اللاجئون العرب في أوروبا..كالمستجير من الرمضاء بالنار – بقلم : طلال قديح

منوعات …
طلال قديح *
قالوا: الشرق شرقٌ والغرب غربٌ ، لا يلتقيان. وعليه فالعرب عربٌ  وهم الأهم في الشرق، فلا يمكن أن يكون هناك ود مع أوروبا التي جرعتهم الصاب والعلقم، واستعمرتهم ردحا طويلا من الزمن، أذاقتهم فيه كل ألوان البطش والظلم، حرمتهم الحرية  واستعبدتهم ونكلت بهم في  صور لم يشهد لها التاريخ مثيلاً.
ولو استعرضنا التاريخ قديما وحديثا، لوجدنا أن سبب كل ما حل بالعرب من نكبات ، إنما هو الغرب الظالم، بذرائع واهية ما أنزل الله بها من سلطان، وما اغتر بها العقلاء من بني الإنسان!
ظل العرب يعانون ظلم الغرب ويدفعون الثمن غاليا من دمائهم وثرواتهم وحريتهم واستقلالهم، ومع هذا كله يدعي الغرب أنه خلص العرب من ربقة الجهل والتخلف وأخذ بأيديهم نحو آفاق أرحب من الحرية والتعليم والتطور.
كبرت كلمة تخرج من أفواههم، إن يقولون إلا كذبا
عرف العالم كله العرب، فعرف معهم الحرية والتسامح بعيدا عن الحقد الأعمى الذي ميز الغرب عبر التاريخ، فعاث في الدنيا فسادا وإفسادا، واستعبد الشعوب وحرمها حقها في الحرية والعيش الهانئ الكريم.    وصلت الفتوحات العربية الإسلامية إلى قلب أوروبا، فكانت بمثابة طوق النجاة الذي انتشل أهلها من الغرق، ليعيشوا في حرية وكرامة، ويأخذوا بأسباب العلم والمعرفة.
وما الخلافة الأموية في الأندلس إلا أكبر برهان على ما تميز به العرب من تسامح وحسن معاملة، وما حققوه من إنجازات علمية عملاقة، تشهد لهم بطول الباع،  فقد فتحت أبواب العلوم والمعارف على مصاريعها لينهل منها كل راغب بلا عنصرية أو تمييز..وهكذا نهض الغرب على أكتاف العرب، ومضى طلابه ينهلون منها ما يحبون ، وقدوتهم العرب في كل الميادين والمجالات..                                وعلى النقيض من ذلك تماما، نجد أن الغرب الأوروبي عض اليد الممتدة بالعطاء إليه، فكان سبب كل ما حل بالوطن العربي الكبير من نكبات بدءا من الحروب الصليبية المقيتة والاستعمار البغيض مرورا بسايكس بيكو ووعد بلفور المشؤوم وضياع فلسطين ووصولا إلى الحاضر المؤلم، الذي يقاسيه العالم العربي من أقصاه إلى أدناه..قلاقل وفتن ودماء وأشلاء وموجات لجوء تنتهي بالغرق في البحار والموت بعيدا عن الديار.وجل من يدفعون الثمن أطفال أبرياء..لا ذنب لهم سوى أنهم عرب!! تطفو جثثهم على الماء  دون أن يهرع لإنقاذهم أحد من دعاة حقوق الإنسان؟
مناظر وحوادث تتكرر صباح مساء، تقشعر لها الأبدان ويشيب لهولها الولدان ، ومع ذلك يكابر الغرب الظالم ويتشدق بأكاذيب لا يصدقها عاقل ولا تنطلي على واع.
ولعل ذلك يميط اللثام عن الوجه القبيح لدعاة حقوق الإنسان في الغرب،  ويفند مزاعمهم وادعاءاتهم التي يغررون بها الأبرياء ويضللون بها العقلاء، فيعرفهم العالم على حقيقتهم بلا رتوش أو تجميل.
اعتبروا واتعظوا يا عرب، فلا سبيل لود مع الغرب بعد أن جربناه قرونا طوالا، لم تزده إلا غدرا وعدوانا، وتسلطا وغلوا، ولا مجال لأن نجري وراء سراب خادع. فالحقيقة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ولا يمكن تغطيتها بغربال..
أفيقوا يا عرب من نومتكم واصحوا من غفلتكم، وشمروا عن سواعدكم، وانطلقوا نحو بناء وتنمية وطنكم، فهو أحوج إلى جهودكم، اليوم أكثر من أي زمن مضى.. لا تكترثوا بما يروّج ضد العرب من ترهات وخزعبلات، فهم أعظم وأشرف الأمم، دعاة سلام وبناة حضارة سجلها التاريخ في صفحاته بأحرف من نور تضيء للأجيال طريقها نحو الأفضل، نحو العزة والكرامة.
أيها اللاجئون العرب، عودوا إلى وطنكم ، ولا تغادروه مهما كانت الصعوبات والتحديات، وليكن إيمانكم به قوياً راسخاً لا يتزعزع، فلا شيء يعدل الوطن. واهتفوا يصوت عال مجلجل يُسمع الدنيا كلها:
بلادي وإن جارت عليّ عزيزة  وأهلي وإن ضنوا عليّ كرام
*كاتب ومفكر عربي