اراء حرة …
إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك ….
كتبت من قبل عن الزيارة إلى القدس وأن قرار حرمان المسيحيين لا يجوز مهما كانت الجهة التي أصدرته لأن هذه الزيارة لا تعني أي شيء بالنسبة للتضامن مع القضية الفلسطينية ولا تقترب بأي صورة من مجرد التفكير بأنها خيانة لأن القضية الفلسطينية خاضعة لمقولة الشاعر ” السيف أصدق أنباء من الكتب .. في حده الحد بين الجد واللعب ” ، فإذا نظرنا إلى هذا القرار بمنطق العقل والتفكير فهو اللعب بالنسبة للمواقف الإيجابية التي غطت وتغط في النوم حتى الآن من حيث انعدام جدية الموقف العربي قبل الموقف العالمي . كتبت أيضاً بأنني أعتقد بأنني سأذهب إلى القدس ، تحولت الكلمات من مجرد الاعتقاد إلى الإيمان بالفكرة ، وها هو قلمي يكتب كلماته من الأرض المقدسة التي أُغتصبت دون وجه حق ويلعن جميع من ساعد على اغتصابها ويصب لعنة أكبر على كل من قود على هذا الاغتصاب ويستدعي كل اللعنات على كل من ينظر إلى هذا الاغتصاب وكأن الأمر لا يعني شرفه بل شرف كل البلاد العربية . أحسست بتمزق نياط القلب وأنا أتخيل أن كل المدن التي مررت بها وأنا في طريقي إلى القدس كان يمكن أن تكون بلادنا والعلم الفلسطيني يرفرف فوقها وأمد يدي لأقطف من تمر نخيلها ، سمعت صوت السيد المسيح مع أجراس الكنائس يقول لماذا تتركون ذكرياتي في يد من رفضوني ، كدت أمسك بتلابيب الضابط الإسرائيلي الذي ينظم الدخول إلى كنيسة المهد وأصرخ في وجهه ، ها أنتم تأكلون من خيرات السيد المسيح الذي أهنتموه ، أتلفت حولي وأشاهد الألاف من الزوار من كل بلاد عالم ، أسأل نفسي بمرارة من يجني ثمار هذه التجارة الرابحة ؟! ، لا يؤمنون بالسيد المسيح لكنهم يجنون الأرباح من وراء مزاراته . فكرة زيارة القدس لم تكن واردة في رأسي على الإطلاق بالرغم من استنكاري لقرار منع الزيارة ، الفكرة نبتت فجأة وألحت ، لماذا لا أذهب ؟ ، لماذا لا تكون زيارتي لأرى هذه الأرض التي أظهرت الضمائر على حقيقتها بين ميتة أو تعاني من سكرات الموت أو التي يسكتها أصحابها بالمغيبات ، أتخيل الغباء العربي الذي يخفي وجهه في كم جلبابه ولا يتعظ من الأحداث حوله وأن هناك من يريد أن يحول المنطقة كلها إلى فلسطين المغتصبة ، أرى فوهات البنادق نصوبها نحو صدور بعضنا البعض ، نقتل بعضنا بكل قسوة وكم هذه القلوب رحيمة على العدو الذي شرد النساء وسكر بدماء الأطفال ، صليت في كل مكان من أجل فلسطين ، قلت يا رب من فضلك أعد هذه المقدسات لأصحابها فهم أحق بها ، أعد صوت الأذان مع دقات أجراس الكنائس ، أعد الأرض إلى أصحابها فأنت الحق ، بضعة أيام قضيتها في القدس زادت من إيماني بأن هذه الأرض لن تعود سوى بأظافر شعبها ، قولوا يالله فقط ولا تعتمدوا سوى على أنفسكم أما هؤلاء ولا أريد تسميتهم أقول الضرب في الميت حرام ، جبت شوارع القدس وأنا أردد مع فيروز ، الطفل في المغارة وأمه مريم وجهان يبكيان .. لأجل من تشردوا .. لأجل أطفال بلا منازل .. لأجل من دافع واستشهد على المداخل.. واستشهد السلام في وطن السلام.. وسقط العدل على المداخل ..حين هوت مدينة القدس .
edwardgirges@yahoo.com