباط المسيحيين ما زالوا يواجهون ” أثاراً ” من الطائفية والتمييز العَقَدي من الجهلاء والمتطرفين والمتأسلمين ، كذلك لا ينكر إلا جاحد أن تلك ” الأثار ” بدأت تخبو وتخفت ، ولا تقارن بما كان يحدث في سنوات قاسيات لا أعادها الله ، وأن الوضع الآن أفضل بمراحل عما سبق . الجاهل من ينكر أن أعداء مصر يتشوقون أن ينطق البابا بغير ما قال ، حتى تنطلق خناجرالعالم أجمع نحو قلب مصر . ألا يعلم الأقباط المتطاولون على اسم البابا أن أعداء مصر في كل مكان يتمنون أن يقر البابا بوجود فتن طائفية في مصر ، حيث تقع عقوبات دولية لا قِبل لنا بتحملها ونحن في لحظة بناء ونهوض . أرجو ألا يكونوا يعلمون ، فلو كانوا يعلمون فهم أعداء لمصر مع سبق الأصرار والترصد ، تحية للرجل الوطني قداسة البابا تاوضروس الثاني وكل من يُعلى أسم مصر عالياً .
edwardgirges@yahoo.com