سياسة واخبار ….
بقلم : جيمس زغبي – واشنطن …..
كشف دونالد ترامب وزملاؤه في الحزب الجمهوري عمق الانقسام في المواقف تجاه دور المواطنين المسلمين في المجتمع الأميركي، وأظهرت استطلاعات الرأي التي أجراها مركز «زغبي» أن الانقسام قائم بدرجة أكبر من مجرد التصريحات، بل هو ديموغرافي أكثر من كونه حزبياً، ولم يعد يتعلق كثيراً بالنظريات الفلسفية السياسية المتنافسة، وإنما بات مرتبطاً أكثر بالمجموعات التي تشكل حالياً التيار السائد في كل حزب.
وبصراحة فإن الخوف من المسلمين لا يتعلق فقط بأثر ما يقوله هذا المرشح أو ذاك، لأن الآراء التي يعرب عنها المرشحون هي انعكاس لما يعتقده أفراد قاعدة الناخبين البارزين في كل حزب. ويُعرّف الحزبان الرئيسيان في الولايات المتحدة بالمجموعات الديموغرافية المختلفة من الأميركيين الذين يشكلون أنصار الحزب الأساسيين.
وعندما يُصر المرشحون الجمهوريون، مثلاً، على أن المسلمين يجب عدم الوثوق بهم، وأنه يتعين حظر المهاجرين المسلمين، أو أنه يتوجب تمييز المسلمين، أو عندما يتعهد مرشحون بعرقلة التزام الرئيس أوباما باستقبال لاجئين سوريين في الولايات المتحدة، أو يزعمون أن أوباما مسلم سراً.. فإنهم يكررون آراء الغالبية الكبرى من الناخبين الجمهوريين الأساسيين. ويؤكد استطلاع الرأي الذي أجريناه ذلك، وهي الحقيقة التي يتوجب فهمها ومعالجتها.
واستطلع مركز «زغبي» آراء ما يزيد قليلاً على ألف شخص من الناخبين المحتملين بعد أيام معدودات من تصريحات ترامب التي طالب فيها بحظر دخول المهاجرين المسلمين إلى الولايات المتحدة. وتوصل إلى أن ترامب لا يزال متقدماً بشكل كبير على بقية المنافسين في الحزب الجمهوري، بتأييد 38٪ من الناخبين الجمهوريين المحتملين، وبنسبة 56٪ تتقدم هيلاري كلينتون أيضاً على منافسيها الديمقراطيين.
وسألنا المستطلعين حول مواقفهم تجاه الأميركيين العرب والمسلمين الأميركيين، وكانت النتائج مزعجة، إذ عكست آراء كل من الديمقراطيين والجمهوريين تبايناً واضحاً بينهما. فمثلا، بينما كان 51٪ من الديمقراطيين لديهم آراء مؤيدة للأميركيين العرب مقارنة بـ23٪ لديهم آراء غير مؤيدة، و44٪ مؤيدون للمسلمين الأميركيين مقابل 28٪ من غير المؤيدين، كانت مواقف الجمهوريين مختلفة، إذ إن 34٪ فقط من الجمهوريين يؤيدون الأميركيين العرب، مقابل 44٪ لا يؤيدونهم، بينما كانت نسبة التصويت 26٪ لصالح المسلمين الأميركيين، مقابل 53٪ ضدهم.
وأظهر الاستطلاع أيضاً آراء مختلفة بصورة مماثلة بشأن ما إذا كان الناخبون يشعرون بأن الأميركيين العرب أو المسلمين الأميركيين يمكن أن يخلصوا في الاضطلاع بمسؤولياتهم في الوظائف الحكومية. وفي كل حالة، وافق الديمقراطيون على أنه يمكنهم ذلك، بينما أظهر غالبية الجمهوريين شعروا بأن الأميركيين العرب أو المسلمين سيتأثرون على نحو غير ملائم بعرقيتهم أو عقيدتهم الدينية.
وبدا ذلك الانقسام واضحاً في الرد على أسئلة بخصوص ما إذا كان ينبغي تمييز المسلمين الأميركيين أو الأميركيين العرب، أو ما إذا كان ينبغي قبول اللاجئين السوريين في الولايات المتحدة، إذ أكد ستة من كل عشرة ناخبين جمهوريين أن الأميركيين العرب والمسلمين الأميركيين ينبغي تمييزهم، ورفضت النسبة ذاتها هدف الرئيس قبول عشرة آلاف لاجئ سوري سنوياً.
وكانت الفجوة المقلقة بدرجة أكبر رداً على سؤال بشأن دين الرئيس، إذ أعرب واحد فقط من كل عشرة ديمقراطيين عن اعتقاده بأن الرئيس أوباما ربما يكون مسلماً، بينما يؤكد سبعة من كل عشرة جمهوريين أن أوباما إما أنه مسلم (بنسبة 49٪) أو أنه ليست لديه عقيدة على الإطلاق (19٪).
وفي كل موقف، يخفي ذلك الانقسام الحزبي انقساماً ديموغرافياً أعمق، حيث يشكل كبار السن، والبيض، والناخبون الأقل تعليماً، خصوصاً هؤلاء الذين يعرفون أنفسهم بأنهم «مسيحيون ولدوا من جديد»، النسبة الأكبر من الجمهوريين، بينما يشكل الأميركيون الأفارقة واللاتينيون والشباب والناخبون المثقفون الجانب الديمقراطي.
وقبل وقت قصير، استضفت محللاً إستراتيجياً جمهورياً بارزاً في برنامجي التليفزيوني الأسبوعي، وسألته عن السبب في أن مؤسسة الحزب الجمهوري لم تكن أكثر حزماً في اعتراضها على تصريحات ترامب. وكانت إجابته كاشفة، فمن ناحية، لأن ترامب وكارسون وتيد كروز مرشحون ضد المؤسسة، لذا أي هجمات من شأنها أن تعزز حجتهم، وبالنظر إلى أن المرشحين الثلاثة لديهم تأييد نحو 60 في المئة من أصوات الجمهوريين، فإن المؤسسة قلقة من مخاطر الانخراط في استعداء هذه القاعدة الكبيرة في حزبهم.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، انتقد بعض قادة الحزب الجمهوري مواقف ترامب المتهورة، لكن السيناتور ليندساي جراهام ميّز نفسه برفض ترامب وآرائه بملء فيه.
ولأننا عالقون في وضع مخيف، لابد ألا تأخذنا رأفة في المواجهة، من أجل أمننا في الحاضر واستقرارنا في المستقبل، ولا يسعنا سوى أن نأمل أن يحذو كثير من قادة الجمهوريين حذو جراهام