هل يكتب جون كيري الفصل الأخير لهبة القدس..؟

سياسة واخبار(:)
بقلم: د. أشرف طلبه الفرا – فلسطين المحتلة (::)
من المنتظر أن يقوم وزير الخارجية الامريكي جون كيري بزيارة للمنطقة الاسبوع الحالي ليجتمع مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنتنياهو ومع الرئيس محمود عباس، وتعتبر هذه الزيارة الثانية منذ اندلاع الهبة الشعبية في بداية اكتوبر الماضي، حيث اجتمع بشكل منفصل مع الرئيس محمود عباس، ونتنياهو، وملك الأردن عبد الله الثاني، بهدف بحث خطوات لبناء الثقة وتهدئة الأوضاع بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي خوفاً أن تتطور الأوضاع عند الفلسطينيين إلى انتفاضة ثالثة، إلا أن الزيارة قد فشلت في تحقيق هذا الهدف، حيث لا تزال الهبة الشعبية مستمرة رغم مرور أكثر من شهر على انطلاقها.
والجديد هنا أن الزيارة تأتي في ظل الأحداث الأخيرة التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس من تفجيرات إرهابية أودت بحياة أكثر من 129 قتيلاً إضافة الى وقوع 352 مصاباً، والتي قد تؤثر بشكل سلبي على استمرار الهبة الشعبية في القدس وباقي المدن الفلسطينية، لا سيما في ظل الدعوة لتشكيل تحالف دولي موسع لمكافحة العمليات الارهابية، وقيام إسرائيل بدفع الهبة الشعبية نحو اعتبارها استكمالاً للعمليات الارهابية في المنطقة، بهدف  تشويه سمعتها وصورتها لدى الرأي العام.
وهو ما سوف يضع القيادة الفلسطينية تحت الضغط والابتزاز من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل بهدف إشراكها في كبح جماح الهبة الشعبية ومحاصرة الاشتباكات التي تغذيها. وعليه، يجب على القوى الوطنية والإسلامية أن تستوعب مخاطر انزلاق الهبة الحالية في العنف أو اللجوء إلى السلاح، ذلك أن انزلاق هذه الهبة نحو العنف كفيل بالقضاء عليها لأنها تواجه نظاما إسرائيليا وصهيونيا استيطانيا يتأسس على العنف. ولا شك أن تجنب عسكرة الهبة الحالية يمنحها الأمل في الاستمرار، وإحراج إسرائيل أمام الرأي العام العالمي وكشف تعنتها للعالم في الاستيطان واقتحام المسجد الأقصى المتكرر وخرق الأمر الواقع في المدينة المقدسة، بشكل يعمل على تعزيز موقف السلطة في أي عملية تفاوضية بالمستقبل.
كما أن توازنات القوى في منطقة الشرق الأوسط، بل والعالم أجمع على لم تمضي وتيرة واحدة، إذ تتحول وفقاً لطبيعة وتقلبات البيئة الداخلية لدولها من ناحية، ومدى استجابتها لضغوط البيئة الخارجية من ناحية أخرى، ما يؤثر على سلوك وادوار بعض الدول، إذ تتغير وفقاً لما تقتضيه مصالحها، حيث يتحول أصدقاء الأمس إلى أعداء اليوم والعكس. وقد اتضح هذا في تغير بعض المواقف الدولية تجاه إسرائيل، وللمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي، نسمع عن وزراء ومسؤولين إسرائيليين رفعي المستوى  يعجزون عن زيادة ألمانيا وبريطانيا أو اسبانيا، بسبب صدور أحكام بالسجن ضدهم هناك؛ بسبب الجرائم التي ارتكبوها في قطاع غزة، واصبحت إسرائيل تعاني من حالة حصار سياسي، واتساع دائرة المقاطعة التي تتعرض لها اقتصاديا وأكاديميا، لا سيما على الساحة الأوروبية التي تضررت مصالح بعض دولها بسبب سياسة إسرائيل الاستيطانية التي تواجه معارضة واسعة.
وأعتقد أن القيادة الفلسطينية وباقي القوى الوطنية والاسلامية يجب أن لا تحد عن تلك القاعدة، إذ عليها أن تمر بمرحلة تحول استراتيجي وإعادة تموضع على الصعيدين الداخلي والخارجي فكراً وسياسةً وسلوكاً، وأن تطور الآليات والأساليب المستخدمة في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، وتوظيفها لصالح الشعب الفلسطيني، وهذا يتطلب ضرورة استعادة الوحدة الوطنية لترتيب البيت الداخلي بإنهاء الانقسام، والخروج برؤية سياسة موحدة تخاطب العالم الخارجي، والعمل على تكثيف التحرك نحو الآليات الدولية بمختلف أشكالها بالتزامن مع استمرار الهبة الشعبية بشكلها السلمي، وبالتنسيق مع الدول العربية من أجل الوقف الفوري لاعتداءات الاحتلال الاسرائيلي في القدس وباقي المدن الفلسطينية بالضفة وقطاع غزة، وتحديد سقف زمني لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 4 يونيو عام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضايا الوضع النهائي.
وباختصار ليس ثمة ضمان غير ما سبق لاستمرار الهبة الشعبية، وافشال محاولة وزير الخارجية الامريكي في كتابة الفصل الأخير لنهايتها.